العراق العظيم ينتفض رفضا لدعوات التطبيع

بقلم / مهدي مبارك عبد الله

بعدما اعطت واشنطن عبر ادارتها الجديدة الضوء الاخضر لخونتها  وعملائها
واذنابها وجواسيسها (  مقاولي التطبيع النماذج القذرة  للمرحلة المقبلة )
لممارسة الضغوط  غير المباشرة على العراق لحضه على الدخول الى معسكر
التطبيع والاعتراف بإسرائيل من شقوق بوابة اتفاق ابرهام الفاشل وهو ما
يذكرنا دائما بمواقف الولايات المتحدة عندما كانت  تفرض شروطها بسحب
قواتها من العراق مقابل إقامته علاقات معلنة مع تل أبيب وذلك لتهيئة مناخ
غير صحي للانبطاحات العربية الجديدة التي لا تخدم سوى المحتل ولا تصب
ابدا في صالح القضية الفلسطينية أو البلاد العربية والشعوب المسلمة

وهو ما  يحفز ويثير ذاكرتنا العربية المتخمة بالألم لما فعلته إسرائيل
عبر أكثر من 70 عام من المذابح والجرائم والتدمير اضافة الى الانتهاكات
المتكررة لسيادة العراق ومحاولة تصفية مقاومته الباسلة بمجموعات من
عصابات المرتزقة في المقابل ونحن نرى اليوم البعض يتهافتون نحو التطبيع
مع اسرائيل نستذكر بشرف عظيم وشموخ كبير ملاحم البطولة وقمم المجد لجنود
الجيش العراقي المغوار على ثرى فلسطين الطهور حيث كان العراقيون في كل
مواجهة مع العدو الصهيوني حاضرين

حيث لا زالت شواهد قبور شهدائهم وقصص بسالتهم تروى للأجيال لتذكرنا بسفر
خالد وحقبة وضاءة من شموخ الامة وعزتها وعنفوانها  كما لا زلنا نتذكر
بشرف يوم الثامن عشر من كانون الثاني عام 1991 حين استيقظوا الصهاينة على
اصوات سقوط ثمانية صواريخ سكود تم إطلاقها من غرب العراق لتسقط في ضواحي
حيفا وشمال وجنوب تل أبيب لتكون العراق أول دولة عربية تقصف عاصمة الكيان
الغاصب منذ أن تأسسه في أربعينيات القرن الماضي

العراق الابي صاحب التاريخ القومي المشرف والتضحيات العظيمة  في الدفاع
عن الامة وقضاياه العادلة وفي مقدمتها قضية فلسطين المغتصبة يتعرض اليوم
لبدايات مؤامرة دنيئة تحاك خيوطها على أيدي شخصيات عراقية مشبوهة لا قيمة
لها في الواقع السياسي وهو ما يجعلها سابقة خطيرة وحقيرة مجللة بالخزي
والعار نظمت فصولها بليل غدر بهيم على نهج الخيانة والدس الرخيص لشق
وتمزيق اجماع ووحدة الصف الوطني العراقي بكل اطيافه وطوائفه ومعتقداته
ورجالاته على رفض التفريط  بالحقوق الفلسطينية المشروعة وبان فلسطين قضية
خالدة في ضميرهم ولن يتخلوا عنها مهما طال الزمن ومن اللافت في الامر انه
قد ينقسم العراقيون في التوجهات بين إسلامي وقومي ويساري لكنهم يتفقون
على أن فلسطين يجب ان تبقى حرة عربية وذات قدسية إلى الأبد

ومن اجل تنفيذ هذه الغايات المريبة عقد يوم الجمعة الماضي 24 / 9 / 2021
برعاية مركز اتصالات السلام  الأميركي مقره في نيويورك الذي اسسه الخبير
الأميركي من أصل يهودي عراقي ( جوزيف برود ) مؤتمر محلي في مدينة أربيل
عاصمة اقليم كردستان المتمتع بالحكم الذاتي تحت مسمى ( السلام والاسترداد
) شارك فيه أكثر من 300 عراقي ممن وصفوا انفسهم بشيوخ العشائر واتباع
الطوائف العراقية السنية والشيعية اضافة الى عدد من الشخصيات المستقلة
وبعض المثقفون والكتاب والجنرالات السابقون في الجيش العراقي وغيرهم
توافدوا من ست محافظات عراقية ليعلنوا جهاراً نهاراً ومن غير خجل ولا وجل
وفقاً للبيان الصادر عن تجمع أربيل

مطالبتهم العراق بالانضمام إلى اتفاقات أبراهام ومباشرة التطبيع مع
اسرائيل وإلغاء حظر العلاقات المدنية بين العراقيين والإسرائيليين
والدعوة إلى العراق الفيدرالي وذلك في أول حدث من نوعه بالعراق للتقارب
مع الاحتلال الصهيوني على غرار ما حدث مع بعض الدول العربية التي وقعت في
الشرك من قبل وهي ( الامارات والبحرين والسودان والمغرب )

اننا على يقين راسخ بان العراق العظيم والعراقيين الشرفاء الذين فوجئوا
بنداء التطبيع سيكونون على الدوام الصخرة الصامدة في وجه كافة دعوات
ومشاريع التقارب مع اسرائيل والتي ستؤدي حتما إلى الإساءة والإضرار بحاضر
الأمة ومستقبلها ومصالحها لأنها تشجع الكيان الصهيوني الغاصب على
الاستمرار في قتل وتعذيب وحصار الفلسطينيين وقضم اراضيهم وتمكينه من
السيطرة  على القدس واستباحة وتدنيس المسجد الأقصى ولهذا سيظل العراق
الداعم الثابت للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة حتى التحرير وحق العودة و
إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف

لقد تشرفنا كثيرا كعرب ومسلمين واحرار في العالم بمواقف الرئاسات الثلاث
الحكومة ورئاسة الجمهورية والبرلمان وكذلك المراجع السنية والشيعية
والقوى والتيارات والاحزاب وبعض السياسيين والمثقفين والكتاب والصحفيين
والعديد من الشخصيات الوطنية العراقية الشريفة التي ابدت موقفها بإدانة
وشجب عقد هذا ( الاجتماع التأمري ) ضد العراق لكونه غير قانوني وغير
مبررة وغير مقبول فيما صدر عنه من تصريحات اضافة الى رفض احرار وشرفاء
العراق القاطع لأي حالة تطبيع مع إسرائيل او اعتراف بوجودها السرطاني
القائم واعتباره خيانة للفلسطينيين واستهتارا بتضحيات الأمة في مواجهة
غطرسة التطرف الصهيوني واعتداءاته المستمرة على العرب

ان دعوة هذه الزمرة ( المتأسرلة ) فكرا ونهجا والتي تعيش  فوق ارض العراق
الطاهرة وهم يروجون يأن الخصومة مع إسرائيل اصبحت تضر بالعراق ويطالبونه
بتغيير سياساته بشكل فوري لحفظ السلام في المنطقة ( حسب زعمهم الكاذب )
وهم يعلمون علم اليقين بان العراقيين لن يمدوا أيديهم إلى الإسرائيليين
وستبقى فلسطين في ضميرهم ووجدانهم عربية وحرة إلى الأبد ولن يكون لكيان
القتل الصهيوني مكان في عراق الأنبياء والأولياء والشهداء والصالحين

الاجتماع الساقط  ( خيانة وخسة وعار ) والمرفوض دستورياً وقانونياً
وسياسياً في الدولة العراقية والذي اثار موجة عارمة من الجدل بين
العراقيين هو ما اسعد وابهج وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد الذي لم
ينتظر طويلاً للاحتفاء والترحيب بالدعوة المفضوحة  حيث علق قائلا ( منذ
تولي حكومتنا مقاليد الامور كان هدفنا توسيع الاتفاقات الابراهيمية وان
ما حدث في العراق يبعث بالأمل في أماكن لم نفكر فيها من قبل ونحن والعراق
نتقاسم تاريخاً وجذوراً مشتركة في الطائفة اليهودية وكلما تواصل شخص ما
معنا سنفعل كل شيء للتواصل معه ) وهو حلم أن تقييم تل أبيب علاقات مع
أكبر دولة ذات أغلبية مسلمة تنضم إلى الاتفاق الإبراهيمي

ان محاولات نفر ضال من اعوان ( الامريكان وعبيد اسرائيل ) المساس بثوابت
الشعب العراقي في دعم القضية الفلسطينية ومواجهة  الكيان الصهيوني من
خلال عقدهم اجتماع مرفوض للمطالبة بالتطبيع مع العدو يعد عملا اجراميا
وفق القانون العراقي النافذ باعتبار كل الذين شاركوا في هذا الاجتماع
خونة ومتآمرين على الدولة ولهم اتصالات خفية بالعدو بما يوجب محاكمتهم و
إنزال أقصى العقوبات بحقهم كما على الشعب العراقي العظيم وجميع المؤسسات
الرسمية والدينية والشعبية والعشائر العراقية الغيورة نبذ هذه الفئة
الرخيصة واقصائها وطنيا  وعزلها مجتمعيا والدعوة العاجلة لحث العراقيين
على ترديد عبارة ( كلا لإسرائيل وكلا للتطبيع والعراق سيبقى ضد التطبيع
) عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفي الشوارع والاسواق والمنازل ووسائل
المواصلات والجامعات والمدارس والوزارات والمؤسسات العامة

ما حدث في اربيل من عمل مشين وخطيئة كبيرة مخالفة لكل القيم الوطنية
والمبادئ الانسانية وفيه اساءة لكل العراقيين واهانة للكرامة الوطنية
وهيبة الدولة والجيش لن يسكت عنها شرفاء واحرار العراق بكل مكوناتهم كقوى
سياسية وحكومة اتحادية وسيلقنون العدو الاسرائيلي والمطبعين معه درسا
يمنع كل من يفكر بالتطبيع لاحقا بمواقفهم الوطنية القاسية والصارمة اتجاه
هذه الافعال القذرة حتى ولو وصل الحد لأسقاط الجنسية العراقية عن كل
الحاضرين لهذ المؤتمر

لقد كان من بين المتحدثين العراقيين في الاجتماع المشار اليه لواء سابق
وأحد قادة الصحوة وهي فصائل عشائرية قاتلت التنظيمات الإسلامية المتطرفة
بدعم من امريكا اضافة الى كل من وسام الحردان وعامر الجبوري وسحر الطائي
وسعد العاني وأحمد أبو ريشة والذي طالبوا بالتطبيع الرسمي مع اسرائيل من
اجل بناء العراق الجديد ( حسب وصفهم ) وكذلك شارك في اللقاء مندوب عن
اكبر تجمع عشائري في الشرق الاوسط  لقبيلة شمر وغيرهم الكثير

بدورها ادعت حكومة اقليم كردستان في البداية عدم علمها بالاجتماع وهو ما
اثار السخرية ثم عاودت وصرحت بانه تم حرف اللقاء عن الفكرة التي عقد من
اجلها بدعوة البعض الى تطبيع العلاقات مع اسرائيل وقد اكد وزارة داخليتها
بان الاقليم هو جزء من الحكومة الاتحاد وانه يلتزم بكافة السياسات
والقرارات العامة فيها ولهذا فانه يستنكر ما ورد في المؤتمر ويرفض دعوات
العراق الرسمي للتطبيع من اسرائيل وانه سوف يلاحق ويحاكم كل المشاركين
وفقا لقواعد القانون وسيطالب بإيقاع اقصى العقوبات بحقهم

ولا بد من التأكيد هنا بأن هذه الاجتماعات لا تمثل أهالي وسكان المدن
العراقية وأنها تمثل مواقف من شارك بها فقط وسيبقى العراق بحول الله
تعالى ركن اساسي وفاعل في محور مقاومة هذا الكيان الصهيوني الغاصب عصي
على التطبيع واكثر تمسك بالقضية الفلسطينية التي يعتبرها قضية العرب
والمسلمين الأولى وهي حق ابدي لا يسقط بالتقادم واننا بمناسبة هذه الهبة
الشريفة والانتفاضة العظيمة لأحرار وشرفاء العراق حكومة ورئاسة وبرلمان
وطوائف وعشائر وساسة وقيادات وتنظيمات ومنظمات وعسكريين وشخصيات نجدد
دعمنا الكامل للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ونضاله لاسترداد حقه
المغتصب علي ايدي المجرمين الصهاينة

وقبل الختام كل الشكر والتقدير للقضاء العراقي الغيور على العراق وشرفه
وقوميته وانتمائه للأمة الإسلامية بإصداره مذكرات اعتقال بحق بعض
المشاركين في المؤتمر منهم ( وسام الحردان قائد الصحوات في العراق ومثال
الألوسي برلماني سابق والموظفة في وزارة الثقافة سحر كريم الطائي عريفة
المؤتمر ) وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق بقية المشاركين حال معرفة
أسمائهم الكاملة

نقول لهؤلاء اللاهثين خلف سراب التطبيع انظروا ماذا جنى المطبعون من
وراء هرولتهم خلف الصهاينة بعد مرور الذكرى ( السنوية الاولى ) على توقيع
اتفاق ابراهم الأثيم غير واقع سلام موهوم ووعود كاذبة وزيارات بروتوكلية
مزيفة وتسويق اعلامي مخادع وتكرار جولات الفشل والضياع وكما يجب ان يكون
لنا كشعوب العبرة والدرس فيما سبق من مسلسلات التطبيع الكارثية في ( كامب
ديفيد وأوسلو ووادي عربة ) ومخرجاتها التي كانت ولا زالت وستبقى مخيبة
لجميع التوقعات ومحبطة لكل الآمال بعدما مكنت اسرائيل بهذه المعاهدات
عملائها وجواسيسها من التغلغل الامني والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي
والتجاري والاعلامي والسياحي المخابراتي وغيرها في كل شريان من قلب الامة
المتعب

واخيرا تبا لكم ايتها الغربان الناعقة بالخراب لهذا الفعل الخياني المشين
للعراق وشعبه ومقدساته وحضارته وكأن عراق العروبة وجرحها النازف لا يكفيه
ما هو فيه من ضياع وفساد وفقر وجوع ومرض وقتل ونهب وتشريد ولجوء وتخلف
وسلب لثرواته ومقدراته وتدمير لجيشه واشغاله في صراعات مذهبية لا تنتهي
وتقسيم شعبه الى مليشيات مسلحة وطبقات حاقدة يقتل بعضها البعض ناهيك عن
حرمانه بشكل ممنهج من الوصل الى أي من اسباب الحياة الكريمة والتقدم
والنماء فلا نامت اعين الخونة والمتآمرين ولهم الخزي والعار والعزة
والمجد للعراق العظيم وشبعه الوفي ابناء واحفاد ابطال ثورة العشرين الذين
لن يقبلوا للاحتلال مكان في بلادهم ولن يرضوا الدنية من وطنهم وليعلم
المطّبعون من العملاء والخونة أنه لا مكان في بلد الإمامة لمؤتمرات
القمامة وسيبقى العراق عصيّا على التطبيع حتى قيام الساعة