التعليم والتعليم العالي، تحدي الحكومات… !
د. مفضي المومني
–
بقلم / د. مفضي المومني.
الكتابة والنقد والإقتراحات في شؤون التعليم العالي لم تعد ترفاً، ولا أبجديات نكررها أو نجترها، التعليم العالي والنظام التعليمي مفاتيح نهضة الأمم وتطورها، وحل مشاكلها الإجتماعية والإقتصادية والسياسية وغيرها، ومن يعتقد غير ذلك فهو جاهلٌ واهِم، وأعتقد أننا اشبعنا الموضوع جعجعةً ولكن الطحن ما زال سلحفائياً بطيئاً..! القضية ليست جلداً للذات كما يفهم البعض من قصار النظر وعديمي الطموح، بل الموضوع طموح يجب أن يحرك الجميع نحو الفعل الحقيقي لإصلاح كل مفردات وقضايا التعليم والتعليم العالي ككل متكامل، لدينا نجاحات ولدينا تميز ولدينا مؤسسات تعليمية وجامعات نفتخر بها ولدينا حضور عالمي وإقليمي خجول نطمح بأكثر منه ونفتخر بمنجزاتنا الحقيقية وليست الموهومة مسبقة الصنع لتحقيق نجاحات كرتونية هنا وهناك لا تتصل بالحقيقة والفعل النظامي الناجز.
وفي هذا المقام أركز على السياسات الحكومية والتي هي مربط الفرس، فإذا لم يصبح التعليم والتعليم العالي أولوية للحكومات وصناع القرار فنحن ندور في حلقة مفرغة، وإذا بقيت إهتمامات الحكومة بالتعليم والتعليم العالي ثانوية أو سطحية، فلن يستطيع أي وزير أو صانع قرار التغيير بمفرده، القضية بمجملها هم وطني يجب أن يأخذ الأولوية الأولى والكبرى لدى الحكومة وصناع القرار، ولا يكون ذلك بالكلام والتنظير المستهلك للإعلام أو الحلول بالقطعة التي تدور حول نفسها.
مطلوب من الحكومة أولاً؛ وضع إستراتيجية وطنية تنفيذية تبني على ما هو موجود وتضع أهداف تنفيذية بإطار وجدول زمني محدد، وهنا أعتقد أن الإستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية (2016-2025) لم تأخذ نصيبها من التنفيذ كما يجب..! وقد تكون ترنحت ولحقت بمثيلاتها من الاإستراتيجيات وخطط الإصلاح السابقة..!، وللأسف ليس هنالك جهة تنفيذية تتابع هذه الإستراتيجية وتقدم تقرير دوري أو سنوي عن ما تم تنفيذه أو لم يتم، القضية ليست فزعه ولا فزاعه..! مع أن هنالك لجنة شكلت لهذا الغرض برئاسة رئيس الوزراء في حينه، وللأسف لم نسمع منذ زمن من ينورنا… أين وصل التنفيذ؟ وأطمئنكم حسب معرفتي النتائج مخيبه للظن والآمال، ومع هذا لا زال هنالك أمل أن تأخذ الحكومة على عاتقها وضع إستراتيجية وطنية تنفيذية، للتطبيق وليست للدعاية والنشر…وأرفف الأرشيف في مكان ما…! ويجب أن ترتكز هذه الإستراتيجية على نقطة رئيسية وهي؛ تصفير مديونية الجامعات، إذا علمنا أن الرقم ليس بتلك الضخامة وأظنه بحدود 180 مليون دينار، وبعد ذلك نذهب إلى خطة وطنية محكمة لا تتأثر بتغيير الوزراء..! ولديها أجندة تنفيذية وأذرع تحتكم لإستراتيجيات وأهداف ومهام محددة لكل الإدارات الجامعية وبناء عليها يتم التقييم لرؤساء الجامعات ولإدارات التعليم والتعليم العالي، ولا أفهم كل ما يدور من حراك تديره وزارة التعليم العالي ومجلسه، بمحاور فرعية مثل مجالس الأمناء وتغيير رؤساء الجامعات وتقييمهم أو إعفائهم أو تدويرهم..!مع أهميتها، إلا أن الموضوع يجب أن يكون إستراتيجية متكاملة لا تحتمل الخطأ والعشوائية والفزعات، جربنا كل الأدوات التقليدية في الإصلاح ولم نستطيع لتاريخه بناء وجهة وطنية متكاملة ومضبوطة وفاعلة تقودنا نحو التقدم واللحاق بركب العالمية، التعليم والتعليم العالي هم وطني مطلوب مساهمة الجميع فيه، وسيفشل إذا كان هماً يناط بوزير قادم أو آخر مغادر ولكل توجهاته وخططه ورؤيته، المؤسسية وحدها التي ستؤطر لتعليم وتعليم عالي بمستوى عالمي، والمبادرات الفردية الخجولة التي لا تنتمي (لإستراتيجية وطنية محكمة تخطيطاً وتنفيذاً وتقييماً) ستبقى (دنكشوتية) تحول الحقيقة إلى خيال ووهم، تنتهي بمحاربة طواحين الهواء بالسيف كما جاء برواية (دون كيشوت) للكاتب الإسباني ميغيل دي ثيربانتس.
ننتظر فعل كبير وطني تقوده الحكومة وكل المهتمين في التعليم والتعليم العالي يبدأ بالتمويل وتصفير ميزانية الجامعات كما أسلفت، ومن ثم وضع الأسس والتشريعات المنبثقة عن إستراتيجية وطنية لإصلاح وتطوير التعليم والتعليم العالي مع التركيز على التعليم التقني الذي لم أذكره لأنه محسوب أصلاً على التعليم العالي، قادرة على التغيير، حقيقية، قابلة للتنفيذ والحياة ولو تغير الوزراء…!،… .
حمى الله الأردن.
#إصلاح_التعليم
#التعليم_العالي
#دمفضيالمومني