اقتحام الاحتلال لجامعة بيرزيت لن يسكت حناجر طلبتها
مهدي مبارك عبدالله
=
بقلم // مهدي مبارك عبد الله
بأسلوب المافيات وبطريقة قطاع الطرق وغوغائية رجال العصابات قامت عصر يوم امس الاثنين / 1 / 2022 مجموعة من عناصر الاجرام في القوات الخاصة الاسرائيلية التابعة لوحدة المستعربين ( جنود إسرائيليون يتخفون بزي عربي اثناء قيامهم بعمليات الاعتقال والاغتيالات شبيه بما يلبسه الفلسطينيون ) وبدعم كامل من قوات الجيش بتسلل واقتحام همجي لحرم جامعة بير زيت الواقعة شمالي مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة في حالة انتهاك صارخة للأعراف والمواثيق الدولية التي تحرم الاعتداء على المرافق الأكاديمية واستهداف مؤسسات التعليم في المناطق الواقعة تحت الاحتلال في زمن السلم والحرب
الأيام السابقة على اقتحام الجامعة شهدت جهودا مكثفة للخروج من أزمة اضراب الطلاب والإغلاق القسري للجامعة تمخضت عنها بوادر للتوصل إلى صيغة للحل بوساطة من لجنة الأساتذة في نقابة العاملين إلا أن الاحتلال الساعي دوما لتدمير صرح الجامعة اعتقد واهما أنه بدخوله الحرم الجامعي والاعتداء على الطلاب واختطافهم قادر على عرقلة هذه الجهود للتوافق لوطني والعمل المشترك
الاحتلال الصهيوني لم ترق له تحركات طلبة جامعة بيرزيت التي ساندت الاسيرين هشام أبو هواش وناصر أبو حميد والفعاليات التي نظمها الطلاب بالإضافة الى مشاهد الطلبة في انطلاقة حماس والجبهة الشعبية التي أغاظت الاحتلال واستفزته لذلك قام بجريمة الاقتحام واعتقال هؤلاء الطلبة القياديين
ما جرى على مدخل الجامعة الشمالي من اختطاف منظم لخمسة من الطلبة ممثلي الكتل الطلابية ونقلتهم إلى جهة غير معلومة حيث كانوا يحملون مطالب نقابية وطلابية أزعجت الاحتلال وأذنابه من بينها فتح رفع اليد عن الأنشطة الطلابية وفتح القاعات كون الجامعات إرث وطني يجب عدم تشويهه أو إخضاعه لأي سياسات اضافة الى مطالبهم الوطنية الاخرى التي تتعلق بدعم المقاومة والوقوف الى جانب الاسرى والمعتقلين والتنديد بسياسات الاحتلال التعسفية
الطلبة المعتقلون هم ( إسماعيل البرغوثي منسق الكتلة الإسلامية وعبد الحافظ شرباتي منسق كتلة اتحاد الطلبة التقدمية الطالب ووليد حرازنة منسق كتلة الوحدة الطلابية والطالبان محمد الخطيب وقسام نخلة ) جاء اعتقالهم وسط إطلاق نار كثيف على الطلبة وبشكل متعمد ما أدى إلى إصابة طالبين حيث شوهدت اثار دماء في الموقع كما تم اعتقال طلبة اخرين من أمام حرم الجامعة وقد جاءت هذه الجريمة الإسرائيلية بعد وقت قصير من زيارة البرغوثي وزملائه الطلاب خيمة التضامن مع الأسير الصامد في سجون الاحتلال ناصر أبو حميد في محافظة رام الله والبيرة
وقد تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لجنود الاحتلال وهم يعتدون على عدد من الطلبة ويلقونهم أرضاً ويقيدون أيديهم خلال عملية الاعتقال ومقاطع أخرى لسيارة مدنية استخدمها الجنود للتضليل لغايات الوصول إلى الجامعة
ولتفويت الفرصة على المحتل وتضامنا مع الطلبة المعتقلين والمصابين أعلنت جامعة بيرزيت بعد ساعات من الاقتحام إلغاء جميع الإجراءات النظامية ( العقوبات ) التي اتِخذت في وقت سابق بحق بعض الطلاب وهي خطوة في الاتجاه الصحيح من شأنها توحيد الصف الفلسطيني والجسم الطلابي والإدارة التعليمية في ذات الوقت دعت الجامعة جميع مكوناتها والأطر الطلابية للوقوف صفا واحدا من أجل حماية الطلبة وهذا الصرح الوطني والأكاديمي ومواجهة مسلسل جرائم الاحتلال الاستعماري الصهيوني المستمرة ضد أبناء الشعب الفلسطيني والاعتداءات المتكررة على جامعة بيرزيت وطلبتها ومشاغلة جنود العدو في كافة نقاط التماس لتبقى بيرزيت موحدة في مواجهة الاحتلال الغاشم
ممارسات الاحتلال هذه تشكل جريمة جديدة وامتدادا مبيت لهجماته المتواصلة على المؤسسات التعليمية في الضفة الغربية المحتلة عامة وفي القدس المحتلة والبلدة القديمة في الخليل خاصة وهي جزء لا يتجزأ من عدوان الاحتلال وحربه ضد الفلسطينيين وحقوقهم وأرضهم ومقدساتهم وممتلكاتهم ومؤسساتهم
بعد اعتقال قوات الاحتلال عدد من ممثلي الأطر الطلابية في الجامعة وإصابة بعضهم برصاص الاحتلال طالب نشطاء وطلبة جامعات فلسطينية اخرى مجلس أمناء جامعة بير زيت بإقالة إدارة الجامعة الحالية وتعيين إدارة جديدة قادرة على التعامل مع الأطر الطلابية في ضوء تصاعد الصدام بينهما في الفترة الأخيرة واتخاذ قرارات بحق ممثلي الأطر بذريعة الإخلال بالنظام العام وقد حمل الطلبة إدارة الجامعة المسؤولية الكاملة عن سلامة ممثلي الأطر الطلابية المعتقلين والمصابين وتعنت عمادة شؤون الطلبة بعدم الاستجابة لمطالب الحركة الطلابية والنقابية
مواقف الجامعة المتكررة والمتنكرة لحقوق الطلبة والتي هدفت إلى العبث بإرث وتاريخ جامعة الشهداء الوطني والسياسي هي من جرأت الاحتلال على استباحة ساحاتها وحرمها مراراً وتكراراً دون اكتراث لهذا الصرح العلمي أو لما قد يتسبب به هذا الاقتحام من أضرار وإصابات وكان على إدارة الجامعة أن تدرك منذ البداية أن مطالب الحركة الطلابية وطنية ومشروعة ويجب الوقوف صفاً واحدا وحصناً منيعا لحمايتهم لا أن تستنكر اعتقالهم بعد حدوثه بالإضافة الى ضرورة دعمهم ومساندتهم في كافة الجامعات الفلسطينية للقيام بالأنشطة الرافضة والمقاومة للاحتلال
هذه ليست المرة الأولى التي تقتحم فيها قوات الاحتلال جامعة بير زيت فقد قامت قوة إسرائيلية في 14 كانون الأول 2021 باقتحام الحرم الجامعي وحطمت البوابة الرئيسية ونزعت العلم الفلسطيني واعتدت على حرس الجامعة بالضرب وقامت بتخريب المحتويات والممتلكات في الجامعة وصادرت معدات طلابية ومجسمات وأدوات تستخدمها الكتل الطلابية في عروض عسكرية تنظمها بهدف الاحتفال بمناسبة انطلاقة التنظيمات والاحزاب التي تنتمون إليها
استهداف الجامعات يتعدى اقتحام حدود جامعة بيرزيت حيث سبق لجهاز الشاباك وجيش الاحتلال اعتقال 11 طالبا من جامعة النجاح الوطنية في نابلس بزعم تشكيلهم خلية لحركة حماس و مشاركتهم في تمويل أنشطتها وتنظيم مسيرات وحملات تحريض ضد اسرائيل
هذه الجريمة لن تثني الحركة الطلابية عن دورها الوطني ومساندة قضايا الأسرى والمعتقلين وسنظل الطلاب حاملين الراية في العمل الوطني داخل الحرم الجامعي والاستمرار في النضال ومقاومة الاحتلال وأن هذه الممارسات العدوانية لن تزيد شباب فلسطين وأبناء الكتلة الإسلامية إلا عزيمة وإصرارا على تحدي الاحتلال وكسر جبروته والعمل على استمرار العملية التعليمية وخدمة الطلبة
مخابرات الاحتلال الإسرائيلي تعتبر الكتلة الإسلامية عنوان لمجموعة شبكات طلابية تابعة لحركة حماس في الجامعات بالضفة الغربية وهي تلاحق عناصرها باعتبار أنهم يتبنون توجهات حماس كما تعمل بشكل مستمر على نزع أي نشاط مقاوم داخل الجامعات
الاجراءات الإسرائيلية القمعية لا تنفع مع الطلبة في الجامعات بل ما يحدث هو العكس تماما حيث يقابل تهديد الاحتلال بمعاندة في مواجهته بدلالة عدم امتثال آلاف الطلبة لرسائل التهديد التي كان مصدرها ضباط جهاز الشاباك على خطورتها وقسوة لغتها و تهديدها وكأنها لم تصلهم
للأسف موقف معظم إدارات الجامعات الفلسطينية مهادن ومسارها يدلل على أنها تنتهج سياسة نزع الفتيل أي أن تبتعد الجامعة عن كل ما يمكن أن يعرضها لإجراءات الاحتلال وهذا الموقف لا يجب ان يصدر عن الجامعات والمطلوب منها أن تتخذ موقف منسجم مع الموقف الوطني من دون أي لبس او غموض فيه
ومن الواجب في هذه المرحلة أن لا تتشدد تجاه نزعة المقاومة التي تشهدها الجامعات وان تعلن تأييدها لها وعلى اداراتها أن تتحلى بقدر وافرمن القوة والصلابة والتماسك في مواجهة ضغوط الاحتلال بالسماح للحركة الطلابية بالتعبير عن نفسها في بيئة تعليمية تعمل تحت الاستعمار وهذا يفرض عليها ايضا أن تقود مسار من التعليم التحرري فليس من الأخلاقية المهنية والاكاديمية أن تنفصل عن واقعها وذاتها
الجامعات الإسرائيلية على العكس من ذلك فهي متورطة وبشكل مقصود ومستمر وممنهج في نظام الاحتلال والاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري ( الأبارتهايد ) الإسرائيلي ضد الطلبة غير اليهودي من الفلسطينيين وقد لعبت دورا هاماً في تبرير الاحتلال للأراضي الفلسطينية وتشريع التطهير العرقي التدريجي للفلسطينيين وإعطاء تبرير أخلاقي للقتل خارج إطار المحاكمات والقانون
وفي هذا الشأن كشفت دراسة أعدتها منظمة هيومنن رايتس ووتش عام 2001 وجود تمييز عنصري يمأرس فعليا ضد الفلسطينيين في نظام التعليم الإسرائيلي بما في ذلك الجامعات التي كان لها الدور الاول في تطوير الأسلحة والأنظمة العسكرية التي تستخدم في العدوان الإسرائيلي المتكرر على الشعب الفلسطيني وارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية للضغط على المقاومة وهو ما يدعو الى ضرورة مقاطعة المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية وإنهاء كافة أشكال التطبيع معها لزيادة عزلة إسرائيل أكاديمياً ودولياً
الحركة الطلابية ستبقى بوحدتها الوطنية وعملها المشترك شوكة في حلق الاحتلال وأعوانه وقادرة دوما على أداء دورها الوطني بكل كفاءة واقتدار حيث قدمت في سبيل ذلك العديد من كوادرها شهداء وجرحى وأسرى وامام سطوة المحتل وجبروته ستظل جامعة بير زيت رغم انفه منارة للإشعاع الفكري والنضال الوطني الشامل عصية على الانكسار ولجامعة بيرزيت حقها ان تفخر بهؤلاء الطلبة وهذا وسام شرف لها يعتز به الجميع
ختاما نستنكر وندين بشدّة مع كل الاحرار والشرفاء ملاحقة قوات الاحتلال للحركة الطلابية النقابية واختطاف طلابها واقتحام جامعتهم ونطالب المؤسسات ومنظمات حقوق الإنسان إلى رفض وإدانة هذه الجرائم الصهيونية المنظمة ضد العملية التعليمية والعمل على فضح جرائم الاحتلال ومعاقبته عليها والضغط للإفراج الفوري عن الطلاب المختطفين والتدخل من أجل حماية المؤسسات التعليمية وضرورة أن تضطلع السلطة الفلسطينية وأجهزة أمنها بدورها في حماية الطلبة في الجامعات من إجرام الاحتلال المتكرر
mahdimubarak@gmail.com