الشباب والتحديات الثقافية
د.بسام القضاة
الشباب في كل امة ،هم راس مالها والادوات الفاعلة لنهضتها وتطورها ومن هنا تحرص الامم الواعية على تربية الشباب وتعليمهم وتزويدهم بثقافة المجتمع كما تحرص في الوقت ذاته على تجنيبهم مخاطر التغريب الثقافي والتقليد الاعمى للمجتمعات والحضارات الغازية ،وشباب امتنا اليوم يتعرضون لتحديات ثقافية عاصفة تكاد تهدد هويتهم الثقافية والحضارية ،وقد تعرضت امتنا في القرنين الماضيين الى حملات الاستشراق ،وحملات التبشير ،وحملات الاستعمار الغربي ، العسكري والسياسي والاقتصادي والثقافي واليوم تصارع امتنا تيار العولمة الجارف حيث تنذر العولمة بانهيار ثقافي وتفسخ اجتماعي .
من هنا تبرز اهمية الحديث عن التحديات الثقافية التي تواجه الشباب، وتنذر بشر كبير ان لم يبادر المسؤولين عن الثقافة والتربية في الاسرة والمدرسة والجامعة والمجتمع بشقية الرسمي والشعبي، الى وقاية الشباب من هذه الشرور، وعلاج ما استفحل منها انقاذا لهوية الامة وحضارتها، وانقاذا لشبابها ومستقبلها.
ان من أبرز مظاهر الازمة الثقافية للشباب تعود الى:
– ازمة الهوية: حيث يعاني كثير من ابناء الامة من فقدان الهوية الثقافية، وهي اساس ما يعانيه الشباب من ازمات ثقافية.
– ازمة الثقة: وتتراوح بين حالة الاحباط والياس من امكانية النهوض الثقافي وتشكيل الذات، الى حالة التشكيك في مدى القدرة على مواجهة التحدي الثقافي، وتمدد الى حالة الشعور بالعجز عن الوصول الى الاخر والتأثير فيه.
– ازمة الانتماء: حيث ان فقدان الهوية، وضعف الثقة في الثقافة يحول بين الشباب والتحيز باتجاه فكرة او جماعة او امة.
ويحول كذلك دون التواصل المطلوب مع مصادر الثقافة، وتحديدا القران والسنة والتراث الإسلامي.
-ازمة الفاعلية: اذ كيف لمن فقد الثقة بنفسه وامته وثقافته ان يكون ايجابيا وفاعلا ثقافيا.
اما عن اسباب هذه الازمة الثقافية فتعود الى عوامل داخلية واخرى خارجية.
ومما يدخل في العوامل الداخلية لهذه الازمة: ضعف الثقافة الاسرية، وقصور المناهج التعليمية المدرسية والجامعية، وقصور الخطاب الثقافي الاسلامي الموجة وسيادة لغة المنع والتحريم على لغة الحوار والاقناع والتأثير، وكذلك عدم ايلاء الثقافة الشبابية القدر الكافي من الاهتمام وكذلك الثقافة النسائية، وضعف البؤر الثقافية في المجتمع من روابط واتحادات وجمعيات.
اما العوامل والاسباب الخارجية لهذه الازمة فتعود الى: الغزو الثقافي الغربي والحملة الصهيونية على فلسطين، مما اثر على مفاهيم ثقافية متعددة، كثقافة السلام، والتطبيع وثقافة المقاومة المشروعة مقابل مقاومة الارهاب المفروضة على امتنا ومن العوامل ايضا تيار العولمة الكاسح، وكذلك الانفجار المعرفي في سائر العلوم.
وللوقاية والعلاج ازاء التحديات الثقافية التي تواجه الشباب ينبغي علينا ان نعمل على التنشئة الاجتماعية في الاسرة، وعلى اهمية التربية في الصغر، وعلى الاهتمام بالتعليم العام والتربية المتكاملة للطفل في مرحلة الطفولة المبكرة والمتوسطة، والاهتمام بالتعليم الجامعي، وهنا يأتي دور الجامعات في التأكيد في تخطيط مناهجها على مواد بناء الامة من علوم شرعية ولغة عربية وتاريخ الامة والعلوم التربوية، كذلك الاهتمام بالثقافة الدينية والعامة.
هذه ما نراه في موضوع التحديات الثقافية المعاصرة لشباب هذه الامة التي وصفها الله تعالى بانها خير امة اخرجت للناس، ولا شك ان الشباب في كل امة هم عماد قوتها ونهضتها.
والله الموفق، وهو الهادي الى سواء السبيل.