الارهاب صناعة امريكية حصرية واليكم بعض الدلائل !
مهدي مبارك عبدالله
=
بقلم / مهدي مبارك عبد الله
لا زلنا بوعي تام وادراك كامل نستذكر التقرير المخابراتي الأمريكي الذي
كان مصنف في حينه تحت خانة سري للغاية بعدما أخرجه الى العلن الخصوم
التقليديون للرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن وسربوا مقاطع منه إلى
الصحف المحلية والدولية وهو ما دفع بالرئيس إلى رفع السرية كليا عنه
ليكون دليلا قاطعا على ادانة امريكا حول كل ما جري في العالم من أعمال
عنف وإرهاب ذهب ضحيتها في الغالب الأبرياء والضعفاء
التقرير المشار اليه اكد بصراحة واضحة أن غزو العراق أدى إلى ما سماه
بالتطرف الإسلامي وجعل مشكلة الإرهاب في مجملها أسوأ مما كانت عليه حيث
كان اكبر اعتراف علني من طرف 16 وكالة استخباراتية أمريكية بأن الإرهاب
هو ( صناعة أمريكية ) بحتة مما يعني في المحصلة ان كل ما جري في المنطقة
هو نتيجة طبيعية ومنطقية للسياسات الامريكية المتهورة اتجاه بعض الدول
العربية والاسلامية يقال في القانون ( الاعتراف سيد الأدلة )
بوش الصغير حينها لم يوافق على ما جاء في التقرير بعنجهية وغرور ارعنين
وقد وصف الخلاصة التي انتهى إليها بـ ( الاعتقاد الساذج ) وبذلك وضع رأيه
فوق رأي 16 وكالة استخباراتية وأمنية تعمل تحت إمرته وهو ما يخالف الاسس
الدستورية والقواعد القانونية التي تحكم عمل وصلاحيات الرئيس بالكامل
قبل غزو امريكا وحلفائها للعراق لم يكن العالم يعرف الزرقاوي وأمثاله
الذين كانوا يقطعون الرؤوس على البث المباشر تحت ( عناوين الجهاد
الإسلامي ) وبصحيات الله اكبر وكذلك لم يكن أحد يتوقع أن تملأ جثث
العراقيين نهري دجلة والفرات جراء استشراء الفتنة الطائفية بين السنة
والشيعة التي تمكنت امريكا من إشعالها بعد قرون من التعايش والتسامح بين
الطائفتين على الرغم من عمق الاختلافات العقائدية والفكرية والفقهية
بينهما ناهيك عن تهجير مئات الالاف من العراقيين داخل وطنهم وخارجه وكذلك
عجز الدولة عن تقديم خدمات الرعاية والحماية وادارة المؤسسات العامة
وتنمية الاقتصاد والنهوض بالقطاعات وتحسين مستوى معيشة المواطنين
وهنا نتسأل ونحن نعلم الجواب والحقيقة مَن الذي أوجد تنظيم القاعدة ودعمه
بالتدريب والسلاح والمال ليكون ( العدو الوهمي ) لأمريكا بعد زوال خصوم
المعسكر السوفيتي الاشتراكي لتضمن شركات السلاح الامريكية والغربية
استمرار ترويج منتوجها وكذلك من كان يعمل يوميا على تضخيم ( بعبع القاعدة
) بعد ان كان يقدم له كل المبررات والدواعي لتحفيز الشباب في العالم
الإسلامي للانضمام إليه بوصفه ( تنظيم اسلامي جهادي ) يقاتل الملاحدة
المشركين
لحسن الحظ انه مازال في هذا العالم الراكع في غالبيته تحت اقدام
الامريكان من يذكر امريكا كدولة عظمى بماضيها القريب الاسود وساديتها
الكريهة كأول دولة إرهابية في العالم الحديث عندما حولت الاختراعات
الفيزيائية والكيميائية الكبرى الى ادوات موت وإرهاب بصناعتها قنبلتي
هيروشيما ونغازاكي اللتين قتلتا أضعاف ما قتله ما يسمى بالإرهاب خلال
سنواته العديدة
لقد جاء الاحتفال الشعبي والرسمي الياباني الاخير بذكرى القاء القنبلة
النووية على نغازاكي والتي قضى فيها اكثر من ( سبعين ألف ) مواطن ياباني
من الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى ليذكر العالم بأن أمريكا المتحضرة
والمعاصرة جدا هي نفسها التي زرعت بذور إرهاب الشعوب في اول إرهاب نووي
فوق الارض مازالت إشعاعاته تزرع الخلايا السرطانية في أبناء اليابان حتى
الساعة
ولحسن الحظ ايضا وربما لسوئه أن هذه الذكرى تزامنت مع احتفالات ليست
شعبية ولا رسمية من بعض اللبنانيين بالذكرى الأولى لمجزرة قانا الوحشية
التي أحرقت فيها اسرائيل وبدعم أمريكي خالص وفيزا دولية وعربية مفتوحة
أجساد أطفال لبنان بالنار بعد قصفها مبنى تابع للأمم المتحدة كان يزدحم
بالمدنيين الفارين من موت وجحيم الصهاينة
إذا كان اليابانيون قد تذكروا عيدهم ومأساتهم التي قارب عمرها ثلثي قرن
فإن معظم العرب وحتى الساسة اللبنانيين بدوا منشغلين بصراعات الكرسي التي
لا تنتهي وكأن الهولوكوست الذي عاشوه لا يعنيهم بشئ
امريكا بأفعالها الاجرامية حولت هيروشيما ونغازاكي إلى ( مقبرة نووية )
اصبحت الآن المثل الأعلى لكل الحكومات والشعوب في العالم بما فيهم
اليابانيين انفسهم وكلهم يباركون احتلالها لبعض دول العالم باسم ( مكافحة
الإرهاب ) على خلفية أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 ولا أحد يصفها
بالإرهاب أو طاردها أو قاطعها بعد تفجيرات هيروشيما ونغازاكي ولكنها هي
الآن تطارد المسلمين ولا ( نقول الإسلاميين ) في كل مكان فوق الارض وتلصق
بهم تهم الإرهاب الملفقة والكاذبة
بعدما فقدت امريكا بضع مئات من مواطنيها في تفجير برجي نيويورك بدأت
مطاردة ( الإسلام ولا نقول المسلمين ثانية ) والاساءة لهم ومضايقتهم
واستهدافهم والتحريض عليهم من طرف حلفائها عبر الرسومات المسيئة للرسول
الكريم في الدانمارك والسويد وفرنسا وغيرهما اضافة الى منع الحجاب عن
المسلمات والاعتداء عليهن حتى وصلت العنصرية بأبشع صورها الى مطالبة
برلماني هولندي بمنع دخول القرآن إلى المملكة الهولندية وغيرها من الدول
الاوربية فضلا عن الحروب السياسية والثقافية والفكرية والاقتصادية
المندلعة في كل بقاع الارض ضد اتباع ثاني اكبر ديانة في العالم
لنتذكر أكثر ما فعلته امريكا بفلسطين عبر سياساتها المتحيزة لصالح
إسرائيل وهو ما نمى العداء لها في العالمين العربي والإسلامي وما فعلته
ايضا باللبنانيين عندما أرسلت أطنانا من القنابل الذكية لإسرائيل من أجل
تفتيت أجساد أطفال لبنان وهو ما زاد مستوى الحقد والكراهية العربية لها
وما مارسته ايضا في العراق وسوريا وافغانستان وما كانت تقوم به يوميا من
سلوكيات عدائية واجرامية ساهمت بشكل كبير في تعاظم تنظيمي القاعدة وداعش
وسواهما كما اشتداد العداء العربي والإسلامي لواشنطن وقادتها عبر مسيرة
الأجيال المتلاحقة
خلال فترة الانسحاب الامريكي المذل من افغانستان زعم البنتاغون أنه قصف
الهدف الصحيح عندما دمر في ضربة عسكرية سيارة محملة بالمتفجرات كانت على
وشك الانطلاق باتجاه مطار كابول كان يقودها عنصر من تنظيم الدولة في
خراسان (الفرع الأفغاني من التنظيم) ثم تبين أنها مركبة تعود لعشرة
مواطنين افغان من عائلة واحدة بينهم سبعة أطفال قتلوا بالخطأ في القصف
ورغم ذلك ادعى البنتاغون في تبريراته إنهم في الأغلب لاقوا حتفهم بسبب
شظايا الانفجار الثانوي وفي حديث صحفي لشقيق الضحايا نجا من الحادثة قال
( نحن لسنا تنظيم الدولة ولا خراسان وهذا منزلنا العائلي الذي كان يعيش
فيه أشقائي وعائلاتهم الذين قتلوا ظلما وعدوان من قبل الامريكان وهم داخل
سيارتهم الخاصة )
في عام 2015 قدرت جمعية ( أطباء من أجل المسؤولية الاجتماعية) في
الولايات المتحدة بأن أكثر من مليوني شخص قتلوا بشكل مباشر أو غير مباشر
في الحروب التي جرت في العراق وأفغانستان وباكستان واليمن لوحدها فيما
سمي بالحرب على الإرهاب التي دارت رحاها في بلاد فقيرة ومسلمة وغير قادرة
على الدفاع عن نفسها فضلا عن 27 مليون اجبروا على النزوح من ديارهم الى
التشرد والضياع
من اهم النتائج المخزية للحرب المزعومة على الإرهاب اضافة الى أعداد
الضحايا الرهيبة والأكاذيب الكثيرة هو عدم محاسبة أحد ممن يتحملون
المسؤولية عنها أو استعداد أحد منهم للاعتذار عن القرارات التي اتخذها لا
جورج دبليو بوش ولا رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير ولا الجنرال
دافيد باتريوس أو الجنرال ستانلي ماكريستال آمر القوات الخاصة ) الذي
تفاخر ذات مرة بأنه بإمكانه أن يخرج ( الديمقراطية من أي بلد ) من مؤخرة
طائرة عمودية امريكية من طراز تشينوك
وأكثر ما هو محزن في مرثية الحرب الامريكية العبثية والمدمرة التي استمرت
عشرين عام هو أن الامريكان لم يتعلموا منها شيئاً ولم يأخذوا منها أي
عبرة بعدما هزموا انفسهم في كل المناطق التي كانوا يفعلوا فيها ما يشاءون
بعنجهية مطلقة وقد كانت حركة الطالبان وتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة
الإسلامية من اهم العوامل المحفزة على الانهيار السريع لغطرستهم
اخيرا اليس من الغريب والعجيب ان أمريكا التي بأمر من رئيسها هاري ترومان
عام 1945 زرعت الموت بكل أشكاله في ارض اليابان ورغم كل ذلك بقيت (
المسيحية كديانة بريئة ) وإسرائيل التي بأمر من رئيس وزرائها آنذاك
أولمرت عام 1996 زرعت الموت بكل أشكاله في مجزرة قانة ولبنان وبقيت كذلك
( اليهودية كديانة ايضا بريئة ) من أفعاله
فلماذا اذا يتهمون الإسلام بسبب تفجيرات معزولة في نيويورك لم يأمر بها
أحد من المسلمين او العلماء المؤمنين ( انظر الى العنصرية السائدة في
عقولهم وسلوكهم ) لهذا وغيره الكثير سيبقى الإرهاب المزعوم كذبتهم
المفضوحة وصناعتهم الفاسدة وبضاعتهم المغشوشة وهم دائما اهله ودعاته
وحماته ورعاته والشواهد على ذلك وكما اسلفنا بعضها عديدة
mahdimubarak@gmail.com