“دفتر الدين” يرهق مخابز بالكرك.. وحملة للسداد عن المواطنين
الكرك– بيع الخبز بالدين، حالة باتت طبيعية وتنسحب على غالبية مخابز الكرك، خاصة المتواجدة في البلدات والقرى، نتيجة تراجع أوضاع المواطنين المالية، بيد أنها بدأت تشكل عبئا لبعض المخابز، حتى أن بعضها اضطر إلى الإغلاق لعدم قدرته على تحصيل ديونه للاستمرار بالعمل.
ولا يكاد مخبز في قرى وبلدات المحافظة يستثنى من حالة البيع بالدين خلال السنوات الأخيرة، ناهيك عن توزيع الخبز مجانا في بعض المخابز، خاصة في أيام الشتاء، التي يرتفع استهلاك الخبز فيها.
وبسبب حجم الديون لبعض المخابز وخصوصا الشعبية منها، توقف بعضها عن الإنتاج لعدم تمكن أصحابها من الاستمرار نتيجة كلف الإنتاج المرتفعة والعوائد غير المجدية.
أمام تراكم مبالغ مالية كبيرة على المواطنين لصالح المخابز بدل أثمان خبز، قامت مجموعة من المواطنين وأغلبهم من الشبان، بإطلاق حملة شعبية لسداد ديون المخابز لضمان استمرار عملها ومساعدة الأسر المعوزة.
ولاقت المبادرة استجابة شعبية على نطاق واسع، حيث أن القائمين عليها يسددون الديون من دون معرف أسماء المدينين، من خلال تبرعات تجمع من المحسنين بالكرك، والذين يزودون الحملة بمبالغ مالية معينة.
ووفق مدير صناعة وتجارة الكرك محمد الصعوب فإن المحافظة في مختلف مناطقها تضم زهاء 100 مخبز، منها 90 مخبزا عاملا و10 مخابز متوقفة عن العمل وأغلبها في القرى والبلدات، مشيرا إلى أن 60 من المخابز هي شعبية و30 مخبزا آليا.
وتقع غالبية الديون لصالح المخابز الشعبية حيث تعمل في البلدات والقرى التي يعاني سكانها ظروفا مالية صعبة وارتفاعا في حجم البطالة بين أبنائها.
يقول محمد سند وهو صاحب مخبز شعبي في إحدى بلدات لواء المزار الجنوبي بالكرك، إن أكثر من نصف المبيعات اليومية للمخبز عبارة عن دين على المواطنين، الذين لا يمتلكون ثمن الخبز، مشيرا إلى أن الدين يرهق كاهل المخبز لكونه بحاجة إلى المال لشراء الطحين وغيره من مستلزمات العمل، وخصوصا العمال الذين يعملون على نظام المياومات ولا يمكن تأجيل أجورهم.
وأشار إلى أنه وبعد قيام مجموعة من الشبان بإطلاق حملة لسداد ديون المواطنين الذين يستدينون الخبز قام بإلغاء كافة الديون على المواطنين وتمزيق دفتر الدين عليهم نهائيا، مؤكدا أن هناك عائلات لا تشتري الخبز نهائيا إلا بالدين لعدم قدرتها على توفير ثمن شراء الخبز.
وقال صاحب مخبز آخر ببلدة الثنية إبراهيم علي، إنه يقوم يوميا ببيع الخبز للمواطنين بالبلدة البالغ عدد سكانها حوالي 8 آلاف نسمة ويوجد فيها خمسة مخابز، إلا أن مخبزه يعتبر مخبزا شعبيا، يقوم ببيع نصف إنتاجه من الخبز بالدين، بسبب ظروف المواطنين الصعبة، وبعضهم يقوم بالسداد وآخرون لا يتمكنون من السداد.
ولفت إلى أن ظاهرة شراء الخبز بالدين بدأت منذ حوالي عشر سنوات في البلدة، وكانت محصورة بعدد من الأسر الفقيرة التي تعيش ظروفا صعبة.
مواطن، فضل عدم ذكر اسمه ويبلغ من العمر 76 عاما، يقول إنه يشتري الخبز بشكل دائم من أحد المخابز بالدين لعدم امتلاكه ثمن الخبز وغيره من الاحتياجات.
وأشار إلى أنه وفي الفترة الأخيرة رفض صاحب المخبز بيعه الخبز بالدين ما اضطره إلى الذهاب إلى مخبز آخر وفتح صفحة دين له في دفتر الدين عنده.
وقال الناشط الاجتماعي في الأغوار الجنوبية ورئيس جمعية التأهيل المجتمعي بغور الصافي فتحي الهويمل إن عملية شراء الخبز بالدين وتسجيلها بدفتر الدين بدأت منذ فترة طويلة، وهي منتشرة بالأغوار الجنوبية بسبب ظروف المواطنين الصعبة.
وأشار إلى أهمية أن يكون هناك حملات شعبية لسداد ديون المخابز على المواطنين، أو أن يتم إعادة دعم الخبز للمواطنين بشكل أو بآخر، خاصة الأسر الفقيرة.
وقال منسق حملة سداد ديون المخابز على المواطنين حسين الطراونة، إن الحملة بدأت بعد أن تبين أن للمخابز ديونا بمبالغ مالية كبيرة، خاصة المخابز المتواجدة في الأحياء والبلدات الشعبية بالكرك بسبب ظروف السكان الصعبة، وهم بالأصل يقومون باستدانة كل شيء من المحال التجارية.
وأشار إلى أن الحملة بعد إطلاقها بدأت تتوسع، وقد تم سداد ديون ثلاثة مخابز على المواطنين من حصيلة تبرعات محسنين بالكرك، وهناك مخابز ثلاثة أخرى قيد المعالجة بعد توفر المبالغ المالية الكافية لها، مؤكدا أن أعدادا كبيرة من الأسر في بلدات وقرى المحافظة لا تستطيع شراء الخبز بسبب ظروفها الاقتصادية الصعبة، ويجب مساعدتها.
وبين أن هناك استجابة من أصحاب المخابز والعاملين فيها تجاه المبادرة، حيث أن بعضهم شطب الديون المستحقة على المواطنين أو جزء منها، لافتا إلى أن الأمل قائم بأن يشارك أكبر عدد ممكن من المواطنين لمساندة الحملة ومساعدة الأسر المحتاجة بسداد ديونها للمخابز.
التعليقات مغلقة.