التجربة الحزبية في الأردن ،، هل من الممكن أن تنجح وتتقدم ؟!
منذر محمد الزغول
=
بلا أدنى شك يبدو أن التجربة الحزبية في الأردن أصبحت تحظى باهتمام كبير من كافة فئات المجتمع الأردني خاصة أن الكثير من الأحزاب بدأت تنشط وتُقدم ما لديها من أفكار وبرامج لمحاولة تسويق نفسها واستقطاب أكبر عدد ممكن من الأشخاص.
على كل بالرغم من هذا النشاط الملحوظ للقيادات الحزبية في المملكة إلا إن الكثير يعتبر أن مهمتهم صعبة للغاية لأن الأوضاع الاقتصادية في الأردن أصبحت لا تسر عدوا ولا صديقا وهي بيئة غير جاذبة للعمل الحزبي أو حتى لأي شىء أخر ، إضافة إلى عدم قناعة الكثير بإمكانية نجاح التجربة الحزبية في الأردن للعديد من الأسباب من أهمها التدخلات في عمل وبرامج الأحزاب من أكثر من جهة والتي تريد لهذه الأحزاب أن تبقى ضعيفة وبدائرة مُعينة وأن لا تكبر كثيراً لتخوفات أتوقع أنها غير مبررة .
على كل أيضاً سأتناول في مقالي هذا بعض الأمور والقضايا التي أعتقد أنها من التحديات و العوائق الكبيرة التي ستقف بكل قوة أمام نجاح التجربة الحزبية في الأردن وتقدمها ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر ،،،
أولا: ما زال الكثير أو حتى الغالبية العظمى من الراغبين بالانخراط بالأحزاب الموجودة على الساحة الأردنية يسأل عن مدى الاستفادة الشخصية التي سيحققها من خلال وجوده أو انضمامه لأي حزب أردني ودائما ما أسمع جملة( شو ممكن أستفيد ) ولا أسمع كثيرا ماذا يمكن أن يستفيد الوطن من الأحزاب والتجربة الحزبية بشكل عام ، وكأن من المفروض على الأحزاب أن توصل كل من يشارك فيها إلى الوزارة والبرلمان وغيرها من المناصب ، وهذا بالطبع أمر خطير جدا على الأحزاب ومستقبل وجودها واستمرارها .
ثانيا: يبدو أن الأحزاب الموجودة على الساحة الأردنية ليس لديها أي توجه لإيجاد قيادات بديلة أخرى تتولى عملية إدارتها فيما بعد ، لذلك أصبحنا نشير إلى هذه الأحزاب بقيادتها كأن نقول هذا حزب فلان وذاك حزب علان ، وهذا أيضا أمر خطير جدا على الأحزاب وعملية استمرارها ، وقد لاحظنا وشاهدنا كيف تلاشت بعض الأحزاب الأردنية التي كان يقف على رأس الهرم فيها شخصيات أردنية كبيرة ، والأمثلة على ذلك كثيرة.
ثالثا: لا أظن أن الدولة لديها الرغبة الكاملة بإنجاح التجربة الحزبية وأتوقع أن الأمر لا يخلو حاليا من عملية التنفيس عن الشعب الأردني بسبب الضائقة الاقتصادية التي نمر فيها ، إضافة الى أن المواطن الأردني أصبح يشعر أن بعض الأحزاب تتلقى كل الدعم والرعاية من الدولة وأحزاب أخرى ليس لها أي نصيب من هذه الرعاية ، وهذا بالطبع تحدي كبير سيجعل الكثير من الأردنيين يحجمون عن المشاركة بالعملية الحزبية .
رابعا: كثرة عدد الأحزاب على الساحة الأردنية من أكبر التحديات التي ستعيق عملية تقدمها وازدهارها ، ويبدو أيضا أن هناك جهات تدفع لزيادة عدد الأحزاب في الأردن لتفقد بريقها ولضمان عدم وجود أغلبية حزبية مستقبلا في البرلمان ، أي أن المطلوب مستقبلا أن يكون لكل حزب عدد محدود جدا من المقاعد البرلمانية ، وبذلك تضمن الدولة عدم وجود حزب كبير و مسيطر على الساحة ، وهذا الأمر سيبقى كافة الأحزاب الأردنية ضعيفة وهزيلة ، ولن يكون هناك أي حزب أردني لديه من القوة والرصيد في الشارع وفي البرلمان كما هو الحال في دول العالم الأخرى .
خامسا: الهاجس الأمني والتخوف من الانخراط بالأحزاب ما زال موجودا عند شريحة كبيرة من أفراد المجتمع الأردني وخاصة فئة الشباب الذين من الممكن أن يلتحقوا لاحقا بالجيش والأجهزة الأمنية المختلفة وببعض دوائر الدولة الحساسة .
أخيراً أتوقع أن هناك العديد من التحديات التي تواجه الأحزاب الأردنية ، ولكن تبقى المسؤولية الأكبر أولا على الدولة في أن تقدم كل ما يلزم لإنجاح التجربة الحزبية الأردنية وأن تقف على مسافة واحدة من جميع الأحزاب الأردنية المرخصة ضمن الأنظمة والقوانين الأردنية ، كما أن الدور الأخر والهام أيضاً يقع على قيادات الأحزاب الأردنية فطريقهم ليست سهلة على الإطلاق وليست مفروشة بالورود ، لذلك يتوجب عليهم أن يكونوا على قدر المسؤولية وأن يواصلوا عملهم بالليل والنهار لإقناع الشارع الأردني ببرامج وخطط أحزابهم ، فالمشوار ما يزال في بداياته ، ولدى وأمام الأحزاب الأردنية تحديات جسام يجب أن تبقى جاهزة لها ، ومن الضروري أن لا يصيبنا جميعا اليأس فهناك بصيص أمل من الممكن أن نبنى عليه كثيراً ، فالأردن يستحق منا أن نقدم ونبذل من أجله التضحيات الجسام .
والله من وراء القصد ،،،
بقلم/ منذر محمد الزغول
ناشر ومدير وكالة عجلون الاخبارية
عضو مجلس محافظة عجلون