“الزمالية” بالغور الشمالي.. بلدة مهمشة تعيش بالزمن الماضي

صورة من صور التهميش، ترسمها أوضاع بلدة الزمالية في لواء الغور الشمالي، في لوحة لا مكان فيها إلا للون واحد، يعكس قتامة الحياة اليومية، التي تحكي قصة من الزمن الماضي، حيث كانت الشوارع ترابية وزرائب المواشي جزء لا يتجزأ من الامتداد العمراني، بينما قطاعات التعليم والصحة والنظافة، لا تخضع لمعاير خدمات العصر الحديث.

الزمالية، رغم ميزاتها السياحية، وأهمية موقعها لوجود معبر وادي الأردن فيها، يعيش سكانها الذين يقدر عددهم بنحو 4 آلاف نسمة وتتبع لبلدية طبقة فحل، أوضاعا قلما توجد بالعصر الحديث، إذ يؤكد سكانها أن بلدتهم مهمشة، فشوارعها ترابية ومدارسها مكتظة وتغيب عنها الحدائق والمتنزهات، فيما أكثر ما ينتشر في البلدة، البيوت المهجورة وحظائر الأغنام والأبقار بين المنازل.

ومن أبرز ما يعانيه السكان جراء انتشار الحظائر، تسببها بانتشار الأمراض الجلدية المختلفة ومن أخطرها مرض “اللشمانيا”.
أهالي البلدة الذين يصنفون منطقتهم ضمن المناطق الأشد فقرا، يرون أن بلدتهم منسية، وتكثر فيها التحديات والمشاكل، فلا وجود لمدارس ثانوية للذكور، بينما المركز الصحي لا يفي باحتياجات السكان في ظل التوسع العمراني والتزايد السكاني الذي تشهده البلدة.
يقول أحد السكان، محمد الطويسات، وفيما يخص انتشار الزرائب، مشكلة السكان المستعصية، إن ما يمنع أهالي المنطقة من اتخاذ إجراءات قانونية بحق أصحاب الزرائب، بعض الاعتبارات الاجتماعية، مستدركا “لكن الأمور تجاوزت حدها بسبب تزايد أعدادها وغياب الجهات المعنية عن ضبط الأمور”.
وتابع: “الحظائر تنتشر بين منازل السكان وفي كل مكان، لكن الجهات المعنية لم تتخذ أي إجراء لوقف انتشارها وتكتفي بإجراءات الكشف عليها”.
وأكد أن شوارع المنطقة ومنذ زمن بعيد، لم تشهد أي تغيير هندسي أو عمل أي من الخلطات الإسفلتية، ومن الصعب أن تسير عليها المركبات جراء كثرة الحفر والمطبات، وبعض الشوارع ما تزال ترابية ومن الصعب استخدامها حتى في السير على الأقدام.
وقال، “أغلب سيارات البلدة تتعرض للعطب الدائم وتحتاج الى عمليات إصلاح متكررة جراء الشوارع المهترئة، ما يرهق جيوب المواطنين غير القادرين أصلا على تأمين مصاريف الحياة اليومية”.
ولفت إلى وعود متكررة قطعتها الجهات المعنية وفي مقدمتها البلديات، تجاه حل مشكلة البيوت المهجورة والخرائب المنتشرة في معظم مناطق اللواء وليس فقط بلدة الزمالية، غير أن تنفيذها قيد الانتظار.
الطويسات ليس الوحيد الذي يلحظ ما تعانيه البلدة من تأخر بالخدمات، إذ إن جولة واحدة بين شوارع ومنازل البلدة كافية لترسم انطباعا حول ما يعانيه السكان من تحديات يومية تحتاج إلى جهد ووقت لحين تصويبها وإعادة البلدة من الماضي.
علياء العلي من ذات المنطقة، تقول فيما يخص واقع المدارس، إن مدارس الزمالية وخصوصا المرحلة الأساسية مكتظة بالطلبة والطالبات، ما يحرم العديد من الطالبات الحصول على حقهن بالتعليم، لافتة إلى أن ذلك أجبرها على تسجيل ابنتها الصغيرة في مدرسة خاصة تبعد عن المنطقة حوالي 5 كيلومترات، لكي تتمكن من تأسيسها بأهم مرحلة تعليمية، رغم أن ظروفها المادية الصعبة لا تسمح لها بذلك، قائلة “كان ذلك على حساب تفاصيل حياتنا اليومية، ولكن المهم أن أوفر لابنتي تعليما سليما”.
وتعاني البلدة من انتشار العديد من البيوت المهجورة، وهي عبارة عن بيوت من الطين والقش، وتشكل بؤرا خطرة، بعد أن أصبحت مرتعا لأصحاب السوابق والمتسكعين، وهو أمر تعزوه بلدية طبقة فحل وفقا لمصدر فيها إلى معيقات فنية وقانونية، تحول دون تمكنها من إزالة هذه البيوت، إذ إن أصحابها إما أنهم قد ماتوا، ما يعيق الوصول إلى الورثة لتوجيه إنذار بالهدم، حيث يمنع القانون هدم أي بناء دون تبليغ أصحابه أو أن أجزاء من تلك المنازل مؤجرة لعمال وافدين، الأمر الذي يحول دون هدمها أيضا.
هذا التحدي يتحدث عنه عضو اللجنة اللامركزية إيثار الرياحنة، بقولها إن بعض عمليات الهدم والإزالة لبيوت مهجورة والتي قامت بها مجالس سابقة عادت بمشاكل على البلدية. وأوضحت أن عمليات الإزالة لم تكن تستند لأسس فنية وقانونية صحيحة، رغم إقرارها بتعدد الأذى الذي تخلفه هذه البيوت، سواء من حيث تشكيلها لمكاره صحية وبيئية، أو أمنية بتحول بعضها إلى بؤر لأصحاب السوابق.
وقدرت الرياحنة عدد البيوت المهجورة التابعة لبلدية طبقة فحل بحوالي 20 بيتا، ناهيك عن البيوت الموجودة في مناطق البلديات الأخرى التابعة للواء ولم يتم حصرها.
في ذات الوقت أكدت أن البلدية تتعامل مع البيوت المهجورة من خلال شكاوى المجاورين، أو من خلال الجولات التي تقوم بها أجهزة البلدية، كما أن هدم تلك المنازل المهجورة يعتمد على أصحابها، موضحة أن على صاحب المنزل تقديم استدعاء إلى رئيس اللجنة الصحية في المتصرفية، وعلى إثر ذلك يقرر متصرف اللواء إزالة ذلك المبنى بمشاركة العديد من الجهات المعنية كالبلدية والأشغال والكهرباء.
عودة إلى تحديات البلدة، فإن المركز الصحي فيها لم يسلم من انتقادات السكان الذين يؤكدون أن موقعه بمبناه المستأجر يشكل خطورة على حياة المراجعين كونه يقع على حافة واد.
ويطالب محمد الخالد من الجهات المعنية ضروة نقل المركز الصحي إلى مكان مناسب، نظرا لوقوعه على حافة الوادي، ما يشكل خطورة على حياة المراجعين وخصوصا النساء اللواتي يحملن أطفالهن، وفي كثير من الأحيان يضطر المراجعون إلى عبور الوادي في فصل الشتاء، حيث يكون ممتلئا بمياه السيول.
وطالب بزيادة عمليات رش المنطقة بالمبيدات الحشرية، نظرا لانتشار البعوض والذباب بشكل كبير في فصل الصيف جراء وجود الزرائب وعدم وجود عمليات رش دورية.
وقال فيما يخص عملية التزويد المائي، إن المياه تصل للمنطقة بشكل ضعيف، الأمر الذي يتطلب من سلطة المياه تقوية عملية الضخ وزيادة عدد ساعاتها، لافتا إلى أن المنطقة تخلو من متنزه أو حديقة، إذ يجب الاهتمام بها من الناحية السياحية نظرا لوجود الآلاف من المتنزهين الذين يرتادونها كونها نقطة عبور إلى بقية مناطق الأغوار، وتتمتع بطبيعة جميلة ومناظر خلابة.
بدوره، يؤكد مصدر من بلدية طبقة فحل أن وضع النظافة في المنطقة جيد، وأن هناك مشروعا لتعبيد الشوارع، حيث سيتم فتح عطاء خلطة إسفلتية في الأيام المقبلة، مشددا على أن الزمالية ستكون من ضمن المناطق التي تحظى بالأهمية والأولوية.
وأكد أن البلدية تقوم بعمل حملات رش للمنطقة باستخدام المبيدات الحشرية، ويتم رفع وإزالة النفايات بشكل مستمر.
من جانبه، أكد مصدر من صحة اللواء، أن المركز الصحي مستأجر وهو مركز فرعي يخدمه طبيب بمعدل 3 أيام في الأسبوع بواقع ساعتين يوميا، مشيرا إلى أن جميع الأدوية في المركز الصحي متوفرة وخصوصا الأدوية المزمنة.
وأشار إلى أن المركز لا يراجعه إلا عدد قليل من سكان البلدة، وبالتالي فإنه كاف لسد احتياجات البلدة في الوقت الحالي، مبينا أن هناك بعض الصيانات الدورية التي تجرى عليه بين الفينة والأخرى، كما يوجد بالقرب من المركز العديد من المستشفيات والمراكز الصحية الشاملة التي بإمكان السكان مراجعتها والاستفادة من خدماتها.
ومن جانبه، أكد مدير التربية والتعليم للواء الغور الشمالي محمد الشرمان أن الوزارة تسعى للتخلص من المدارس المستأجرة بشكل عام، وخلق بيئة تعليمية مناسبة وآمنة لكافة الطلاب.
وفيما لم يشر بشكل مباشر إلى وجود أي تصور حول مشاكل مدارس الزمالية، شدد على أن هناك خططا مستقبلية لتحديث المدارس باللواء، فضلا عما تم القيام به مؤخرا بإدخال وسائل التبريد لمدارس اللواء.

علا عبد اللطيف/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة