البحث عن مصالحنا قبل فوات الأوان
نسيم العنيزات
في ظل التحالفات الدولية ، وتغيير المعادلة العالمية ، وما طرأت عليها من مستجدات ومتغيرات ، أحدثت تغيرات على الخريطة السياسية من حيث الاصطفاف والترقب ، اما سعيا خلف المصالح، وتنويعا للخيارات، او فرض الهيمنة وتوسيع النفوذ ، لا بد لنا من اعادة التفكير وطرح جميع اوراقنا للمناقشة تماشيا مع الواقع بما ينسجم مع مصلحة دولتنا.
فالعالم الان مشغول، وكل دولة فيه أحدثت استدارة ،وتفكر بما يعزز وجودها ونفوذها وفرض تأثيرها اما سياسيا او اقتصاديا او بناء تحالفات قوية او إجراء مصالحات ومقاربات فيما بينها،، لتكون مستعدة لأي نتائج مستقبلية ، سواء على الجبهة الروسية الاوكرانية ، فتحديد هوية المنتصر سيفرض شروطه ويعزز وجوده ، او على صعيد الحرب الاقتصادية التي تشهد حربا باردة بين الصين والأمريكان.
وفي ظل الهرم الأوربي وعدم قدرته على الخروج من العباءة الأمريكية التي اغرقته في حرب لا دخل له بها، الا انه مهما كانت النتائج سيكون الخاسر الأكبر بعد ارتفاع أسعار الغاز والبترول واعداد اللاجئين الاوكرانيين على أراضيه، وما تعانيه شعوبهم من شبح التضخم التي ما زالت هي وحليفتها عاجزين عن كبح جماحه على الرغم من كل الاجراءات القاسية التي اتخذتها بنوكهم المركزية والفدرالي الأمريكي .
مما يسلط الأضواء نحو قارتي اسيا والسمراء وما تختزنه أراضيهم من ثروات وخيرات حيث تسعى بعض الدول الأوربية لإيجاد موطئ قدم او بسط نفوذهم فيها ،او إعادة امجادهم على أراضيها اما من خلال الجولات والمباحثات والاستجداء احيانا، او إشعال الحروب والفتن لتبقى بحاجة لها لمساعدتها او لدعم طرف على حساب الاخر.
هذا هو واقع العالم اليوم الذي يسعى الى رسم خريطة وشكل جديد له ، الامر الذي لم يعد الانتظار والترقب واللهاث خلفه للحاق بالركب وركوب قطاره مجديا .
لأننا قد لا نجد فيه مقعدا او من يلتفت إلينا او يجلسنا الى جانبه مما قد يبقينا مرة أخرى على قائمة الانتظار لحين وصول قطار اخر .
الامر الذي قد نصل معه متأخرين وفقدان الكثير من الفرص او الظفر بالغنائم بعد ان توزع الكعكة بين الواصلين.
فتنويع الخيارات واتخاذ القرارات بعيدا عن الاصطفاف يبقينا داخل الدائرة ويزيد من نفوذنا واحترام خياراتنا وتقدير موقفنا.
فلم تعد الولايات المتحدة الان هي صاحبة القول الفصل الوحيدة في هذا العالم الذي أصبح متعدد الاقطاب دون ان نغفل دورها وتأثيرها وقوتها فهناك من يجلس معها على نفس الطاولة وبمسافة واحدة ايضا ،د له دور وتأثير أيضا.
مما يدفعنا الى تنويع الخيارات وان نملئ سلتنا بأكثر من نوع استعدادا للمستقبل وتحوطا لأي مفاجأة حتى لا نبقى محسوبين على طرف ضد الاخر .
خاصة وان دولتنا تتمتع بعلاقات دولية مميزة بفضل قيادتنا ودبلوماسيتها التي تحظى باحترام دولي قل نظيره وما تحملته بلدنا من أعباء اللاجئين خلال السنوات الطويلة الماضية على الرغم من شح مصادرها وقلة امكانياتها، انطلاقا من رؤيتها الإنسانية ورسالتها الوسطية .
الا انها بذلك ساعدت دول العالم الذي عليه ان يتحمل مسؤوليته ويقوم بواجبه وما وعد به امام هذا الموقف الإنساني الذي عجزت او اشاحت دول كثيرة بوجهها عنه .