وسط تزايد عدد “النباشين” بإربد.. هل تنجح جهود تنظيم عملهم؟
إربد- وسط تنامي عمل “النباشين”، بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة في مدينة إربد، تسعى البلدية إلى تنظيم المهنة، ووضع العاملين تحت مظلة حماية، بالتشاركية مع جهات مختلفة، في وقت تدرك أن الوصول لهذه الغاية ليس سهلا ويحتاج إلى الجهد الوقت.
قضية تنظيم عمل “النباشين”، دفعت البلدية إلى توقيع اتفاقية مع الجمعية التعاونية، لتدوير النفايات، وجمعية اربد للتوعية وحماية البيئة، لتنظيم عمل جامعي المواد القابلة للتدوير في المدينة، بدعم وتمويل من منظمة GIZ. والمقدر عددهم بحوالي 1000 شخص من مختلف الاعمار والفئات.
يقول رئيس بلدية اربد الكبرى الدكتور نبيل الكوفحي إن عملية تنظيم هذه العمالة غير الرسمية، من خلال مظلة جمعية تعاونية بالتعاون مع البلدية، عملية تحتاج إلى وقت وجهد، لأن طبيعة هذه العمل تجعل من الصعب السيطرة عليه، ويبدو أن هناك خشية من قبل البعض تجاه عمليات التنظيم.
ويؤكد الكوفحي أنه لا بد من تخفيف الآثار السلبية الناجمة عن عمليات النبش، وتوعية العاملين فيها، ومن الصعوبة كذلك إيجاد حماية لهؤلاء “النباشين” مقابل أولئك الذين سيمارسون عملية النبش دون أي تنسيق مسبق.
ويضيف، أن البلدية ستحرص على إعطاء الذين سينظمون لهذه الجمعية، ميزات عدة، مثل تخصيص أماكن لهم، وألا يلاحقوا، وأن يتم العناية بهم صحياً واشراكهم في مظلة الضمان الاجتماعي من خلال جمعيتهم ضمن اشتراطات الحفاظ على النظافة العامة والمظهر العام وعدم إقلاق راحة السكان.
ولفت إلى مجموعة إجراءات، تحسن من هذا العمل، وتخفف من السلبيات الناتجة عنه، سواء على مستوى النظافة أو الراحة العامة.
ويشير الكوفحي، إلى أنه يمكن للبلدية من خلال الجمعية التعاونية التي تم توقيع مذكرة التفاهم معها تأمين مستلزمات السلامة العامة للعاملين بهذا القطاع، وتخصيص مواقع محددة لكل واحد منهم، ومنحهم تدريبات مختصة بموضوع جمع وفرز النفايات لتحقيق الاستفادة القصوى منها، وسوق لبيع المنتجات بعيداً عن احتكار بعض التجار وشمولهم بالضمان الاجتماعي.
ولم يخف الكوفحي أن “النباشين” الذين ينتشرون في شوارع اربد، باتوا يفرغون الحاويات من القمامة، بحثا عن مواد قابلة للبيع، ويتركون القمامة بجانب الحاوية، الأمر الذي يحد من قدرة كوادر وآليات البلدية على افراغ الحاوية، مما رتب على عمال الوطن جهودا إضافية في تنظيف النفايات التي خلفها النباشون واعادتها الى الحاوية من جديد.
ويؤكد الكوفي، أن مئات الحاويات المعدنية في مدينة اربد تتعرض للنبش يوميا، رغم أن البلدية تنظم يوميا جولتين لنقل النفايات من الحاويات وتفريغها للمحافظة على نظافة المدينة، إلا أنه ومع انتشار “النباشين”، وتزايد عددهم، بات الأمر أكثر صعوبة في ظل عدم قدرة البلدية على تنظيم اكثر من جولتين في اليوم.
ويضيف أن تنظيم “النباشين”، باتت ضرورة للحد من العشوائية في تفريغ الحاويات، وأن يكونوا تحت مظلة واحدة ترعاهم، مبينا أن البلدية على استعداد لتوسيع هذه القاعدة وإنشاء شراكات واسعة مع مختلف المؤسسات الرسمية والأهلية والدولية، لأن الشراكة الحقيقية هي مفتاح إقامة المشاريع الهامة في المدينة وسر كبير من أسرار النجاح.
ومن حاوية إلى أخرى، يقوم الشاب صالح -وهو اسم مستعار- بنبش القمامة وتجميع ما يعثر عليه من علب معدنية واخرى بلاستكية، إضافة إلى مواد الحديد والالمنيوم بواسطة عربة يرافقه شاب آخر.
ورصد “الغد” خلال جولة لها في شوارع المدينة، شباب واطفال ونساء وكبار سن، يقومون بنبش الحاويات وافراغها كاملة في سبيل الحصول على أشياء يمكن بيعها لتجار الخردة، فيما يقوم هؤلاء النباشون بجمعها وحملها بواسطة عربات أو على دراجات هوائية، بعد ان يتم وضعها في أكياس كبيرة مخصصى لذلك.
وعلى ما يبدو، فإن نبش الحاويات في اربد، تحول إلى مهنة لدى العديد من المتعطلين عن العمل، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، التي يعاني منها المواطنون، ومحدودية فرص العمل في المحافظة.
خالد احد “النباشين”، وعمره 30 عاما، أكد لـ”الغد” أنه يجوب شوارع مدينة اربد والأحياء السكنية مع صديقه، بحثا عن المخلفات الصلبة كالبلاستيك والحديد والكرتون وجميع المنتجات القابلة للتدوير والبيع ويقومون بنبش الحاويات وافراغها أحيانا من أجل العثور على مواد قابلة للبيع.
ويتابع: أنه كان اكمل الصف السادس قبل أن يخرج من المدرسة، ولم يتمكن من الحصول على أي عندما اصبح شابا، لافتا إلى أنه توجه للعمل في مهنة “نبش الحاويات”، ومنذ 5 سنوات وهو يمتهن هذه العمل، الذي يؤمن له لقمة العيش، ويمكنه من إعالة أسرته.
وأكد أن العمل في هذه المهنة “شاق” ويتعرض لمخاطر صحية جراء قيامه بنبش الحاويات وما تحتويه من روائح كريهة ومواد يمكن أن تشكل خطورة على صحته.
ويضيف أنه يستيقظ باكرا قبل أن تقوم آليات البلدية بإفراغ الحاويات من القمامة، ويعمل يوميا قرابة 8 ساعات، وبعد ان يتم جمع كل ما يعثر عليه، يذهب لبيعه لأحد محال الخردة.
وأوضح أن كل ما يحصل عليه جراء هذا العمل لا يزيد على 7 دنانير يوميا، مؤكدا أن العمل في هذه المهنة صعب في ظل ارتفاع درجات الحرارة في الصيف والامطار في فصل الشتاء.
وعن فكرة وجود مظلة وجهة لتنظيم عمل “النباشين”، أكد أنه مع التنظيم والحصول على خدمات الضمان الاجتماعي، والتأمين الصحي، وخصوصا وأن هناك الآلاف من الأشخاص باتوا يمتهنون، هذه المهنة في نبش الحاويات، مؤكدا أن “النباشين” باتوا يعملوا في العلن، للبحث عن مصدر دخل لهم بعد ان كانت في وقت سابق تقتصر على اشخاص محددين يعملون في ساعات الليل وفي الخفاء ويقومون بتغطية وجوهم.
ويضيف آخر، أن هناك بعض المناطق تكون مقسمة ما بين النباشين ويمنع دخولها من قبل آخرين، وعادة ما تحدث خلافات، حال تعدى أحد الأشخاص على منطقتهم، مؤكدا أن ثقافة العيب لدى العديد من النباشين تلاشت وبات هناك المئات من النباشين يجوبون شوارع المدينة بحثا عن أي شيء يمكن بيعه.
بدوره، قال رئيس الجمعية التعاونية لتدوير النفايات حسين أبو جبل أن الجمعية جادة في تحمل هذه المسؤولية مع وجود مئات من الأشخاص الذين يعملون في هذا المجال دون أن تقوم أي جهة بتأهيلهم ورعايتهم، مؤكدا أن تنظيم هؤلاء النباشين سيخفف من التلوث البيئي، واسترداد ما يهدر من موارد كانت تدفن تحت الأرض دون أن يتم إعادة تدويرها والاستفادة منها.
وتهدف هذه الاتفاقية لرفع معدل استرجاع المواد القابلة للتدوير من النفايات المتولدة وتقليل كلف جمع النفايات وما يترتب عليها من عبء مالي وبيئي على المكبات المخصصة، كما أن من شأن تطبيقها توفير فرص عمل إضافية للعاملين في القطاع غير الرسمي وتحسين دخلهم من خلال منحهم حرية الوصول للنفايات وفق ضوابط ومدونة سلوك متفق عليها بهدف تمكينهم من جمع المواد القابلة للتدوير والاستفادة من عوائد بيعها للقطاعات الصناعة والتجارية.
التعليقات مغلقة.