اعتداء أبناء الشياطين على جنازة شيرين
مهدي مبارك عبدالله
=
بقلم / مهدي مبارك عبد اللهبداية يجب ان نؤكد بان الجريمة الصهيونية النكراء لم تبدأ بالاعتداء على جنازة الصحفية الراحلة شيرين نصري أبو عاقلة والمشيعين تلك القامة الوطنية المتميزة ذات الشعبية والمصداقية والحضور الفلسطيني والعربي والدولي على مدى ما يزيد على 25 عام والتي قامت بدورها الوطني المخلص والصادق في كشف وفضح جرائم وانتهاكات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته وإنما كانت الجريمة مع لحظة التخطيط لاستهدافها والتي لا زالت مستمرة في فصولها وتداعياتها منذ ولادة هذا الكيان الاجرامي الغاصب لأرض فلسطين وحقوق ابنائها في جنين والقدس وكل ربوع الوطن
في مشهد قذر ووقح عكس الصورة الحقيقية لمبادئ العنصرية الصهيونية والنهج الاجرامي لحكومة تل ابيب اثار حنق وصدمة واستياء كل شرفاء واحرار العالم وهم يشاهدون الاعتداء الصهيوني الاثم على الجنازة حيث استعدت دويلة فاشية مارقة بكل ارهابها واجرام جنودها المدججين بالسلاح والعصي والرصاص وقنابل الغاز
ليمنعوا بحقدهم الدفين حركتها واستقبالها بزخم شعبي حاشد بسبب فشلهم الذريع وفقدانهم القيادة واتخاذ القرار المناسب بعدما سارت الجنازة رغما عنهم الى منتهاها تحفها الهتافات الجماهيرية وزغاريد الوداع وتحيط بها الأعلام الفلسطينية عندها هاجموا بقسوة بالغة حاملي التابوت في ساحة مستشفى سانت جوزيف ( المستشفى الفرنسي ) أثناء التشييع
لكي يسقطوه ويهينوه وقد ( حصل ما أرادوا جزئيا ) دون أي مراعاة منهم لحرمة الموت او كرامة الاموات او هيبة الموقف او جسامة الحدث او فيض مشاعر الحزن والغضب الملتهبة او تقدير حقوق الإنسان الأساسية بما في ذلك الحق في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وبسقوط النعش ( عن الاكتاف قليلا ) سقطت معه مكانة وصورة وكرامة إسرائيل في أعين كثير من أنصارها والمتعاطفين معها فضلا عن ضحاياها الذين تمردوا عليها فصارت تضربهم من كل الاتجاهات كـ ( الثور الهائج ) دون تمييز او تركيز او رحمه لترهبهم وتثير الخوف والهلع في نفوسهم وتوهمهم بأنها ما زالت تملك السيادة والقوة والسيطرة على كافة الأوضاع في مدينة القدس المحتلة وهي فقط من يسمح بحركة أي شيء حتى النعوش
لقد شاهد العالم اجمع وعلى الهواء مباشرة كيف اعتدى رجال الشرطة الإرهابيين وجنود الاحتلال المجرمين على جنازة الصحفية الفلسطينية المسيحية فقيدة فلسطين الصوت الحر والكلمة الامينة التي تحمل الجنسية الأمريكية وبما يثبت بالدليل القاطع ان إسرائيل دويلة عنصرية واجرامية ضعيفة ومرتبكة تمارس العنف المفرط والفصل العنصري البغيض وتعتدي بشراسة الكلاب المفترسة على الأبرياء العزل وتتجاوز بعنجهية البلطجية وقطاع الطرق كل المواثيق والاعراف الدولية ومعايير القانون الإنساني
الاعتداء على جنازة الراحلة شيرين وضرب المشيعين لها هو عمل همجي بشع يعكس العقدة الإسرائيلية من رفع العلم الفلسطيني ويدل على همجية وخواء هذا الاحتلال في معركة كانت خاسرة قبل أن تبدأ فاقت برعونتها وغرابتها كل مسالك ومعايير الكيانات المجرمة وأنظمة الحكم القمعية والمستبدة في عالم الإرهاب والعدوان الذي تجسده اليوم تل ابيب
حيث كشف الواقعة عورة إسرائيل وفضحت نواياها القذرة أمام العالم وسعيها الواضح لإشعال حرب دينية عبر الاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية ( المسجد الأقصى والحرم الابراهيمي وكنيسة القيامة ) وأخيرا وليس اخرا استفزاز مشاعر المسلمين والمسيحيين من خلال عدوانها السافر على جنازة ايقونة الصحافة الفلسطينية والعربية شرين أبو عاقلة التي تحظى باحترام ومحبة واعتزاز الجميع
الاحتلال الصهيوني الارهابي أراد من مضايقة حركة الجنازة وإقامة الحواجز ومحاصرة خط مسيرها كسر إرادة الفلسطينيين من موقع الهجوم ومنع تجمعهم الجماهيري الحاشد في مصاب جلل وحدث عظيم قادر على ترك التأثير وردود الأفعال المستقبلية التي تؤجج مشاعر الشباب لتنفيذ مزيد من العمليات البطولية الفردية وتفعل جذوة المقاومة وسرعة الانتقام لروح الفقيدة الغالية بهجمات جديدة ومتوالية أكثر جدوى واكبر إيلاما لجنود الاحتلال ومستوطنيه إضافة الى رغبة نفتالي بينيت رئيس حكومة الاحتلال الى مغازلة اليمين الصهيوني المتطرف بأنه متشدد مثلهم وقادر على اتخاذ القرارات العنيفة في الظروف الصعبة مهما كان الثمن
التفكير بهذا المنطق الشيطاني وغير العقلاني ينبه إلى مدى خطورة ما تعيشه دويلة إسرائيل من انقسام وتداعيات أعمق مما نظن وأنها سوف تضر بمصالحها الجوهرية وعلاقاتها الدولية سيما وان محاربتها للجنازة بهذه العنصرية المقيتة صدم العالم كله وأصبح بمثابة الهدية المجانية العظيمة لكل من يحاول إقناع الآخرين بمقاطعة إسرائيل كما سيفقدها لاحقا كل ما تسعى لبنائه من صورة مثالية أمام الغرب المنخاز
شيرين أبو عاقلة شهيدة الوطن المغتصب والكلمة الحرة الأمينة التي عرفناها عبر شاشة الجزيرة في كل صباح ومساء وهي تحمل في اعماقها روح وهموم ونبض الوطن ورسالة القضية والقدس والاقصى والشيخ جراح وعذابات الاسرى وقهر ذويهم إلى كل العالم وان قتلها بهذه الطريقة البشعة عن قصد وسبق إصرار يعد جريمة وحشية بربرية سيدفع الاحتلال ثمنها وان دمها ودماء الشهداء الذين ارتقوا في جنين وفي كل ارض فلسطين لن يذهب هدرًا والقصاص ات لا ريب فيه
مرة أخرى الهجوم الوحشي والمشين الذي شنته القوات الإسرائيلية على موكب تشييع جثمان الصحفية شيرين أبو عاقلة والآلاف من مشيعيها في مدينة القدس الشرقية المحتلة اثار الغضب الدولي العارم كونه محاولة إسرائيلية مكشوفة لصد وكتم الصوت الذي فضح الاحتلال قبل وبعد استهدافها مما جعل صوتها وصورتها ورسالتها تصل إلى كل أرجاء العالم بلا أي معوقات
وهو ما رفع من رمزيتها لتصبح أيقونة الإعلام الفلسطيني والعربي والعالمي في هذا الصراع الطويل وتلاحقهم حتى وهي في نعشها محمولة على اكتاف اخوتها وسواعد محبيها مما يوجب على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي إدانة هذا الاعتداء بشدة والتوقف عن بيع الأسلحة لإسرائيل وتوفير الغطاء الدبلوماسي لها في الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية وغيرها من المحافل الدولية فلا يمكن لأي ديمقراطية تحترم نفسها أن تقف صامتة أمام ما جرى
الاستخدام المفرط وغير المناسب للقوة والسلوك غير المحترم من قبل الشرطة الإسرائيلية ضد المشاركين في موكب تشييع أبو عاقلة وحرمانهم من وداعها السلمي وعدم السماح للمعزين بالحزن بأمن ودون مضايقة وإهانة في جنازة حساسة للغاية كان بمثابة الحد الأدنى من الاحترام الإنساني الذي كان يتوجب على حكومة الاحتلال الصهيونية القيام به وما يستدعي ذلك من ضرورة اجراء تحقيق شامل ومستقل في كل ملابسات استهدافها وتقديم المسؤولين عن قتلها للعدالة
يذكر ان حملة ضخمة انطلقت مؤخرا في الولايات المتحدة الأميركية لجمع التواقيع وإرسال الرسائل ( أهم طرق الاحتجاج في الولايات المتحدة ) عبر المواطنين الأميركيين ونشطاء السلام وأبناء الجاليات للرئيس الأميركي جو بايدن والكونغرس بشقيه ( مجلس النواب والشيوخ ) ووزارة الخارجية الأميركية تطالبهم بوقف الانتهاكات الاسرائيلية الجسيمة بحق الصحفيين وحقوق الإنسان التي ترتكب ضد الفلسطينيين وتحقيق العدالة للصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقله التي قتلت برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال تغطيتها لاقتحام جنين الأربعاء الماضي والسعي بجدية لمحاكمة المسؤولين عن اغتيالها خاصة وانها تحمل الجنسية الأميركية وكذلك دعوة مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإجراء تحقيق مستقل وشفاف ومحايد
المسعى الفلسطيني والعربي والأخلاقي والإنساني والسياسي الأساسي والأهم يتمثل بمطالبة ادارة قناة الجزيرة بوقف استضافة ممثلين عن الكيان الصهيوني الاستعماري العنصري والمجرم على شاشتها عقب اغتال مراسلتها من فلسطين برصاص قناصة جيشه ضمن محاولاتهم إسكات صوت الحقيقة والمصداقية وان الانتصار لروح شيرين يكمن في مقاطعة زبانية الاحتلال وهو أقل شيء يفترض عمله فليس مقبولا استمرار هذه السياسة من قبل القناة التي تتمتع بقاعدة مشاهدين عريضة في العالم العربي والعالم بتوفير منصة إعلامية لممثلي الاحتلال لتبرير جرائمه
مع العلم ان استمرار ذلك من شأنه التغطية على حقيقة إسرائيل كدولة استعمارية واستيطانية وعنصرية تهيمن على الشعب الفلسطيني وترتكب المجازر والجرائم بحقه والمشاهد والمتابع العربي للقناة يعرف رأي هؤلاء الافاكين الانذال من أفعال جيشهم وحكومتهم ومستوطنيهم وزعرانهم لذا لا حاجة لسماع كلماتهم التي تنضح بالكذب والتدليس والكراهية والعنصرية وعدم احترام الرأي الآخر ولا ضرورة بتاتا لإعطاء ( صوت لمن اغتالوا صوت شيرين الحر )
بقي القول انه ينبغي على الفلسطينيون الخروج من الواقع المؤلم الذي تعيشه سلطتهم الوطنية حيث العجز وفقدان المبادرة والاستسلام ومع ذلك لابد من العمل العاجل على تشكيل قيادة فلسطينية موحدة ولائقة وقادرة على استثمار واقع إسرائيل الحالي بضعفه وهشاشته وانهزاميه وانقساماته وصراعاته لتحقيق بعض أهداف الشعب الفلسطيني وطموحاته العليا فهذه فرصة عظيمة سيخسرون كثيرا إذا مرت عليهم دون أن ينجحوا في تغيير واقعهم القائم بصورة جذرية
mahdimubarak@gmail.com