الأردن…كشكول الحب والوجع…!
د. مفضي المومني
قدر الله لنا أن نعيش وطننا وأن يعيشنا… يجمعنا الحب ونتشارك الوجع، نترحم على أيام مضت وننتظر أيام الله يعلمها…!.
رغم رغم كل الألم ووجع وخيبات وندبات موغلة هنا وهناك، نبقى على عهد الحب والوفاء لوطننا… ولا نرضى بسواه..حتى لو شاكستنا الحكومات واشبعناها لطماً واشبعتنا مراجل… فسنبقى كما قال شاعرنا الكبير حيدر محمود في رائعته: هذا وطني.. «هل في الدُنيَّا أحلى من وجهِ حبيبي؟!»
حُلْوٌ أَوْ مُرٌ .. هذا وطني
وأنا أَهواه
يُسْعِدُني أَوْ يُشْقيني.. لا أَرضى بِسواهْ!
وإذا ما شاء العِشْقُ لَهُ
أنْ أَغْدو حَجَراً، أو زهرةَ دُفلى،
أوْ قَطْرَةَ ماءْ
فَلَهُ ما شاءَ.. له ما شاءْ
وَلْيَحْفَظُهُ المولى موَّالاً للفَرَحِ الأَخضَرِ،
فوق شِفاهٍ الزَّعْتَرِ، والحِنَّاءْ
وصلاةً للعِطْرِ، بقلبِ الزَّهْرِ،
تُفَجَّرُ مِنْهُ مواسِمَ عِشْقٍ، ومراسيلْ
وصَبايا مِثْلَ مُروجِ القَمْحِ تَميلْ!
وَلْيَحَفَظْهُ المولى: شَمْساً
دافِئَةَ الوَهْجِ، وَوَعْدَ غَرامْ
وجديلةَ زَهْوٍ، في الحَدَقاتِ السُّودِ تَنامْ!
هذا وطني..هل في الدُّنيَّا وَجْهٌ
أَحْلى من وَجْهِ حبيبي؟!
لست ميكافيليا… ولا سيريالياً… ولا تجريدياً… ولا مثالياً… ولا نعامة… ! وقد اكون براغماتياً أعيش الحقيقة واللحظة… واتنقل بين المثالية والطبيعية والواقعية والوجودية..لأن هذا البلد صعب المراس… تجتمع فيه كل المتضادات… والمفرحات… والمنغصات… .ولكن عندما تشرق شمس الصباح نقول يا الله توكلنا على الله… وفي الغروب والمساءات نرقب القمر ملياً… ننام بجوعنا او شبعنا… وفرحنا وحزننا وغيظنا… ونقول لعل الله يفرجها بأيام اجمل لم تأتي بعد كما وعدنا دولته …من وحي الشاعر التركي ناظم حكمت الموجز عن الأمل: “أجمل الأيام هي تلك التي لم نعشها بعد”. ونقرن كل هذا بالأمل والرجاء من الله بأيام افضل…(وعاد دولته ووعدنا باوقات صعبه… وإحنا من الأساس عارفين… ولم نخزق اذاننا، طبقاً للمثل الشعبي… عشمتني بالحلق خزقت انا آذاني)… احكيلنا الصحيح… فكلنا في الهم شرقُ…!
المشهد الوطني… كشكول وخلية نحل منظمه وغير منظمة… تبدأ من الإصلاحات الموعودة والتحديث الإقتصادي والتطوير الإداري والإستراتيجيات السابقة واللاحقة، التحزب التغرب، مناكفات مساجلات اجتماعات محاضرات ندوات والقائمة تطول… في المقابل نكوص إداري تعليمي… اقتصادي اجتماعي… فساد هنا وهناك محاصصات مغالبات مقارعات استباحة للمال العام من بعض الفاسدين، ارتفاع البنزين… قانون الطفوله سيداو… ميداو… مصالح كمسيونات لعانة والدين من بعض المارقين ممن يعتبرون الوطن شنتة سفر وبقرة حلوب… فقر مدقع ومطقع… غلاء… عنف اجتماعي قتل قطع… طخ مباشر وغير مباشر… ارواح تزهق دون ذنب… وصار البعض( كل ما تنقه عخشمه بيطخ… ويقتل… ) صحيح ان الجريمة موجودة من أيام قابيل وهابيل، ولكن ما يحدث هذه الأيام ليس مألوفاً… ولا من تاريخنا وثقافتنا… هنالك إيغال في التعنيف والتنتيف حد القتل بقشرة بصل..!.
في المقابل: الحياة ماشية… تزاحم في الأسواق، والحصول على الكماليات، وإقامة الدعوات العرمرمية 100 صدر وطالع… وفلان يولم لفلان…وفلان طلب وفلان أعطى… وتوجهت الجاهة… وكان في الأستقبال… والقائمة تطول..! وتنظر خارج مكان الوليمة سيارات سوداء آخر موديل وكله دفع رباعي من لاندكروز لمرسيدس… فتشعر انك بمعرض للسيارات الفارهة… وبالمقابل هنالك من يلتقط القمامة ليخرج بلقمة عيش وبالطريق هنالك ضريبة ستلاحقهم( وأقترح وضع ضريبة مناسف على كل من يولم بأكثر من صدرين… مش عارف كيف راحت عن بالهم..!).
فسيفساء الوطن لن تجد لها مثيل… مشاهد تقول اننا أغنى بلد في العالم… ومشاهد تقول أننا بلد فقير منهك…وبكل الأحوال نتقاسم لقمة عيشنا… منا من (يعيش حياة البطر… ومنا مخاوي الطفر)… هنا حياه هنا فرح هنا سعاده هنالك تعاسه كشكول يصعب حل طلاسمه…واستذكر قصة الخبير الكوري من البنك الدولي… الذي ابتعثوه لدراسة اقتصادنا… وبعد ستة شهور عاد لهم بلحيه وثوب وسبحة… وقد اسلم… فقالوا له أين التقرير ؟ قال حاولت تطبيق كل نظريات الأقتصاد وكلها اعطت نتيجة سلبية… ولكن البلد تدب فيه الحياه…حينها ادركت ان هنالك قوة عظمى تحفظ البلد فأسلمت… !
نعم رغم كل شيء… نحب الأردن… نريده متطوراً… يعج بالحياة… نطمح بمستقبل جميل… يجمعنا الألم وتوحدنا النخوة… وننتظر شمس كل صباح ونقول يا الله… اللهم اصلح الحال والأحوال…فلم تعد السوداوية تسعفنا… فلنسرق بعضاً من فرح…من كشكول المنغصات… فالحياة قصيرة…والبلد أبقى منا جميعاً..! حمى الله الأردن.