الأردن.. سيادة لا تقبل عبث الكيان الصهيوني بأجوائه
شكّل نجاح الأردن مؤخراً في منع دولة الاحتلال من استخدام مجاله الجوي في الهجوم على إيران، شهادة على حنكة وبصيرة دبلوماسية وإستراتيجية تتمتّع بها المملكة يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني باقتدار.
ووسط تصاعد التوترات والأعمال العسكرية في الشرق الأوسط، تارة بين إيران والكيان الصهيوني، وتارة أخرى عبر فصائل عسكرية موالية لطهران، تمكن الأردن من تأكيد سيادته والحفاظ على سيطرته على مجاله الجوي.
ولم يتّخذ الأردن قرار إغلاق مجاله الجوي منذ أيام باستخفاف، حيث كان ذلك بمثابة رد فعل محسوب على الخوف من ضربة إيرانية مضادة على الكيان الصهيوني في ظلّ تقارير غربية أكدت محاولات أطراف للزجّ بالأردن في صراع لا علاقة له به، ولذلك، منع الأردن فعلياً أي اشتباك عسكري يمكن أن يستخدم مجاله الجوي كممر للهجمات.
والثلاثاء الماضي، أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أن أمن الأردن وسيادته فوق أي اعتبار “وحماية مواطنينا قبل كل شيء وأي شيء”.
وشدد جلالته على أن الأردن لن يكون ساحة معركة لأي جهة، في ظل توتّر الأوضاع بين إيران ودولة الاحتلال.
وكان جلالته، أكد للرئيس الأميركي جو بايدن الأحد الماضي خلال اتصال هاتفي أن المملكة لن تكون ساحة لحرب إقليمية.
وشدّد على “ضرورة وقف التصعيد فورا في الإقليم”، مُحذّرا من أن أي “إجراءات تصعيدية إسرائيلية ستؤدي إلى توسيع دائرة الصراع في المنطقة”.
وفي هذا السياق، قال الناطق الرسمي باسم الحكومة الأسبق العين محمد المومني إن الاردن كان واضحا بموقفه بعدم المساس بأجوائه السيادية.
وأكد المومني أن الأردن وظف أدواته السياسية والدبلوماسية والعسكرية لمنع الاختراق الإيراني لأجوائه، مبينا أنه في حالة الكيان الصهيوني، كان حديث جلالة الملك مع الرئيس بايدن واضحا أن الأردن لن يسمح بذلك.
وشدد على أن التحذير الأردني كان واضحا وصارما، وبالتالي، ونظرا لثقل الأردن السياسي والدبلوماسي وحضوره الدولي وقدراته العسكرية، لا يُتوقع أن يحدث أي اختراق لأجوائه.
وأضاف المومني أنه إن تم خرق للتحذير، فبالتأكيد سيتم التعامل معه ضمن الأطر والأدوات المتوفرة.
وأشار إلى أن القوات المسلحة وسلاح الجو الملكي تصدوا لهذه الخروقات في وقت سابق، وسيتصدون لكل محاولات اختراق الأجواء الأردنية إن حدثت.
وسبق أن أكد وزير الخارجية أيمن الصفدي في أكثر من مناسبة أن الأردن لن يسمح لأي طرف كان، سواء إيران أو إسرائيل، باستخدام أجوائه في المواجهة بينهما، مؤكدا ضرورة إبقاء التركيز على الحرب على غزة، وعدم الانشغال بأي مسعى لتوسيع دائرة الصراع.
وفجر السبت الموافق للثالث عشر من الشهر الحالي، شنت إيران هجوما “غير مسبوق” بمئات الطائرات المسيرة والصواريخ تجاه كيان الاحتلال، وسط أنباء عن أن الأردن تصدى للكثير منها لدى عبورها أجواءه، ومنذ ذلك اليوم تنفذ طائرات سلاح الجو الملكي في سماء الأردن طلعات لتعقب أي اختراق ومنعه من أي طرف كان، حفاظا على سيادة المملكة.
وجاء الهجوم الإيراني ردا على قصف الاحتلال قنصلية طهران في العاصمة السورية دمشق، وأول من أمس تسربت أنباء عن أن الاحتلال رد بدوره على الهجوم الإيراني، بتوجيه مسيرات هجومية، فضلا عن طائرات مقاتلة إلى أجواء إيران، وعلى وجه الخصوص مدينة أصفهان شرقي البلاد.
وجاءت تسريبات كثيرة لتؤكد أن طائرات الاحتلال المقاتلة ومسيّراته لم تعبر الأجواء الأردنية، نتيجة تحذيرات المملكة وإعلانها الحازم بأنها ستتصدى لأي محاولة لاختراق السيادة الجوية للأردن من أي طرف كان.
وبحسب التسريبات شبه الرسمية، فإن طائرات الاحتلال عبرت أجواء دول مجاورة وصولا لإيران، ليس من بينها الأردن، في حين أن الطائرات المسيرة، والتي ما يزال الغموض يكتنف كيفية وصولها إلى سماء أصفهان، يرجح أن متسللين من دولة أجبنية مجاورة أطلقوها من داخل إيران نفسها، خصوصا بعد التأكد من أن هذه الطائرات من النوع الذي لا يستطيع التحليق إلا لفترات محدودة جدا.
من جانبه، أكد رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات إنه “بعد الهجوم الإيراني على الكيان الصهيوني، ادعى الإعلام العبري وبشكل واسع بأن الأردن هو من صدّ الهجمات بشكل خاص عبر مقاتلاته”.
وزعم إعلام الكيان أن “المملكة حليف لدولة الاحتلال، وأن هناك اتفاقا أو تحالفا بين البلدين، وأن عمّان هي العمق الإستراتيجي لتل أبيب”، بحسب شنيكات، الذي فند هذه المزاعم.
وشدد شنيكات لـ”الغد”، على أن كل هذه الأحاديث بثّها الإعلام العبري بعيد الهجوم الإيراني على الكيان الصهيوني، معتبرا أن الهدف منها هو “زعزعة الاستقرار وخلق فجوة بين الأردن الرسمي والشعبي، وزرع عدم الثقة والشك بالقيادة الأردنية”.
وأشار إلى أن كل هذه التلفيقات، يمارسها الإعلام العبري ذو الخبرة الطويلة في التعامل مع هذه الأحاديث، وعمل على هذا الموضوع كثيرا.
وبين أن موقف الأردن واضح بأن الهجمات والصراعات بين الدول لا تُدار من خلال أجوائه، سواء من إيران باتجاه دولة الاحتلال أو العكس، معتبرا أنها محاولات مرفوضة.
وأكد أنه بوقوف الأردن في مواجهة الهجمات الصهيونية ومنع مرور طائرات الاحتلال من استخدام أجوائه، يكون قد أوضح موقفه الذي لا يتجزأ، وهو رفض استخدام دولة الاحتلال لأجوائنا لضرب إيران.
وقال إن الأردن شدّد على أنه لن يكون جزءا من أي حرب إقليمية.
والخميس، أبلغ نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية أيمن الصفدي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، أن الأردن لن يسمح لإيران أو الكيان الصهيوني أن يحيلا الأردن إلى ساحة حرب، وسيتصدى لأي خرق لأجوائه وتهديد أمن وسلامة مواطنيه.
وشدد الصفدي على ضرورة وقف الإساءات لمواقف الأردن ورموزه في الإعلام الرسمي الإيراني، وأن لا أحد يستطيع أن يزاود على الأردن ومواقفه التاريخية الثابتة في دعم الحق الفلسطيني.
عموما فإن نجاح المملكة في منع الكيان الصهيوني أو إيران، من استخدام مجاله الجوي هو انعكاس لموقعه الإستراتيجي وقوته الدبلوماسية في المنطقة، عبر اتخاذ تدابير استباقية لتعزيز سيادته وإظهار قدرته على التصرف بشكل مستقل حتى في أتون الاضطرابات الإقليمية.
التعليقات مغلقة.