الإذاعة الأردنية في عيدها.. صوت الحق المنافح عن العروبة والإسلام
منذ 65 عاما وإذاعة المملكة الأردنية الهاشمية تطّل علينا إذاعة بصوت هو الأكثر دفئا وحيوية والمنبر الحر الذي يسلط الضوء على الحدث برؤية أعمق تبثه عبر أثيرها للعالم أجمع ما جعلها الأداة الأكثر فاعلية في الفضاء الإعلامي.
وفي عيدها الخامس والستين لتأسيسها الذي يصادف غدا الجمعة ما تزال الإذاعة الأردنية تحمل أحلام جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه ببناء أردن مزدهر متقدم التي عبر عنها عند افتتاحه الإذاعة الأردنية بقوله، “إن الأردن اليوم وهو يصغي إلى صوته الحي المنافح عن حياض العروبة والإسلام يحمل في ثناياه صور المجد وتشع من أعماقه هالات القداسة وأنوار الهداية إنما يجد نفسه قادرا على إنارة الطريق أمام السائرين وإضاءة السبيل أمام السالكين وسبيله هو سبيل الرحمن ودعوته الخيرة وحدة وتراحم وإخاء”.
في ذلك اليوم الأول من اذار عام 1959 انطلقت “هنا عمان، إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية” بصوت صلاح أبو زيد من استودياتها بمنطقة أم الحيران، ومحطة إرسال عمان الواقعة على طريق عمان – ناعور، لإيصال صوت الأردن القوي ليصل الى العالم أجمع، وظلت على مدى عقود الشاهد على ازدهار الوطن وتحولاته الكبرى منذ أن بدأت بأربعة ستوديوهات، كما يقول مديرها مهند الصفدي لوكالة الأنباء الأردنية (بترا).
الآن، يقول الصفدي، توسعت الإذاعة الأردنية لتضم حالياً خمس إذاعات هي: البرنامج العام، ويعتمد على أسس وقواعد مضامين الخطاب الإعلامي للدولة الأردنية وإبراز مفهوم الأردن أولاً، وطرح رؤية الأردن ورسالته بصورة فعالة لتكون منبرا إعلاميا وطنيا حقيقيا ينقل رسالة الأردن وصورته الحضارية ومنبراً حراً للمواطن والمسؤول على اختلاف مواقعهم، إضافة إلى إذاعة القرآن الكريم التي أسهمت في ترسيخ مفاهيم الوسطية والاعتدال وإظهار الصورة الصحيحة للدين الإسلامي السمح انطلاقا من رسالة عمان وكلمة سواء، لتستحوذ على نسبة استماع عالية، وكذلك إذاعة “عمان FM”، المعنية بالشباب، وتقديم الأخبار والبرامج الثقافية والاجتماعية والمقابلات والمسابقات وغيرها من البرامج المفيدة لفئة الشباب.
ويشير الصفدي كذلك الى الإذاعة الأجنبية التي تنقل خطاب الدولة الأردنية باللغة الإنجليزية ومواقف الأردن السياسية حيال جميع القضايا المحلية والعربية الإقليمية والدولية، من خلال برامجها ونشرات الأخبار وشرح سياسته المعتدلة ورسالته النهضوية على جميع الصعد، بالإضافة إلى ترويج الأردن سياحيا، وتغطية التظاهرات والمهرجات الثقافية والفنية للهيئات الدبلوماسية الأجنبية ومراكزها الثقافية، فضلا عن إذاعة اربد الكبرى وهي إذاعة مجتمعية تعمل على ترسيخ القيم والعادات والتقاليد السليمة.
ولفت إلى أنه منذ تأسيسها أخذت الإذاعة على عاتقها إبراز الهوية الوطنية ضمن ثوابت الدولة الأردنية، معتمدة في عملها على مضامين الخطاب الإعلامي للدولة الأردنية، ساعية للتطوير والتحديث ومتابعة كافة المستجدات لتقديم رسالتها الإعلامية عبر الإذاعات المنبثقة عنها، من خلال برامجها وأخبارها ملتزمة في كل ذلك بالموضوعية والحيادية.
وأوضح الصفدي أن الإذاعة استطاعت منذ البث الأول لها، أن تكون مصدر معلومات موثوقا في سبيل التغيير الاجتماعي الايجابي، وتشكيل الرأي العام، ونقطة مركزية في حياة المجتمع، متميزة ببرامجها المتنوعة والتي ترضي كافة الأذواق، إذ تقوم الإذاعة بدورها باقتدار وشفافية ومسؤولية ضمن سقف من الحرية المسؤولة والثوابت الوطنية، منتهجة سياسة واضحة لنقل الحقائق عبر أثيرها ومنحازة دائما للوطن فهي صوت الخبر الصادق والمتزن.
وتحرص الإذاعة الأردنية في عملها منذ تأسيسها، على أن تكون لسانا ناطقا باسم الوطن بكافة فئاته وأطيافه، تتابع الحدث وتنقل الواقع والمنجز الوطني، فكان إنتاجها البرامجي والإخباري خلال الفترة الماضية بالإضافة للبرامج والأخبار اليومية، يتركز على معاناة الأهل في قطاع غزة؛ بسبب العدوان الإسرائيلي الغاشم، حيث خصصت ساعات بث متواصل لنقل واقع الأحداث من غزة، أولا بأول، وأنتجت لهذه الغاية برامج وثائقية، وأفردت مساحات واسعة في نشراتها الإخبارية لمتابعة الحدث عبر البرنامج العام والإذاعات المتخصصة.
وعلى الصعيد الوطني، وفي ظلال الاحتفال باليوبيل الفضي لتولي جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية أولت الإذاعة جل ساعات البث، منذ بداية العام الحالي، للحديث حول منجزات الوطن ومؤسساته بقيادة جلالته خلال خمسة وعشرين سنة الماضية، عبر إنتاج ضخم من البرامج المباشرة والمسجلة والتقارير والنشرات الإخبارية، بحسب الصفدي.
وقال، إن الإذاعة الأردنية تعمل على إحياء الدراما الأردنية التي أثبتت وجودها باقتدار على امتداد الوطن العربي من خلال تلقي النصوص الدرامية واختيار المناسب منها، واستغلال طاقات وكفاءات الممثل الأردني.
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني أنعم على إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية بوسام الاستقلال من الدرجة الأولى تقديراً لجهودها الكبيرة ودورها الإعلامي الفاعل في نقل رسالة الأردن الإعلامية والدفاع عن القضايا الوطنية بكل اقتدار وشفافية منذ تأسيسها، وفقا للصفدي.
المؤرخ والإعلامي الدكتور جورج طريف، يؤكد أن الإذاعة الأردنية، كانت وما تزال أداة سياسية وتنموية وحملت رسالة الأردن الوطنية والقومية منذ تأسيسها وتابعت مسيرة البناء والتطور بما فيها من تحديات وجاهرت بمواقف الأردن الثابتة تجاه مختلف القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، مثلما تابعت الإنجازات التي تحققت في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية والفنية والرياضية وغيرها.
فقد قدمت الإذاعة الأردنية مساهمات كبيرة في إطار توجيه الرأي العام الأردني والرأي العام العربي تجاه الحقوق العربية المشروعة والأهداف الوطنية وتنمية وتطوير المجتمع على أكثر من صعيد، كما رصدت العديد من الأحداث وفي مقدمتها بطولات الجيش العربي الأردني في حرب حزيران عام 1967 ومعركة الكرامة عام 1968 وحرب تشرين عام 1973 وما تلاها من تطورات وأحداث عربية ودولية وتأثيراتها على الأردن والمنطقة، يقول طريف.
وأوضح طريف أن الإذاعة الأردنية شكلت منبرا حرا لنقل صوت المواطن والمسؤول من خلال البرامج والأخبار التي تبث عبر أثيرها على مدار الساعة، وواكبت أفراح الوطن وتحدياته، مشيرا الى التطور الذي شهدته الإذاعة في سبعينيات وثمانينات القرن الماضي من خلال برنامج “الإذاعة في خدمتك – البث المباشر” وبرنامج اللقاء المفتوح علاوة على البرامج الوثائقية والثقافية والترفيهية الأخرى التي ما تزال تبث حتى يومنا هذا.
وعلى الرغم من التطورات التكنولوجية الكبيرة التي يشهدها عالمنا هذا من خلال انتشار محطات التلفزة والإنترنت والموبايل ووسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن الإذاعة الأردنية ما تزال تحافظ على دورها باعتبارها صوت الدولة الأردنية، وتنقله عبر هذه الوسائل إلى بقاع الأرض كافة، بحسب طريف.
وأشار الى حرص الإذاعة الأردنية على تقديم الأفضل في برامجها الثقافية والفنية (الأغاني والدراما) وتحري الموضوعية والصدقية العالية في أخبارها ما جعلها مدرسة إعلامية خرجت الكثير من الإعلاميين الذين ساهموا في بناء وتأسيس إذاعات عربية ودولية عديدة، وساهموا في نهضة بلدانها على مختلف الصعد.
واستذكر طريف أولى ذكرياته مع الإذاعة قائلا: “تعلقت بالإذاعة منذ نعومة أظفاري، أتابع بشوق برامجها الثقافية والرياضية والفنية وأخبارها وأغانيها ومسلسلاتها. استيقظ على (هنا عمان)، وأدلف إلى الفراش وأذني ملتصقة بذاك الترانزيستور أتابعها، ولا أنسى التفاف عائلتي حول جهاز الراديو للاستماع إلى (مضافة أبو محمود)، ومن بعدها (مضافة الحاج مازن) والمسلسلات والبرامج الأخرى التي تستمر حتى فترة متأخرة من الليل”.
وأضاف، “شاءت الظروف أن أعمل في إذاعتنا الحبيبة ما يزيد على ثلاثة عقود بدأت مذيعا ومحررا ثم رئيسا للتحرير ورئيسا لقسم البرامج الإخبارية؛ ومن ثم مديرا للأخبار، لذا اعتبرها أبرز محطات حياتي لما فيها من ذكريات منها ما هو جميل، ومنها ما هو مؤلم، فالعمل الإذاعي عمل إبداعي وممتع ومسؤول، ولا يرتبط العمل بها بساعة محددة، فهي ليست وظيفة وإنما مهنة، وقد تضطرك الأحداث والتطورات وحتى أحيانا حالة الطقس إلى البقاء أياما في الإذاعة تواصل عملك ليل نهار دون كلل أو ملل؛ لأنك تشعر بأنك تقدم خدمة تهم الوطن والمواطن”.
الرئيس السابق لجمعية المذيعين الأردنيين محمد العضايلة قال: في الأول من آذار كان الوطن قبل خمسة وستين عاما على موعد مع ولادة صوت الأردن، صوت الحرية والانتماء ومصنع الكفاءات الإعلامية ورواده، ليعلن “هنا عمان إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية” ليصدح بها ذاك المذيع الذي بث ولأول مرة صوت الأردن الحر للعالم كله ليلتصق صوته واسمه في ذهن ووجدان كل الأردنيين وفرسان الكلمة حراس الوطن.
واليوم، يقول العضايلة،تسعى الإذاعة بمن فيها من رواد الكلمة نحو آفاق رحبة للعمل والعطاء تظلهم جمعية المذيعين الأردنيين عنوان وحدتهم وعطائهم بصفتهم شركاء في صناعة الإعلام وخدمة الوطن وأهله. في هذا اليوم المشبع بروح الحياة والتحرر نقول لكل مذيع بورك عطاؤك.
–(بترا)/بشرى نيروخ-
التعليقات مغلقة.