الفارس محمد العنانزة بأمثالك نعتز ونفتخر
مهدي مبارك عبدالله
=
بقلم / مهدي مبارك عبد الله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( خَيْرُكُمْ مَن تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَه ) وإنَّ الذي ليسَ في جوفِهِ شيءٌ من القرآنْ كالبيتِ الخَرِبِ
وقال صلى الله عليه وسلم ( يجيءُ صاحبُ القرآنِ يومَ القيامةِ فيقولُ يا ربِّ حلِّهِ فيُلبسُ تاجُ الكرامةِ ثم يقولُ يا ربِّ زدهُ فيُلبسُ حُلَّةَ الكرامةِ ثم يقول يا ربِّ ارضِ عنهُ فيقالُ اقرأْ وارقأْ ويزادُ بكلِّ آيةٍ حسنةً )
كما قال رسولنا الاكرم صلى الله عليه وسلم ايضا من ( قرأ القرآنَ وتعلَّمه وعمِل به أُلبِسَ والداه يومَ القيامةِ تاجًا من نورٍ ضوؤه مثلُ ضوءِ الشمسِ ويُكسَى والداه حُلَّتانِ لا تقوم لهما الدُّنيا فيقولان بمَ كسبْنا هذا؟ فيقال بأخْذِ ولدِ كما القرآن )
بحضور بهي لافت وبطلة شبابية جذابة وواثقة وبصوت عذب شجي وبتدبر محكم وقراءة بليغة فاز الشاب الأردني محمد نوح العنانزة 17عام بالمركز الأول من بين 50 مشاركا في المسابقة الدولية لحفظ القرآن حرت في أديس أبابا عاصمة اثيوبيا وقد حصل مقابل فوزه على جائزة قدرها 10 آلاف دولار حيث قالت اللجنة المنظمة للجائزة إن العنانزة تميز بحصوله على درجات الحفظ الكاملة لكتاب الله إضافة إلى إجادته لأحكام التلاوة والتجويد
الشبل المقدام العنانزة عرف بين اقرانه بفطنته وادبه وذكاءه وحسن سيرته واخلاقه وتربيته كطالب نجيب ومهذب بمدرسة كفرنجة الثانوية للبنين بتربية عجلون حيث نشأ منذ صغره ونعومة أظافره على مواصلة ( التلاوة والترتيل والحفظ ) لآيات الله وقد لقي كل الدعم والتشجيع من اسرته خطوة بخطوة ولم يمنعه ولي امره من ارتياد مراكز التحفيظ امتثالا لسنة النبي المصطفى وفطره الدين الحنيف حيث أصبح حافظا لكتاب الله في عام 2018 بعدما تتلمذ وتدرب على يد فضيلة الشيخ عمر محمود الشويات حيث فاز بعدة مسابقات لحفظ القرآن محليا كانت أبرزها المسابقة الهاشمية لحفظ القرآن الكريم
للموضوعية المجردة والمصداقية التامة نؤكد دون مبالغة او تجني ان الحافظ لكتاب الله والعامل به الشاب العنانزة لم يلقى التقدير والتكريم المستحقين من قبل الوزارات والدوائر والمؤسسات العامة أو الخاصة المعنية وعلى حد سواء منذ اعلان فوزه مباشرة كما يجري الحال مع الفائزين في المباريات الرياضية والمسابقات الغنائية والدورات الثقافية ومقلدي المطربين والمذيعين وغيرها من المهرجانات والمناسبات الأخرى البعيدة عن جوهر العقيدة والدين
بالتزامن مع فوز العنانزة المشرف كان يتصدر هاشتاغ المطرب محمد رمضان تويتر الأردن بعد حفلة أقيمت له في آيلة العقبة وسط حضور وتشجيع كبير من الجمهور الأردني وبأسعار بطاقات عالية وصلت للدرجة الخاصة لـ 240 دينار وللعادية ١٠٠ حيث ( بدأ حفلته باستعراض خاص ودخل المسرح بسيارة مطلية بالذهب ليشعل حفلته على طريقته )
في ظل مثل هذا الوضع المزري ماذا ستطمح الأجيال القادمة وهم يجدون ان معظم التقدير والتكريم والرعاية والاهتمام يصرف للمنجزات اللمم وان صدور بعض المسؤولين من مدعي الحريات والانفتاح تضيق ذرعاً بالقرآن وأهله ( أطفالا وشبابا وشياب ) عوضا عن أن تتوجه جهودهم في هذه المرحلة الحساسة لمقاومة الإفساد الذي نراه جليا غزى مجتمعنا وحياتنا عبر ممارسات احتفالات التسيب والمجون التي تعرض على مدار السنة في مختلف جنبات الوطن الحبيب
التلكؤ والتأخر وعدم الاهتمام الفوري بتكريم الشاب العنانزة أشعل ثورة عارمة من السخط والغضب والاستهجان واللوم على معظم مواقع التواصل الاجتماعي عبر تغريدات وتعليقات غاضبة وحادة نشرت على تويتر وفيسبوك وفي ثنايا بعض المقالات الصحفية الغيورة على الدين وهو ما دفع الدكتور محمد الخلايلة وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية بحضور وزير الشباب الدكتور محمد فارس النابلسي بالإسراع في تكريم الشاب العنانزة في حفل بسيط باعتباره أحد طلاب دار مركز سعد بن معاذ القرآني التابع لوزارة الأوقاف
بعد موجة الاحتجاجات والسخط الشعبية في الفضاء الالكتروني تتابع ( التكريم المشكور ) ضمن فرضية الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية من قبل شركة كهرباء اربد وإدارة نادي الفيصلي ورئيس مجلس النواب المحامي عبد الكريم الدغمي ووزير التربية والتعليم الدكتور وجيه عويس وكما يقول المثل ( ان تأتي متأخرا خيرا من ان لا تأتي ابدا ) ورغم ذلك لا زال البطل العنانزة يستحق بجدارة وتميز المزيد من الرعاية والدعم والاهتمام والتكريم بفوزه المؤزر بهذه الجائزة الدولية في حفظ القرآن الكريم وتجويده والسؤال المنطقي أين كان دور الإعلام الأردني الحر عن تبني فوزه واشهاره محليا واقليميا وعالميا
في المقابل أم العشرات من الاهل والأقارب والجيران والاحبة من أبناء الاسرة الأردنية الواحدة من مختلف المحافظات الأخرى بيت أهل العنانزة البسيط والمتواضع في بلدة كفرنجة لتهنئته بعدما حصد المركز الأول على مستوى العالم في هذه المسابقة الدولية حيث كان فرحا وفخورا بحضورهم ومتأنقا ومتألقا في استقبالهم وهو يتلو القرآن امامهم بصوته الرائع كتحلاية لهم وترحيب بهم واي ( تحلاية وأي ترحيب أعظم والذ واطيب على وجه الأرض من تلاوة كتاب الله وتدبر آياته ) فالحياة إذا ما طابت بالقرب من ذكر الله فلن تطيب بشيء سواه كزاد لا غنى عنه في الحل والترحال
أيها العجلوني اليافع الجميل كنا وغيرنا كثيرين ننتظر ان يتم تكريمك فور ان تلامس قدماك ارض الوطن وانت محملا بأوسمة العز والفخار ونياشين الفوز والإنجاز من أعلى مستوى بحكومتنا الرشيدة ممثلة برئيسها الدكتور هاني الخصاونة اسوة واقتداء بنهج وخطى رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعزيز ثقافة تعليم القرآن الكريم ( تلاوة وحفظا وتجويدا ) ودعما لمبادرة ختمة القرآن الكريم التي أطلقها جلالة الملك عبد الله الثاني حيث يلتحق سنويا بأكثر من ألفي مركز قرآني تقدم خدماتها بالمجان ما لا يقل عن 150 ألف طالب وطالبة من مختلف الفئات العمرية لتعليم أحكام تلاوة القرآن الكريم وحفظه
المبادرة الكريمة والنبيلة لولي العهد الأمير حسين بن عبد الله يوم الأربعاء الماضي باستضافة الفتى القرآني محمد العنانزة الحافظ لكتاب الله والفائز الأول بالمسابقة العالمية في حفظ القرآن الكريم جبرت خاطره ورفعت معنوياته وعززت مكانته وحققت شيئا من امنياته سيما وان هذا التكريم الجليل من لدن ولي العهد له أهمية كبيرة نظرا لأنه يتعلق بالقرآن وبناء جيل من الشباب الحافظ لكتاب الله وبما ينعكس على سلوكهم وتصرفاتهم بحيث يتحلى شبابنا بأخلاق القرآن الكريم من اجل السير بهم إلى مراتب أسمى ومواقع أعلى كما انه يحفز الهمم ويشجع أبنائنا على حفظ كتاب الله والحرص على ثوابت واصول الدين
أي شيء في حياتنا أجمل من الاحتفاء بحفظة القرآن الكريم فالمولى عز وجل أرسل انبيائه ورسله وايدهم بالآيات والمعجزات التي تدل على صدق دعواهم إلى أن جاءت معجزة النبي صلى الله عليه وسلم بنزول القرآن الكريم لتبقى خالدة على مر الايام والزمان ولتستمر قوافل الخير القرآنية تحلق في علياء السماء تحظى بمرضاة رب العالمين وتنال مقعد الصدق الامين بشوق روحاني عظيم لا يطفئه إلا معانقة آيات الله حفظا وتثبيتا ومراجعة وفهما لمقاصده وغاياته العامة
من المهم ان نشير هنا الى نصيحة أحد الشباب الفائز بالمركز الأول في احدى المسابقات العالمية للقرآن الكريم ولمن يريد حفظ القرآن الكريم أو تحفيظه لأبنائه بان أسهل طريقة لحفظ القرآن الكريم أن يكون على يد شيخ متمكن لأن القرآن يؤخذ بالتلقي ومشافهة وكثرة التلاوة والاستماع للمقرئين وأن حفظ القرآن ليس له أي علاقة بالعمر فأي شخص أيا كان عمره يمكنه حفظ القرآن الكريم إذا ما توفرت لديه الإرادة والعزيمة والوقت والامكانات
بعض المعلومات الغريبة والمؤسفة التي تم تداولها بشكل واسع بين النشطاء والمهتمين والمقريين ان الشاب العنانزة عندما شارك في المسابقة العالمية لم يحصل على أي دعم من أي جهة حكومية او خاصة ولا نمتلك حتى الان اي معلومات حول من تحمل تكليف ونفقات سفره خاصة وان عائلته بسيطة ماديا لكنها غنية بالدبن والعلم والمعرفة والكرامة حيث دعمت ابنها بجهود خاصة حتى حقق المستوى الرفيع من النتيجة التي وصل اليها والسؤال المطروح اين المعنيون في هذا الشأن الذين ينفقون بلا حساب على المياومات والبدلات والسفر والتنقل
حافظ القرآن يبقى محاطا بعناية ونعمة عظيمة من الله بما اصطفاه من بين الناس جميعاً واستعمله في حفظ كتابه ليكون له القبول في الأرض والسماء ونحن كأردنيون لنا كل الفخر بوجود أمثال الشاب ( محمد نوح العنانزة ) بيننا مواطنا صالحا وابنا غاليا طيب الله انفاسه وحفظه لدينه واهله ووطنه
في هذه المقام يشرفنا ان نقدم أحر واصدق التهاني للفارس العنانزة بفوزه المستحق وان نبارك له انجازه الرائع وان نتمنى له المزيد من الابداع والتقدم وان ندعو له بان يرفع الله قدر ويعلي شأنه وان ينفعه بالقران الكريم ويجعله له ولوالديه شفيعا يوم لقائه وجه الكريم مؤكدين له بان جميع المخلصين والاوفياء على امتداد العالم العربي والاسلامي سيتذكرون اسمه بعد هذا الفوز الباهر بكل خير وتقدير ومحبة
ختاما اللهم اجعل أبنائنا واجيالنا القادمة من اهل القران وحملة لمشاعل النور والهداية والايمان ومجاهدين للدفاع عن الإسلام ورفع رايات التمكين والنصر ليكونوا مثالا وقدوة لمن اغتروا بزخارف الحياة الخادعة وتأثروا بمباهجها الفانية وعلى الله قصد السبيل
mahdimubarak@gmail.com