المفرزات الرمضانية “ملاذ” ربات بيوت لزيادة دخل أسرهن

مع بداية شهر شعبان، تبدأ الكثير من النساء تنفس الصعداء مع اقتراب شهر رمضان المبارك الذي يرافقه الخير والبركة والرزق، وفق ما تأمل الأربعينية أم العبد التي تبيع منتجاتها البيتية كل عام بأيام الشهر الفضيل.

تشهد منتجات أم العبد إقبالا كبيرا، بحسبها، إذ تبدأ بتحضير أصناف مختلفة بحب ونكهة الأمهات والجدات منذ منتصف شهر شعبان وخلال شهر الصيام، وذلك لارتباط منتجاتها بالمائدة الرمضانية بشكل رئيسي.

في مطبخها الصغير، تحضر أم العبد خضراواتها الطازجة واللحوم البلدية والأجبان البلدية استعدادا لاستقبال شهري شعبان ورمضان اللذين يزداد خلالهما الإقبال على شراء المنتجات، حيث تبدأ بأخذ التواصي منذ بداية شعبان وحتى في العشر الأواخر لرمضان من خلال مواقع التواصل الاجتماعي و”واتس أب”.
وتتميز أم العبد بمنتجاتها المنزلية، مثل الكبة بأنواعها المختلفة، والسمبوسك بحشواتها كافة، وكذلك الششبرك والمعجنات بأشكالها المختلفة، فضلا عن تلبيتها لإعداد جميع ولائم رمضان من ورق العنب والملفوف والمنسف والكبسة والأوزي وخلافه.
وتقول أم العبد “رمضان شهر خير وبركة، وربنا يطرح البركة في الإنتاج والبيع، والحمد لله اللي يشتري مني مستحيل ما يرجع يوصي”، لافتة إلى وجود الكثير من الزبائن الذين حفظت طلبياتهم سنويا وأصبحت تحضرها قبل الطلب.
وفي منزلها البسيط ومعداتها اليدوية، تستثمر نور محمد بركات الشهر الفضيل، بزيادة دخل أسرتها وإعالة أطفالها بعد انفصالها عن زوجها.
بمشروع منزلي بسيط ومتواضع، تحاول نور إدارة أمور بيتها المالية وتلبية طلبات أطفالها من خلال موهبتها في الطبخ وطريقتها المميزة في تحضير الكبة والسمبوسك، واللافت في ذلك هو قناعتها في الربح القليل لتساعد الأسر الكبيرة على شراء الكبة والسمبوسك، وإسعاد أبنائها في شهر رمضان المبارك.
لم تتوقف نور مكتوفة اليدين أمام الظروف الاجتماعية التي تعيشها، فانتظار الوظيفة، بحسب قولها، أمر شبه مستحيل، ما دفعها للتفكير بتحضير الكبة التي عرفت بإتقانها بين معارفها، وكذلك السمبوسك والششبرك وجميع أنواع المفرزات التي تحتاجها ربات البيوت في شهر الصيام.
وتحاول نور الترويج لمنتجاتها عبر أقاربها وجيرانها ومعارفها في القرية التي تسكن بها، ومؤخرا، أصبحت تستخدم خاصية “الستوري” عبر تطبيق “واتساب”، ليتمكن الناس من رؤية منتجاتها وشرائها.
وتقول نور “في البداية، قمت بتوزيع عينات من منتجاتي واحتسبت الأجر عند الله لأحظى بثقة الناس”، وبحسبها “كانت الطريقة الناجحة التي مكنتها من إقناع الناس بنظافة وميزة منتجاتها أنها تراعي مخافة الله في تحضيرها”.
ومن جهة أخرى، تعج مواقع التواصل الاجتماعي، ومنذ بداية شهر رمضان المبارك، بالعديد من حسابات ربات البيوت اللواتي يحضرن المنتجات الرمضانية، وما تحتاجه ربات البيوت لتكتمل المائدة الرمضانية بكل ما لذ وطاب وبأسعار تعد مناسبة للكثيرين.
وتتميز هذه الصفحات التي بدأت منذ أيام الإعلان عن توفير مفرزات رمضان، بالتنافس في الأسعار والعروض الرمضانية وتقدم أصنافا مختلفة وبحشوات مختلفة، لتناسب جميع الفئات وتمنح المشتري خيارات متعددة، كاللحوم البلدية واللحوم المستوردة، وكذلك الأجبان بمختلف أنواعها، حشوة ممتلئة وحشوة متوسطة، وأيضا بالرغبة في إضافة المكسرات.
اللافت في هذه الصفحات هو التفاعل الكبير من قبل ربات البيوت اللواتي يتهافتن على هذه الصفحات، ويبدأن في حجز طلبياتهن لشهر رمضان المبارك، رغم وجود هذه المفرزات في الأسواق ومن قبل شركات الأغذية، إلا أن البحث عن النظافة والنكهة المنزلية المميزة هو ما يدفعهن للجوء إلى هذه الصفحات، وفق التعليقات المرفقة بتلك الصفحات.
وفي كل عام، تحرص الموظفة روان الأدهم على شراء مفرزات شهر رمضان المبارك من الكبة والسمبوسك والششبرك منذ منتصف شعبان من إحدى النساء اللواتي يقمن بتحضيرها في المنزل، والتي تتعامل معها منذ أكثر من خمس سنوات.
ما يميز هذه المفرزات، بحسب الأدهم، هو نكهة الأمهات ورائحة البهارات التي اعتدنا شم رائحتها في البيت، فضلا عن النظافة والترتيب، وكذلك السعر المناسب الذي يشجعها وجميع أفراد أسرتها وكذلك صديقاتها على الشراء كل عام.
وتلفت الأدهم إلى أن شراء مفرزات من ربات البيوت آمن جدا ويخلو من المواد الحافظة، فضلا عن كونه طازجا؛ حيث تحضر الطلبيات لكل شخص حسب رغبته، وليست مفرزات مكدسة كما هو الحال في الأسواق.
وتلفت، باعتبارها أما لثلاثة أبناء توائم، إلى أن تحضير هذه المفرزات صعب جدا بالنسبة لها لعدم وجود الوقت الكافي، كذلك في العزائم، إلا أن وجود نساء يصنعن تلك الأصناف بجودة عالية، مع توفر شروط الصحة والسلامة العامة، هو أمر في غاية الأهمية، فضلا عن الأسعار المقبولة.
في حين يفضل خالد الدباس شراء المفرزات الرمضانية كافة من إحدى الجارات في الحي، والتي اعتاد سكان المنطقة الشراء منها، وذلك لتميز منتجاتها ونظافتها من جهة، ورغبة منه في دعمها والوقوف إلى جانبها وكذلك تشجيعها على الاستمرار في العمل.
ومن جهته، يشير اختصاصي علم الاجتماع الاقتصادي حسام عايش، الى أن شهر رمضان يعد موسما مهما للكثير من النساء اللواتي يعتمدن عليه في تحسين أوضاع عائلاتهن المعيشية من خلال إنتاج أصناف رمضانية، ويبدعن بأفكار جديدة تتعلق بسلع لها علاقة برمضان ويقبل الناس على شرائها، وبالتالي يتم استغلال هذا الأمر للحصول على دخل وتسويق وبيع منتجاتهن.
ويسهم تسويق المنتجات عبر وسائل التواصل الاجتماعي “أون لاين”، بحسب عايش، بالوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس، وبالتالي يتوسع نشاط السيدات ليصل إلى المحافظات الأخرى، في الوقت الذي سهلت فيه أيضا المحافظ الإلكترونية ميزة الدفع عن بعد، وبالتالي أصبح من السهولة على النساء البقاء في المنزل خلال شهر رمضان المبارك واستثمار مهاراتهن سواء بإنتاج الأطباق الشعبية أو أنواع جديدة وبيعها.

منى أبوحمور/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة