الديموقراطية بين النظرية والتطبيق (2)
د. عزت جرادات
بقلم / د. عزت جرادات
*من ناحية تطبيقية هناك أشكال عديدة للديموقراطية، وثمة دول ديموقراطية حقة أو منقوصة.. وهي لا تُفرض فرضاً، بل تنمو مع التنمية البشرية في المجتمع، فالمجتمعات التي فُرضت ديموقراطية الحزب الحاكم فيها، إما إنهارت أو فشلت في تحقيق أهدافها…. وقد شهد الربع الأخير من القرن الماضي نماذج من ذلك، عربية وغير عربية، فثمة دول كانت تدمغ نفسها بدمغة الديموقراطية التي تمّ تفصيلها لتخدم اغراضاً محددة، وظلت منفصلة عن مصالح المجتمع والحياة العامة لأفراده. ومن الشائع في المجتمعات ذات الديموقراطية المنقوصة حصر مفهوم الديموقراطية بفعالية واحدة، وهي عملية الانتخابات، والتي هي أداة من أدوات تحقيق الديموقراطية الحقة، فتذهب تلك المجتمعات تتغنى بيوم الانتخابات، وتصفه (بالعرس الديموقراطي)… مع أن أعرق ديموقراطية في العالم، وأضخم ديموقراطية في العالم هما المملكة المتحدة والهند… فتجري فيهما الانتخابات بانسياب وسلاسة وتنافس مجتمعي ديموقراطي ودونما التغني (بالعرس الديموقراطي). ذلك أن مثل هذه المجتمعات تعيش الديموقراطية الحقة يومياً في مختلف مجالات الحياة ومرافقها… فتأتي النتائج بفوز برنامج مصمم لخدمة الوطن والمواطن، بينما في مجتمعات العرس الديموقراطي تكون النتيجة بلا صبغة برامجية، وتلك هي الديموقراطية المنقوصة.
*أن هناك مجالا واسعاً لتحسين الديموقراطية في المجتمعات التي تسعى جادة نحو الديموقراطية الحقة، وذلك من خلال المشاركة الأوسع في مختلف مناشط الحياة وفعالياتها. فقد وصلت المشاركة الأوسع في أحدى المدن الديموقراطية أن تجري استفتاءاً حتى في اتجاه السير في شارع ما.
* فلا بد من ترسيخ تقاليد ديموقراطية لتصبح –جزءاً من ثقافة المجتمع، ترتبط بحقوق الإنسان/ المواطن؛ ومن تلك التقاليد السلوكية نهج الإنسجام المجتمعي في التعامل مع القضايا الحياتية بالحوار والإحترام المتبادلين، دونما عنف لفظي أو سلوكي وتذكرني في هذه المجال مقولة للشاعر أحمد شوقي عندما رأى العنف بين طرفيْن قائلا (شيء ما في أعلى الرأس قد تعطل).
* فلا نريد للعقل العربي في أعلى الرأس أن يتعطّل بل يزدهر: فلسفة ومنطقاً وديموقراطياً.