التعليم التقني… هل تفعلها جامعاتنا..!
د. مفضي المومني
–
أساس عمل الجامعات التدريس… البحث العلمي… وخدمة المجتمع… وحديثاً الجامعات المنتجة، وحاليا مساهمة جامعاتنا في الجهد الوطني يرتكز على التدريس، وبحث علمي خجول لغايات الترقية فقط بشكل عام… وحالات فردية محدودة جداً من البحث العلمي الحقيقي والمؤثر، اما خدمة المجتمع والجامعة المنتجة فهي على الهامش ولا نراها ولا نرى اثرها في الواقع، الا في تصريحات البعض.
وبما أن التدريس هو سيد الموقف، وأعداد الطلبة يصل أو يزيد عن 350 ألف طالب في جامعاتنا الوطنيةوتخرج جامعاتنا أعداداً سنوية تصل أو تفوق 70 ألف خريج، لسوق العمل منهم حسب الإحصائيات 90% لسوق البطالة، في حين نجد أن أعداد المنخرطين في التعليم التقني في كلياتنا الوطنية قد لا يتجاوز 5% من أعداد الطلبة في الجامعات، وهذا بعيد جداً عن مقررات الإستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية 2016-2025 وبعيد جداً عن النسب العالمية..!.
ولو حسبنا الكلف لهذه الأعداد التراكمية لطلبة وخريجي الجامعات، لوجدناها بمئات الملايين من المنظور الإقتصادي، مع حيادية المنظور التربوي…!، ومع هذا تستمر جامعاتنا وسياساتنا واستراتيجياتنا للتعليم العالي في ممارسة ذات الدور الروتيني من تعزيز وإدامة وتفريخ برامج البكالوريوس والدراسات العليا التقليدية،..وهي تعرف ضمناً ومسبقاً أن الخريجين سيذهبون لسوق البطالة لا محالة…! في ظل وجود ما يقرب من نصف مليون طلب لخريجي الجامعات في ديوان الخدمة المدنية… ! عدا عن العاطلين عن العمل أو من يعملون في مجالات بسيطة أو بعيدة عن تخصصاتهم.
والسؤال المُلح… لماذا لا تخرج الإدارت الجامعية من قمقم جنون إغراق البلد بحملة شهادات لا يجدون عملاً…؟ وأتحدى أن يكون هنالك دراسات حقيقية لربط البرامج المستحدثة؛ بواقع وتنبؤات سوق العمل حيث تنتشر البرامج المستحدثة بين الجامعات بنظام الفزعة وتتكرر مثل تكرار (مطاعم الشاورما في مدننا… ! وآسف على التعبير…) ولكن أصبح الأمر إمتداداً لثقافة التجارة لدينا ( أي إفتتاح لمصلحة جديدة وعليها زبائن وبتنجح… الكل بيكررها… فيفشل المبادر ويفشلوا جميعا…!)، ولا أنسى مسميات بعض البرامج ( إبتكار أردني فقط لدينا عن دون جامعات العالم)… فقط لغايات التسويق والتشويق والمال وجلب زبائن (طلبه) جدد، دون الأخذ بحاجات سوق العمل، أو تحميل قطاع البطالة فوق حمله الثقيل، ولدي مثال من أمثلة كثيرة، لبرنامج مستحدث في إحدى جامعاتنا؛ من وضع أسمه( جاهل)… حيث دمج تخصصين لا يدمجان وبعيدان كل البعد في الطبيعة والأهداف… ومر الأمر… على الجميع… !.
إقتراحي لجامعاتنا وإداراتها ولصانعي سياسات التعليم العالي، أن يفتتح في جامعاتنا الوطنية كليات تقنية متخصصة مرنة، تساهم في تخريج تقنيين في كل التخصصات التي يطلبها سوق العمل المحلي والإقليمي( التعليم المهني يخص قطاع التعليم والتدريب ما قبل الجامعة)، وقانوني التعليم العالي والجامعات يتيحان ذلك، وإذا لزم أي تشريع لتسويغ ذلك فيجب أن يتم وبأسرع وقت، بحيث تعمل الجامعات على الإهتمام والإستثمار في الموارد البشرية من خلال التعليم التقني( وهو محسوب على التعليم العالي)، وأن لا يبقى التعليم التقني مقتصراً على جامعة البلقاء التطبيقية، والتي تحمل عبء هذا النوع المكلف من التعليم نيابة عن مالية الدولة والجامعات الوطنية، إضافة إلى أن إفتتاح تخصصات تقنية بمستوى الدبلوم في كل الجامعات يوسع إنتشار التعليم التقني ويخفف عن كاهل جامعة البلقاء، ويرسخ ثقافة التعليم التقني، ويفتح المجال للتنوع والإبداع في جامعاتنا، ويصبح الإستثمار في التدريس والحد من البطالة مساهمة فاعلة للجامعات تخفف من خسائر الإستمرار في التركيز على برامج جامعية تصدّر المزيد من العاطلين عن العمل لسوق البطالة وغير ذلك الكثير مما يصب في المصلحة الوطنية إقتصادياً واجتماعياً… فهل تفعلها جامعاتنا..! وهل يتبنى مجلس التعليم العالي ذلك… !.… .حمى الله الأردن.