الديمقراطية في مواجهة التدعوش
المحامي بشير المومني
–
لا يحتاج أي شخص الى كثير من النباهة لتسترجع ذاكرته فورا عصابة داعش عندما يشاهد الفيديوهات التي أطلقها المدعو أسامة العجارمة فداعش ليست تنظيما عقائديا بمقدار ما هي نمطية سلوكية انشأت ثقافة العصابات المسلحة والمشهد اليوم يتكرر من حيث نقض فكرة الدولة لصالح أنساق ما دون الدولة وخلق شكل او أكثر من أشكال المليشيا وثقافة وجود سلاح غير سلاح الدولة الذي يتم الاستعراض به لا بل واستخدامه في مواجهة مؤسسات الدولة فداعش ليست عصابة اجرامية بمقدار ما هي ثقافة مرجعية مؤصلة موروثا لنقض الفكرة الوجودية والمؤسسية للدولة الحديثة بكل ما يكتنف مشهدها من تأصيل فاسد للحالة أما مشهد السيف والبارودة والخيل الدالة على الغزو والتبجح بالسلاح وعنجهية الخطاب والزي الموحد ومظاهر العسكرة ومرافقي القائد من حرس شخصي وتلاوة سورة ( الكافرون ) والدعوة لتحرير عمان فهي تستدعي ما يتجاوز نطاق التأمل وصولا الى النقطة الحرجة التي تستلزم اتخاذ موقف فإما أن نختار أن نكون مع انساق ما دون الدولة وصولا لتفكيك الدولة واسترجاع منظومة الغزو وهيمنة لغة ( عد رجالك وورد المي ) او ان ننحاز الى مفهوم اشتراكية المنفعة والضرر تحت مفهوم الدولة وأن السيادة هي للمؤسسات لا المكونات الفرعية للدولة وزعماء العصابات المسلحة وقطاع الطرق ..
اذا أردنا المحاججة بلغة الضد فإن العمود الفقري الذي ينهض بمؤسسات الدولة هي العشائر ومجموعها قرر من خلال ما انتجته من مؤسسات عدم القبول بوجود مهزلة زعم زورا وبهتانا بانها قبلية على حساب مجموع باقي القبائل واذا اردنا أن نتحدث بمنطق معياري أكثر رقيا فما انتجه الأردنيون عبر مئة عام من التجربة والمخاضات والصراعات وصولا لمنظومة دستورية لها ادوات وقنوات محددة لا يمكن ان نتنازل عنها لصالح فئة أو جهة مجهولة الوصف مكشوفة الأثر والنتيجة واليوم فسيادة حكم القانون كأحد أهم اركان الديمقراطية لم يعد خيارا بمواجهة ثقافة التدعوش بقشور قبلية بل استحقاق جمعي لكل الاردنيين لأن البديل هو الفوضى وتفكك مؤسسات الدولة لصالح انساق ما دون الدولة ونعود سيرتنا ما قبل نشأة الدولة في ضرب بعضنا رقاب بعض والبقاء للأقوى لا للأحق ..
ما نراه ليس خيمة قبيلة لأن بيوت الشعر لدى ابناء العشائر لم تكن يوما مظهرا لهدم النظام العام بل منتجة له وبهذا المعنى آن لنا أن نعيد القبيلة في دولة المؤسسات والقانون لمربعها الاجتماعي وواجبها التقليدي الأمني وقد ثبت أن التفعيل السياسي للقبيلة أنتج ولاء فرعيا كمقدمة لانساق ما دون الدولة بيدها السلاح لكنها تفتقر للانتماء لمجموعنا القبلي إن جاز لنا التعبير اما الحدث نفسه البارحة واليوم والغد وبعد الغد فسيمر كما مر غيره وهو محطة محروقة في تاريخ الوطن لا تأثير وقتي لها بحد ذاتها لكن خطورتها تكمن فيما تنتجه وينشأ عنها من ثقافة تمس مصالح الجمع الوطني الأردني وهنا علينا أن نختار ما بين تشكل لأنساق مسلحة ما دون الدولة او المظلة الجامعة للأردنيين كدولة ..
المحامي بشير المومني