الشريفة بدور ومهرجان شبيب الدولي للثقافة والفنون


الدكتور موفق العجلوني

 

بقلم /  

السفير الدكتور موفق العجلوني

المدير العام مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية 

 

قبل ان اتناول اطلالة سيادة الشريفة بدور بنت عبد الاله في الدورة الاستثنائية لمهرجان شبيب الدولي للثقافة والفنون في دورته الثلاثين، لا بد من استعراض خلفية مهرجان شبيب، هذا الاسم التراثي العريق المحفور في قلوب الأردنيين.فمن المعلوم ان مهرجان شبيب للثقافة والفنون مهرجان ثقافي فنيأردني، انبثق عن جمعية شبيب للثقافة والفنون والتي هي جمعية غير ربحية جابت أرجاء المملكة من شمالها الى جنوبها ومن شرقها الى غربها،وكانت ولا زالت عمان القلب النابض لهذه المهرجانات.

 

 

 كانت انطلاقة المهرجان الأول عام 1995 بفعاليات ثقافية وفنية محلية،وخاصة أن المهرجان أقيم بمناسبات وطنية عزيزة على قلوب الأردنيين والعرب، وجمع برنامج المهرجان ما بين فن الغناء والطرب والمسرح والفنون التشكيلية والشعر والحرف اليدوية وغيرها.وتم اختيار اسم شبيب ليذكر الأردنيين والعرب بـ ” قصر شبيب ” التاريخي والواقع في مدينة الزرقاء، والذي يعتبر علامة حضارية اردنية بارزة. وكانالهدف من المهرجان بالدرجة الاولي هو المساهمة في تطوير الثقافة والعمل على تعزيز الروابط مع الهيئات الثقافية المتشابهة محلياً وعربياً ودعم العمل الثقافي الجماعي. وإظهار الدور الحضاري والإبداعي للتراث الأردني عربياً وإنسانياً. علاوة على رعاية وإنتاج الأنشطة والفعاليات والبرامج الثقافية. والتواصل مع المجتمع المحلي والمساهمة بتنميته ثقافياً واجتماعياً.والمساهمة والمشاركة في النشاطات الاجتماعية والثقافية للمجتمع المحلي، بهدف اقامة المهرجانات الفنية الغنائية مع مشاركة فنانين عرب وأردنيين وعرض مسرحيات فنية أردنياً وعربياً ودولياً.

 

من هنا و من خلال هذه الدورة الاستثنائية لمهرجان شبيب الدولي للثقافة والفنون، وفي دورته الثلاثين،اطلت علينا كعادتها في المهرجانات السابقة سيادة الشريفة بدور بنت عبد الإله، رئيسة اللجنة التنفيذية العليا للمهرجانوهي تجسد بالفعل مثالاً يُحتذى به في خدمة الثقافة والفنون، هذا الفن الأردني الراقي الذي يعطي العالم الصورة الناصعة بان الأردن بلد الامنوالامان بلد الحضارة والتراث بلد العلم والمعرفة بلد التقدم و الازدهار، هذا الاردن الضاربة جذوره في عمق التاريخ .

 

 

منذ لحظة افتتاح مهرجان شبيب الدولي للثقافة والفنون مساءيوم الخميس الموافق ٨/٨/٢٠٢٤  في المركز الثقافي الملكي بعمان حيث استمرت فعالياته ٣ أيام ، توافدت على المهرجان المميزوالمتميز افواج من السفراء والدبلوماسيين ،وكبار رجالات الدولة  ومشاركة سياسية عربية وإسلامية  وجمع غفير من الذوات السياسية والاجتماعية ووجهاء العشائر و مشاركات أسرية وشبابية  حاشدة، أسبغت على  المهرجان في دورته الثلاثين  خصوصية عززها تنويعٌ  ثري في الفقرات الترفيه ، و البرامج و العروض الثقافية .

 

هذا وقد أكدت سيادة الشريفة بدور بنت عبد الإله، رئيسة اللجنة التنفيذية العليا للمهرجان في بداية كلمتها الافتتاحيةإن المهرجان ، وهو يزهو باليوبيل الفضي، يسلط الضوء على الإنجازات التي تحققت في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني ابنالحسين، خلال ربع قرن منذ تولى جلالته سلطاته الدستورية، فكان يوبيلاً من الإنجاز في التنمية والاستقرار والإصلاح المستدام الذي ندخل به المئوية الثانية لدولة الخير والوفاءوالامن والأمان و التقدم والازدهار.

 

 ونتيجة للظروف التي تمر بها المنطقة وما يتعرض له أهلنا في غزة وفلسطينالمحتلة، اختارت سيادة الشريفة بدور شعاراً متميزاً لهذا المهرجان: ” شعار الصمود الأسطوري لغزة هاشم”،وذلكانسجاما مع الدور الأردني في إغاثة ومساعدة أهالي قطاع غزة الذين يتعرضون لإبادة جماعية منذ السابع من تشرين الأول الماضي.و يأتي هذا الشعار انسجاماً مع ما اكده جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حيث قال :”  لا يمكننا أن نتخلّى عن غزة. يجب أن تكون أوْلوية الجميع. فالتاريخُ سيحكُم علينا من خلال أفعالنا. إنه اختبارٌ لإنسانيتنا وإخلاصنا”. حيث تم عقد “مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة لغزة “، وهو الحشدُ الأُممي الذي تولّاه جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله، لإيقاظ الضمير العالمي وتعزيز صمود غزة .” فكان قول جلالته عهداً يُسجَّل في تاريخ هذه الامة، وشعاراً نستلهمُه في هذا المهرجان، وفي توليفته الثقافية الفنية.

 

وفي معرض حديثها حول مسيرة انجاز المهرجان اشارت سيادة الشريفة بدور ثلاثون عاماواصلتْ فيها جمعية شبيب للثقافة والفنون، النهوض بمسؤولياتها الوطنية التطوعية. وأطلقتْ مهرجان شبيب الدولي للثقافة والفنون، برسالةٍ جوهريةٍ لرعاية المواهبالفنية من الشباب الاردني، وتوسيع فرص حضورهم الإبداعي، ضمن بيئة ترويحيةٍ أُسرية، توزّعتْعلى مختلف مُحافظات المملكة. وأصبح موسماً سياحياً يروّج للمنتَج الاردني، باستقطاب الاشقاء العرب مِنْالدول الشقيقة والدولالصديقة، وكل ذلك بجهود تطوعية.

 

كان هذا المهرجان مجال تقدير و اعجاب من قبل الحضور و المشاركين، حيث عبروا عن تقديرهم للجهود التنموية التي يتولاها المهرجان، معبرين عن ثقتهم بمناخات الامن والاستقرار التييتميز بها الاردنو قيادته الهاشمية في تعزيز الامن والاستقرار بالمنطقة .

 

حقيقة سعت سيادة الشريفة بدور ان يكون هذا المهرجان مناسب وطنية لتعزيز الهوية الوطنية الأردنية من خلال الأنشطة الثقافية والفنية. كما يعكس التزام المهرجان بتقديم الدعم للفنانين الشباب وتوسيع حضورهم الإبداعي.

 

ولا يسعني هنا ومن خلال متابعاتي لنشاطات سيادة الشريفة بدور على الصعيد الثقافي والفني والاجتماعي، فهذا يؤكد ان سيادتها أصبحت رمزاً للقوة والتفاني في تنظيم وإدارة المهرجانات،والإنجازات التي تحققت تحت رعايتها خلال السنوات الماضية. علاوة على ذلك فان اختيار شعار “صمود أسطوري لغزة هاشم” يعكس التزامها الوطني،وحسها العالي بالمسؤولية تجاه القضايا العربية والإسلامية، وخصوصًا قضية فلسطين، وهو ما يعزز من موقفها كقائدة تعي أهمية دور الأردن الإقليمي.

 

وفي نظرة تحليلية للدورة الثلاثين لمهرجان شبيب وما ذهبت اليه سيادة الشريفة بدور من عقد هذا المهرجان، يمكن الخروج بالمعطيات التالية:

 

  • ربط جهود المهرجان بإنجازات جلالة الملك عبد الله الثاني، مما يشير إلى أن المهرجان يسعى لدعم توجهات الدولة الأردنية في التنمية والإصلاح.

 

  • ابراز تنوع الفقرات والأنشطة في المهرجان، مما يشير إلى شمولية الحدث والرغبة في استقطاب جمهور متنوع من مختلف الفئات.

 

  • التأكيد علىطبيعة التطوعية للمهرجان والدور الوطني الذي يلعبه في تعزيز الثقافة والفنون في المملكة، مما يعزز من مكانته كمؤسسة موثوقة ومحترمة.

 

  • مهرجان شبيب ليس فقط حدثًا ترفيهيًا، بل هو مشروع وطني يحمل في طياته الكثير من المعاني والقيم المرتبطة بالهوية الأردنية والقضايا العربية.

 

  • تسليط الضوء في المستقبل على كيفية تطوير المهرجان ليواكب التحولات الثقافية والفنية في المنطقة، ويستمر في دعم الفن والثقافة بشكل مستدام.

 

  • تعزيز الشراكات الإقليمية والدولية للمهرجان، مما قد يزيد من تأثيره وشموليته على المستوى العالمي.

 

  • مواصلة رسالته الجوهرية في رعاية المواهب الفنية من الشباب الأردني، وفتح فرص جديدة لهم للتعبير عن إبداعهم ضمن بيئة ترويحية أسرية.

 

  • ترويج المنتج الثقافي والفني الأردني من خلال استقطاب الأشقاء العرب، مما يعزز دوره كسفير ثقافي للأردن.

 

  • يعكس الحضور الرسمي من سفراءودبلوماسيين دول عربية شقيقة ودول صديقة التقدير الدولي للجهود التنموية التي يبذلها المهرجان، وكذلك الثقة في استقرار الأردن وريادة قيادته الهاشمية في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.

 

ولا ننسى جهود سيادة الشريفة بدور في تركيزها على دور المرأة الأردنية ومساهمتها في كافة مشاريع التنمية الوطنية والدور الرائد للمرأة الأردنية في التنمية وتطور المجتمع.وأن للمرأة دورها المهم في نهضة المجتمعات في الماضي والحاضر والمستقبل، وأنها أثبتت قدرتها على التغيير الإيجابي في مختلف القطاعات التي كانت جزءاً منها، وذلك من خلال عملها المتفاني، وتكيفها مع المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، واستغلالها الكامل لقدراتها الإدارية بالطرق الصحيحة، ووقوفها بجانب الرجل ومساندتها له.

 

وتؤكد دائماً سيادة الشريفة أن هناك الكثير من المساهمات الناجحة للمرأة في الحراك الثقافي والفكري العربي، وتعزيز الثقافة العربية من خلال الإبداع الأدبي والصالونات الأدبية والكتابات الصحفية،وأن المرأة بالعموم تحظى بمكانة وحضور قوي داخل المؤسسات التعليمية فهي تعمل على تطوير الأسس التعليمية، وغرس القيم والمبادئ الأخلاقية لتهيئة أجيال قوية قادرة على المضي قدماً في مسيرة البناء والتقدم والنماء.

 

بنفس الوقت تعتبر المرأة بالنسبة للشريفة بدور نواة المجتمع وعماده ومن خلالها نستطيع تغيير سلوكيات الأسرة والمجتمع بأكمله، وأن دورها في رعاية شؤون أسرتها لا يعني أن تكون خارج الشراكة في إدارة المجتمع وتحمل مسؤولياتها لكونها جزءاً منه، وأن حالة النمو والتقدم السريعة التي تشهدها المجتمعات تحتاج إلى توظيف الجهود والطاقات كافة في المجتمع، ومن هنا ينبغي تعزيز دور المرأة الاجتماعي، وتمكينها وتذليل كل العقبات والتحديات التي تواجهها، وتعزيز مشاركتها في مختلف المجالات.

 

من جهة أخرى، تشيد سيادة الشريفة بدور المرأة في مؤسسات الأعمال التطوعية، مؤكدةً أن الرسالة التي تحملها المرأة هي رسالة السلام والخدمة المجتمعية التي تهدف إلى تحسين حياة الأفراد والأسرة من خلال المساهمة في التنمية وتطوير المجتمع في المجالات كافة، مشيرةً إلى أهمية أن تتلقى المرأة في الأرياف والمدن والقرى مستوى عالٍ من التعليم لما له من آثار متعددة في تكوين شخصيتها وجعلها مثقفة وواعية، وقادرة على تقييم ما تتلقاه من معارف حتى تواكب التطور الحاصل في المجتمعات.

 

 لا يسعني في نهاية حديثي، إلا أن أرفع بأسمى آيات التقدير والاحترام والإعجاب إلى سيادة الشريفة بدور بنت عبد الاله على هذا الإنجاز غير المسبوق ورعايتها لكل المهرجانات منذ انطلاق مهرجان شبيب عام ١٩٩٥حتى يومنا هذا. لقد كان لدوركم الرائد والمميز الأثر الكبير في انجاح هذا المهرجان و المهرجانات السابقة ، كل الشكر والامتنان لجهودكم الكبيرة والمتواصلة، ونتمنى لسيادتكم  دوام النجاح والتألق في مسيرتكم المستقبلية.

 

 

 

مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية

muwaffaq@ajlouni.me

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.