التطبيع الإسرائيلي الليبي يلوح في الأفق ؟
مهدي مبارك عبدالله
=
؟
بقلم / مهدي مبارك عبد الله منذ أيام قليلة انضم المشير الليبي المتقاعد خليفة حفتر78 عام إلى قائمة المهرولين من خلال إيفاد ابنه صدّام إلى الكيان الصهيوني ليعرض على قتلة أطفال غزة مساعدتَه سياسيا وعسكريا للوصول إلى الحكم مقابل التطبيع حيث أقلعت طائرته الخاصة من طراز ( داسو فالكون ) الفرنسية الصنع التي تعود ملكيتها لوالده أمير الحرب المشير حفتر في رحلة من دبي إلى مطار بن غوريون الاسرائيلي استمرت ساعة ونصف الساعة حيث كان على متنها نجل حفتر وفي جعبته رسالة من والده لقادة دولة الاحتلال وقد امضى هناك 90 دقيقة عقد خلالها لقاءات مع جهات أمنية لم تعرف هويتها بعد ولا طبيعة أفراد الطاقم المرافقين له ثم واصلت الطائرة طريقها عائدة إلى ليبيا الجنرال ( حفتر الابن ) بعدما عين قائد لواء في الجيش الليبي ومنح صلاحيات وسلطات متزايدة اصبح الذراع اليمنى لوالده الذي تراجعت حالته الصحية بعدما نقل قبل شهور للعلاج في باريس هدف وغاية هذه الزيارة القصيرة لصدام الحصول على دعم عسكري ودبلوماسي من إسرائيل لوالده للفوز في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في الرابع والعشرين من كانون الأول القادم مقابل التعهد بالاعتراف بإسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية معها في حال تشكيل حكومة مصالحة واستعادة الوحدة الوطنية الليبية اذا صحت هذه الرواية ويبدو أنها صحيحة حيث لم يصدر أي نفي لها من قبل المشير حفتر قائد ما يسمى بـ ( الجيش الوطني الليبي ) المسيطِر على معظم مناطق شرق ليبيا أو نجله صدام أو حتى الجانب الإسرائيلي فهذا يدل بشكل واضح على ان حفتر بدأ يستخدم علنا ورقة التطبيع مع إسرائيل مقابل حصوله على الدعم للوصول الى السلطة بعد سبع سنوات من الحرب التي اعتمد حفتر فيها على القوى الخارجية مثل مصر والإمارات وروسيا وإلى حد ما فرنسا وفي الماضي كانت هناك مزاعم بأن إسرائيل كانت تساعده أيضا ولكنه مؤخرا أغضب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقد وضعت الجرائم التي ارتكبتها قواته وانتهاكات حقوق الإنسان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في موقف حرج وصعب ولا تزال احتمالية فرض عقوبات على حفتر وأبنائه تتزايد مع استمرار اكتشاف جرائم جديدة ارتكبتها قواته في إطار حملة الكرامة الشهيرة هنالك مصادر عديدة كشفت مؤخرا ان المشير المتقاعد حفتر كان قد أجرى اتصالات سرية مع تل ابيب في الماضي من خلال مندوبو شعبة ( تيفيل ) في الموساد ومجلس الأمن القومي الإسرائيلي حيث التقوا معه أكثر من مرة في العدد من المناسبات وهو الأمر الذي جعل حفتر يخفض تصعيده العسكري في ليبيا استعدادا لعملية سياسية تكون نهايتها انتخابات ويكون فيها طرفا بارزا مدعوما من إسرائيل والغرب وبعض الدول العربية إسرائيل ايدت المشير حفتر في الصراع الليبي الداخلي لكنه في مرحلة لاحقة قرر في الموساد أنه ينبغي إقامة علاقات مع الحكومة الرسمية في طرابلس لكن تل أبيب لم توفق على تلك الخطوة وهو الأمر الذي اعاد اهتمام الاسرائيليين بحفتر مرة اخرى للوصول الى غاياتهم في ليبيا الجديدة ليس سرا ايضا ان إسرائيل كانت ولا زالت تهتم بليبيا بسبب موقعها الجيو إستراتيجي على البحر المتوسط وجوارها لمصر وكذلك بسبب وجود جالية يهودية كبيرة كانت في ليبيا قبل هجرتهم إلى إيطاليا وبعد صعود معمر القذافي إلى السلطة عام 1969 أصبحت إسرائيل أكثر اهتماما بليبيا بسبب دعمه للجماعات الفدائية الفلسطينية التي تعتبرها تل ابيب إرهابية حيث قدم لها المال والسلاح والتدريب كما جذبت محاولات القذافي للحصول على أسلحة كيماوية وبيولوجية ونووية انتباه الاستخبارات الإسرائيلية مما دفعها لتنفيذ عمليات استخباراتية منظمة في عمق الاراضي الليبية كما أجرى ممثلو إسرائيل اتصالات ذات طابع دبلوماسي وإنساني مع نظام القذافي السابق وتحديدا مع نجله سيف الإسلام بوساطة رجال أعمال يهودي من أصل ليبي يدعى ( والتر أربيب ) الذي أقنع نجل القذافي بالتخلي عن فكرة إرسال سفينة مساعدات إنسانية إلى غزة وبدلا من ذلك تم الاتفاق على أن ترسو السفينة في سيناء ثم إرسال حمولتها إلى غزة عبر معبر رفح وفي إطار الصفقة نفسها أنشأت ليبيا في حينهاعشرات المباني السكنية الجاهزة في غزة وأطلقت إسرائيل سراح عدد من السجناء الفلسطينيين الملف الليبي الشائك الان يدار في إسرائيل بواسطة شخص يلقب بـ ( نمرود غوز ) وهو مسؤول سابق في جهاز الشاباك ( الامن الداخلي ) ويرأس حاليا دائرة الشرق الأوسط وأفريقيا والعلاقات السياسية في مجلس الأمن القومي الاسرائيلي يقول مراقبون للوضع الليبي ان دولة عربية خليجية هي التي ترعى التطبيع المرتقب بين اسرائيل وليبيا باعتبار ان المشير خليفة حفتر يعتبر أحد أهم رجالاتها في ليبيا وانه حظي بدعمها الكبير للوصول الى سدة الحكم واليوم ومع اقتراب موعد الانتخابات الليبية نصحت حفتر بالتطبيع مع إسرائيل مقابل فوزه في الانتخابات والانخراط بالعملية السياسية في ليبيا مستقبلا المشير حفتر وابنه صدام يريدان إعادة هذه الاتصالات مع الاسرائيليين مرة أخرى للاستمرار في المشهد السياسي الليبي والحفاظ على المكاسب العسكرية والسياسية لحملة حفتر الأب وكذلك لأبرام اتفاق سياسي بدعم بعض الدول يقضي بإبقاء حفتر وأبنائه في( المنطقة الشرقية ) بالإضافة الى سعي الجنرال حفتر إلى قيادة الحكومة الجديدة رغم انه يعلم أن فرصه في ذلك ضئيلة تماما مثل سيف الإسلام الذي تراوده الفكرة أيضا ويريد خوض التجربة لأنه مطلوب من المحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب كما يواجه حفتر أيضا دعاوى مدنية أمام محاكم فيدرالية أميركية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان ولهذا فإن فرصة ( صدام حفتر ) ستكون أفضل من فرصة والده على الرغم من بعض الاتهامات ضده بالفساد والبذخ معلوم لدى جميع الاطراف انه إذا ما لعب صدام حفتر دورا رئيسيا في حكومة الوحدة الليبية المقبلة ستزداد فرص دخول ليبيا في علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بتشجيع من مصر والإمارات وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وغيرهما الجنرال حفتر أقام في السابق معسكرات لتدريب قوات تابعة لميليشياته أنشأها في ولاية فرجينيا بدَعمٍ من المخابرات المركزيّة الأمريكية ( السي آي إيه ) للإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي ويبدو وأن نجله الذي يعمل نائبا له في قيادة ما يسمى الجيش الوطني الليبي المسيطِر حاليا على معظم شرق ليبيا يسير على النهج نفسه مع فارقٍ أساسي وهو الاستِعانة بشَكلٍ مباشر بدعم دولة الاحتِلال الإسرائيلي معنى طلب المساعدة السياسية والعسكرية الاسرائيلية أن حفتر يريد الاستقواء بكيان الاحتلال ومن ورائه أمريكا التي لم ( يتخلى عن جنسيتها بعد ) للوصول إلى رئاسة ليبيا ولو عن طريق التزوير وإذا لم يحصل ذلك وسد الليبيون الطريق عليه فسوف يلجأ إلى استئناف الحرب مجددا بمساعدةٍ عسكرية اسرائيلية هذه المرة لعله يتمكن من الانتصار على الشرعية ودخول طرابلس بالقوة بعد أن دحرت قواته على أبوابها منذ نحو عام ونصف عام وتعرضت إلى هزيمةٍ مدوية بعد تدخلٍ فعال للطائرات المسيّرة التركية من نوع بير قدار لهذا فإننا نستبعد تماما فوز حفتر بالانتخابات الرئاسية القادمة في ليبيا فهذا الماريشال الذي لم ينتصر في أي حربٍ في حياته وتعرض في الثمانينيات إلى هزيمة مذلة على يد الجيش التشادي وهو يقود جيش القذافي في ( شريط أوزو ) هو للحقيقة قائدٌ عسكري منبوذ لدى غالبية الليبيين ولاسيما وأنه متورطٌ في جرائم ضد الإنسانية بحق الليبيين وانتهاكاتٍ جسيمة لحقوق الإنسان والمقابر الجماعية التي اكتشفت في ترهونة تؤكد ذلك واخيرا ما دام حفتر قد خرج إلى العلن ويريد مقايضة التطبيع بإيصاله إلى الحكم فهذا سيكون أدعى إلى زيادة مقت وكراهية الليبيين له ونفورهم منه وعدم التصويت لصالحه وفي هذه الحالة قد يلجأ إلى استئناف الحرب مستقويا بالمساعدة العسكرية والاسرائيلية المتمثلة في الخبراء العسكريين والصواريخ الدقيقة والطائرات المسيرة المتطورة وغيرِها من الأسلحة التقليدية الاخرى وقد يتهم خصومه بتزوير الانتخابات ضده ليبرر مواصلته للحرب ومحاولتَه مجددا الوصول إلى الحكم بالقوة الخارجية نحن من جانبنا وبكل صراحة نتمنى أن يتعرض حفتر لهزيمةٍ كبيرة في الانتخابات الرئاسية المقبلة تنهي مستقبله السياسي كما تعرض من قبل لهزيمةٍ عسكرية مذلة على أعتاب طرابلس والتي أنهته عسكريا أو كادت لولا تلويح بعض دول الجوار بالتدخل العسكري لصالحه واننا على يقين ثابت ان دولة الاحتِلال لن تساعده في الفوز في الانتخابات المنتظرة إلا في حالةٍ واحدة وهي التلاعب في الصناديق وتزوير النتائج وهذا ما لن يحدث بسهولة او يقبل به الليبيون mahdimubarak@gmail.com