الاعدامات الميدانية اجرام صهيوني يؤجج نار المقاومة
مهدي مبارك عبدالله
=
بقلم / مهدي مبارك عبد الله
سياسة الاغتيالات والإعدامات الميدانية التي ينفذها جيش الاحتلال الصهيوني بشكل متواصل وبدمٍ بارد بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية والداخل المحتلين والتي أدت الى استشهاد عدد من الأبرياء في الأيام القليلة الماضية
من بينهم على سبيل المثال لا الحصر الشهيدة غادة سباتين (47 عام ) التي أعدمها الاحتلال في بيت لحم والشهيد محمد زكارنة (17 عام ) الذي قضى متأثراً بجراحه التي أصيب بها أثناء اقتحام قوات الاحتلال لمخيم جنين والشهيدة مها كاظم الزعتري (24 عام ) من منطقة أبو دعجان بمحافظة الخليل والشهيد البطل محمد علي غنيم (21 عام ) من محافظة بيت لحم والذين ارتقوا برصاص الاحتلال الغادر لتضاف أسماؤهم إلى سجل العار الصهيوني الدامي بحق أبناء الشعب الفلسطيني ولا يفوتنا الإشارة الى العديد من قوافل الشهداء الابرار الذين ارتقوا من قبل ومن بعد
محمد الغنيم لاعب نادي الخضر الرياضي انضم أيضا إلى قائمة ضحايا الإعدامات الميدانية التي نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي وذلك اثناء تواجده في محيط منزله الواقع بالقرب من جدار الفصل ببلدة الخضر غرب مدينة بيت لحم حيث أصابته رصاصة في ظهره وخرجت من صدره وقد نقل إلى المستشفى لكنه على اثرها فارق الحياة
وقد سلطت عملية الاغتيال الإسرائيلية الأخيرة لثلاثة من المقاومين الفلسطينيين في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية الضوء على التاريخ الدموي لجيش الاحتلال الحافل بالاغتيالات فهي ليست سياسة جديدة وسجله مزدحم بقائمة طويلة منها منذ ما قبل قيام الكيان عام 1948 وحتى الآن والذاكرة الفلسطينية والعربية تزدحم وتخلد أسماء قادة وسياسيين وعلماء ومفكرين وكوادر في المقاومة وقادتها السياسيين الذين راحوا ضحية هذه السياسة الدموية وبأساليب وطرق غدر مختلفة
الممارسات الاجرامية الصهيونية معظمها تأتي بزعم محاولات تنفيذ عمليات طعن ومقاومة للجنود والمستوطنين حيث ترى تل ابيب فيها السياسة التي تلبي الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية والوسيلة الأنجع لوقف ما تسميه بالقنابل الموقوتة كما انها تقع ضمن محاولات الاحتلال اليائسة من أجل إيقاف المقاومة وكسر إرادة المنتفضين ضد وجوده واعتداءاته المتواصلة بحقهم
حيث عكس بكل وضوح حجم العنصريّة والفاشيّة التي يتسم بها الكيان الصهيوني الفاشي وهو يعي تماما بان أسلوب القتل المتعمد والحصار والاعتقال الإسرائيلي لن ينفع مع المقاومون الفلسطينيون بل سوف يزيدهم رغم قلة الإمكانيات والقدرات إرادة وعزيمة في مواجهة الاحتلال ومواصلة المقاومة واستمرار جذوة الصراع مشتعلة فضلا عن تصعيد عمليات الانتقام لدماء الشهداء والتي لن تجعل المجتمع الصهيوني في مأمن طالما ان هناك احتلال واعدامات واعتقالات واعتداءات وانتهاكات ينفذها جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين المنفلتين
الفلسطينيون بفصائلهم واطيافهم المختلفة سيبقون مشاريع شهادة يحملون اكفانهم على اكتافهم وهم صامدين وثابتين على أرضهم التاريخية ومتمسكين بحقهم الشرعي في مقاومة الاحتلال ورفض مبدأ السلام المخادع والمفاوضات العبثية التي لم تجدي نفعًا وان مقاومتهم الباسلة التي أصبحت عنوان المرحلة سيبقى سلاحها مشرعا وسيفها مسلولا في وجه الاحتلال ومستوطنيه وهي تمارس واجبها الديني والوطني في الدفاع عن الشعب والأرض وأنها قادرة على وردع وصد العدوان السافر ومواجهته بالمثل حيث يستسقى الدم بالدم
الاحتلال الصهيوني أوغل في استباحة دماء الفلسطينيين في القدس والداخل المحتل وخليل الرحمن وصولاً إلى بيت لحم حتى جنين وباقي مدن وقرى وبلدات الضفة وان تزايد عدد الضحايا وارتفاع عدد الشهداء واستمرار تمادي آلة البطش الصهيونية وتوسيع سياسات الاغتيالات والتصفيات لن يرهب المقاومة وهي تحذر من تداعياتها المستمرة التي سوف تزيد من فاتورة المواجهة والحساب والانتقام بعدما أصبحت جريمة قتلهم مدعاة لإشعال نار المقاومة والمواجهة حتى تحرير الأرض وتطهير المقدسات من دنس ورجس المحتلين الغاصبين
من خلال رصد العديد من عمليات الاغتيال خلال انتفاضتي الحجارة 1987 والأقصى 2000 وحروب غزة بين عامي 2008-2021 يمكن رسم سيناريو لعملية الإعداد والتخطيط وتنفيذ عمليات الاغتيال القائمة على إدراج أسماء عشرات المقاومين المحكوم عليهم بالإعدام بعد دراسة ملفاتهم الأمنية ودرجة فاعليتهم وخطورتهم وهنا تلعب أجهزة أمن الاحتلال دور المدعي والقاضي والمنفذ للحكم بمشاركة عدة أجهزة أمنية وعسكرية في التخطيط لعمليات الاغتيال بالاعتماد على مصادر استخبارية من العملاء والرصد بالوسائل التقنية الحديثة والتنفيذ بوحشية قذرة
سلطات الاحتلال الصهيوني تزعم دائما بأن أسلوب الاغتيالات الميدانية يحقق لها عدة أهداف رئيسة منها ضرب الروح المعنوية للشعب الفلسطيني والحد من تطور ظاهرة انتشار الخلايا المسلحة التي تمارس العمل الفدائي ضد جيش الاحتلال والمستوطنين من خلال قتل ناشطيها والتشويش مؤقتا على منظومة قيادة المقاومة وعرقلة العمليات المخطط لها على الأقل ولو جزء منها وإلزام رجال المقاومة بممارسة العمل السري والاختباء وبالتالي تجعل من الصعب عليهم التخطيط للعمليات وتنفيذها كما يوجد في هذا الأسلوب ما يخلق أثر العين بالعين وهو هدف الانتقام على الأقل بالنسبة لمعنويات الجمهور الإسرائيلي
مع كل تلك الادعاءات فقد أثبتت المقاومة أن أسلوب الاغتيالات لم ينجح في كسر شوكتها وفي انفضاض الناس عنها والالتفاف حولها مما يعني أن تمسك الاحتلال بسياسته القديمة الجديدة التي تؤمن بنظرية كي وعي الفلسطينيين حتى يضغطوا على منفذي العمليات للتوقف عن أعمالهم أصبحت تعود عليه بنتائج عكسية تماما فالاغتيالات القاسية جدا والقتل البشع يشجع المقاومة ويزيد لهيب نارها أكثر من ما يمنعها
لقد خاب أمل جنرالات الاحتلال عندما اعتقدوا أن عمليات التصفية ومحاولات الاغتيال بحق الفلسطينيين ستؤدي بهم لأن يهتموا بأنفسهم وأن يسعوا للحفاظ على حياتهم وأن يتركوا التخطيط للعمليات وتنفيذها فقد ثبت أنهم كانوا حالمين فلم تؤد هذه الاغتيالات إلا إلى تعاظم عملياتهم المدمرة بجراءة أكبر وإصرار أعظم وضحايا أكثر
اما من حيث جدوى سياسة الاعدامات والاغتيالات الميدانية فقد أدت على ارض الواقع الى تعاظم الخسائر الإسرائيلية وتوفير المسوغات لفصائل المقاومة لمضاعفة عملياتها وجعلها أكثر ضراوة وخطورة وأشد قسوة وتصميم ووقد ثبت يقينا بأن عمليات التصفية على تكرارها لا توفر الامن ولا تقلل من اهراق الدماء وإنما تزيدها وتجعل نطاقها أوسع وتكشف ذريعتها الحقيقية بانها سياسية وسيكولوجية وليست امنية
سياسات الاحتلال الإسرائيلي المعادية للفلسطينيين والتمييز العنصري الذي يمارس ضدهم ينذر بالانفجار القريب سيما وأن يد المقاومة على الزناد وأبناء الشعب الفلسطيني مستعدون لتقديم الغالي والنفيس من اجل وطنهم ومقدساتهم وحريتهم وكرامتهم وحياتهم وهم يقفون سدا منيعًا أمام الهجمات والجرائم الإسرائيلية المتلاحقة
الضفة الغربية المحتلة في الأيام السابقة سجلت لحظات بطولية في تاريخ الشعب الفلسطيني وقدمت الشهداء وأثخنت جراح الاحتلال ونفذ أبطالها عمليات في الداخل المحتل وفي وسط مستوطناته كما استطاعت تسجيل نقاط نوعية في المواجهة سجلت بأسطر من ذهب في الدفاع عن الأرض والمقدسات وبما يؤكد أن المقاومة ستبقى حاضرة في وجدان اهلها وحياتهم بكل شموخ وعنفوان
الصهاينة لن ينعموا بالأمن والاستقرار او حتى مجرد التهدئة ورد المقاومة سيكون حازما ما دام هناك احتلال واعتداء فمن حقها استخدام كل الوسائل للدفاع عن أرضها ومن أراد التوسط معها فليذهب للاحتلال ويلجم اعتداءاته فهي تدافع عن مقدساتها وشعبها الذي يتعرض لاعتداءات واعدامات واغتيالات إسرائيلية متواصلة وهي لا زالت قادرة على فرض معادلات جديدة ومفاجئة على المحتل المجرم
دماء الشهداء الابرار لن تذهب هدرا وهي التي وحدت البنادق وصوبت البوصلة تجاه العدو وأن جرائم الاحتلال على امتداد خارطة الوطن السليب تكشف مجدداً عن الوجه الإرهابي لهذا الكيان المسخ وتدلل بان استهدف للمسجد الأقصى والأراضي الفلسطينية يحتم على الشعب الفلسطيني الاستمرار بكل أشكال المقاومة التي لا يمكن أن تتوقف حتى استعادة أرضه وحقوقه المغتصبة
معلوم جيدا بان التفاف الشعب الفلسطيني حول المقاومة له دلالات واضحة وأن الشعار الذي بات يردده المشاركون في كل مظاهرة (حط السيف قبال السيف احنا رجال محمد ضيف)، يؤكد أنه يثق بمقاومته وأنها ستنجز له التحرير وكنس الاحتلال ويرفض طرق ومشاريع المفاوضات والاستسلام التي ملوا منها ولم لهم تثمر شيئًا وانهم مهما قدموا من شهداء وأسرى وجرحى فهذا واجبهم الطبيعي والشرعي والوطني الذي يحتم عليهم الدفاع عن حقوقهم ووطنهم ومقدساتهم مهما بلغت التحديات وكلفت التضحيات
نكرر للمرة المليون وليسمع الذين في اذانهم وقر وعلى قلوبهم غشاوة ان الاعدامات الميدانية وزيادة الاعتداءات الوحشية الصهيونية تزيد ابناء الشعب الفلسطيني تمسكا بالمقاومة وترفع وتيرتها وتعزز سلاحها وتوسع رقعتها وتنوع المستهدفين فيها رغم كل محاولات الاحتلال وإجراءاته المجربة والفاشلة بالمحاصرة والهدم والاعتقال والسجن وغيرها
أخيرا يبدو انه من المضحك ونحن نرى قادة الجيش الصهيوني يعلنون ويتفاخرون دائما بأنهم حققوا انتصارا مؤزرا على المقاومين الفلسطينيين وان نصرهم هذا المزعوم يذكرنا بما قاله الجنرال الاغريقي الملك بيروس الايبري الذي هزم جيش الرومان صاحب العبارة الشهيرة حقا وصدقا ( نصر آخر كهذا وسنؤول للهاوية )
mahdimubarak@gmail.com