اللامركزية الإدارية
الدكتور موفق العجلوني
–
اللامركزية الإدارية وجهاً لوجه مع اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية
————-
بقلم السفير
الدكتور موفق العجلوني
أستاذ العلوم السياسية وتاريخ الحضارات
المدير العام
مركز فرح الدولي للدراسات والبحوث الاستراتيجية
=====================
في ضوء التكيف السامي لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله الى دولة السيد سمير زيد الرفاعي بترأس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ، سوف اعرج هنا و من منطلق تخصصي العلمي في اللامركزية الإدارية او الإدارة المحلية انسجاماً مع التوجيهات الملكية للجنة الملكية بتقديم التوصيات المتعلقة بتطوير التشريعات الناظمة للإدارة المحلية. و في ضوء المهمة الصعبة امام اللجنة و التي يقع على كاهلها مهام في غاية الأهمية والحساسية و يجب على اللجنة انجاز هذه المهام في مهلة محددة ، و ينتظر المواطن الأردني هذه التوصيات بفارغ الصبر وعلى احر من الجمر . و تتمثل هذه المهام التي انيطت باللجنة الملكية الموقرة لتحديث المنظومة السياسية بالمعطيات الشاملة الكاملة التالية :
• وضع مشروع قانون جديد للانتخاب
• مشروع قانون جديد للأحزاب السياسية
• النظر بالتعديلات الدستورية المتصلة حكما بالقانونين وآليات العمل النيابي.
• تقديم التوصيات المتعلقة بتطوير التشريعات الناظمة للإدارة المحلية،
• توسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار
• تهيئة البيئة التشريعية والسياسية الضامنة لدور الشباب والمرأة في الحياة العامة.
استغرق مني البحث للأعداد للحصول على درجة الماجستير في موضوع : اللامركزية الإدارية في المملكة الاردنية الهاشمية (Decentralization of Administration in the Hashemite Kingdom of Jordan ) ما يزيد عن ٣ سنوات من الدراسة اثناء عملي في السفارة الاردنية في استراليا خلال السنوات ١٩٨٣ – ١٩٨٨ أي قبل حوالي ٣٤ عاماً من جامعة كانبرا للدراسات العليا في استراليا .و بعثت بنسخ من رسالتي للجهات المعنية و على راسها وزارة الخارجية و رئاسة الوزراء و الجامعة الاردنية و المكتبة الوطنية ربما يستفاد منها في بلدي الحبيب في مجال الإدارة المحلية . ولا اعرف ماذا كان مصير رسالتي منذ عام ١٩٨٧ حتى يومنا هذا …!!!
السؤال المهم ليس درجة الماجستير التي حصلت عليها , فهناك ربما حملت شهادات عليا ماجستير و دكتوراه تولى اصحابها مقامات عليا ، و هنالك شهادات عليا سهر أصحابها الليالي الطويلة و ربما كان مصيرها كمصير رسالتي .
المهم لماذا تأخرنا بتطبيق اللامركزية ما يزيد عن ٣٠ عاماً , لماذا نلتحق بالجامعات الراقية و نسهر الليالي الطوال في البحث و الدرس والتمحيص و. الحصول على العلم والمعرفة لخدمة بلدنا ..؟؟؟.من المسؤول عن كل هذه السنوات من التخبط الإداري والفشل الذريع في تطبيق اللامركزية في مملكتنا الأردنية الهاشمية ؟؟؟
و عودة لموضوع اللامركزية في الاردن فقد عقدت في ١٦ أيار ٢٠١٦ في فندق الأردن الانتركونتننتال ندوة من قبل منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE)بالتعاون مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية وصندوق “الشرق الأوسط وشمال افريقيا “.افتتحها كل من معالي السيد عماد فاخوري و صديقي سعادة السفير الفرنسي الاسبق في الأردن السيد دافيد بيرتولوتي، و ذلك بهدف دعم مشاريع الإصلاح في مجال اللامركزية الادارية ، و في هذا الاطار قدم السيد جان لويه روشيرون، مساعد مدير الموازنة والشؤون المالية لمناطق أكيتان وليموزان وبواتو- شارانت، شرحاً حول التجربة الفرنسية فيما يتعلق باللامركزية بصفته خبيراً في هذا المجال.
وقد شارك في هذه الندوة كل من السيدة ماري كيفينييمي، نائب أمين عام منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE)، وسعادة السيدة بريجيتا سيفكير- إيبيرل سفيرة ألمانيا لدى الأردن لدى في تلك الفترة . و قد حضر الندوة عدد من كبار المسؤولين في وزارة الشؤون البلدية ووزارة التنمية الاجتماعية ووزارة المالية ووزارة الداخلية.
و جاءت تلك الندوة استكمالاً لندوة قدمها الخبير فرنسي السيد غايل إيليريه، في البحر الميت في نهاية شهر آذار ٢٠١٦، حيث خصصت الندوة لعشرين محافظاً أردنياً في إطار برنامج مدته أسبوعين في التجربة الفرنسية في الادارة اللامركزية .
و السؤال المطروح الذي اضعه من الان أمام رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية دولة السيد سمير الرفاعي … ماهي اللامركزية ؟؟ :
تعتبر اللامركزية أولاً أحد الآليات الضرورية التي يجب أن تقوم عليها النظم الديمقراطية الحديثة و و هذا ما أكد عليه و يذكر به دائماً جلالة الملك حفظه الله ، كونها أساس قياس الحكم الراشد في الدّول المتقدمة ، بحيث أصبح من الصعب على الدّولة “المركزية” لوحدها استيعاب كل متطلبات وتطلعات المواطنين، و بالتالي تكمن أهميتها أنّها تهدف إلى إشراك المواطنين في عملية التنمية المحلية، وتمنح المواطن فرصة المساهمة في اختيار الاسلوب و الكيفية في تسيير المناطق و المحافظات و الالوية و البلديات ، مع العلم أنّ درجة الأخذ باللامركزية يختلف من دولة إلى أخرى. و بالتالي يجب دراسة الواقع الأردني و تطبيق نموذج اللامركزية الإدارية بما يتناسب مع واقع الأردن جغرافياً و تنموياً و اجتماعياً .
تعمل اللامركزية على تحقيق جملة من المزايا منها: المشاركة الشعبية الواسعة وتمكين المواطنين من تسيير شؤونهم عن طريق ممثليهم في المجالس المنتخبة، بالإضافة إلى تقريب الادارة من المواطن، والأهم من كل ذلك إشراك المواطنين في عملية التنمية المحلية، وتحقيق التوازن بين المطالب الشعبية والسياسات الحكومية. خاصة أنّ تجسيد التنمية الشاملة تتطلب مشاركة حقيقية من قبل الجماعات المحلية التي يستند وجودها إلى إطار قانوني يتحدّد حسب كل واقع الأردن ، وقد حظيت اللامركزية بمكانة مهمة من خلال تطبيقاتها في فرنسا مستندة في تطورها وتنظيمها الى مجموعة من القوانين لتحديد صلاحياتها واختصاصاتها. و لكن ما هي الاطر القانونية لتطبيق اللامركزية ؟
كلما كان هناك شراكة حقيقية بين السلطات المركزية والسلطات المحلية، تعزّزت سبل خدمة الصالح العام وترسيخ التنمية المستدامة.
يمكن تعريف النظام اللامركزي بأنّه : ” ذلك النّظام الذي يقوم على أساس تفتيت وتوزيع سلطات الوظيفة الإدارية في الدّولة بين الإدارة المركزية (الحكومة) من جهة، وبين هيئات ووحدات إدارية أخرى مستقلة ومتخصصة على أساس إقليمي جغرافي من ناحية، وعلى أساس فني موضوعي (مصلحي) من ناحية أخرى، مع وجود رقابة وصائية إدارية على هذه الوحدات والهيئات اللامركزية لضمان وحدة الدّولة السياسية والدستورية والوطنية، ولضمان نجاح عملية التنسيق بين رسم السياسة العامة والخطط الوطنية وبين عملية تنفيذها وإنجازها “.
بعبارة اخرى توزيع الوظيفة الإدارية بين أجهزة الحكم المركزية وأشخاص معنوية أخرى. وبالتالي اللامركزية هي عبارة عن تفتيت وتقسيم الوظائف والمهام بين السلطات الحكومية والهيئات الاقليمية الأخرى لتجسيد وتنفيذ خطط تنموية تعتمد على محورية اشراك المواطنين.
اما مفهوم التنمية المحلية , فقد ظهر هذا المفهوم بعد ازدياد الاهتمام بالمجتمعات المحلية لكونها وسيلة لتحقيق التنمية الشاملة على المستوى الوطني ، فالجهود الذاتية والمشاركة الشعبية لا تقل أهمية عن الجهود الحكومية في تحقيق التنمية، من خلال مساهمة المجتمع في وضع وتنفيذ مشروعات التنمية، مما يستوجب تضافر الجهود المحلية الذاتية والجهود الحكومية لتحسين نوعية الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية والحضارية للمجتمعات المحلية . بهدف تطوير عناصر البنية الأساسية كالنقل والكهرباء والمياه، حيث يعتبر النهوض بهذه القطاعات أساسا لعملية التنمية ولتطوير المجتمع المحلي .
فمنطلق الإدارة المحلية ( اللامركزية ) هو تبني مبدأ البناء من الأسفل، بأن نجعل من تنمية المجتمع المحلي نقطة الانطلاق الأساسية لتنمية المجتمع ككل. من خلال حق المجتمع المحلي في اتّخاذ القرارات والقيام بالمبادرات المحلية للنهوض باختصاصاتها المحدّدة بمقتضى القوانين والتنظيمات تحت اشراف وتوجيه الحكومة المركزية .
مقابل استقلال المجتمعات المحلية، لا بد من وجود مراقبة مقابل هذه الاستقلالية , بمعنى ان هذه الاستقلالية ليست استقلالية مطلقة ولذلك فإنّ الاستقلال جزئي ونسبي . جزئي : لا يتعلق إلا بوظيفة واحدة من وظائف الدولة وهي الوظيفة التنفيذية، أما الوظائف التشريعية والقضائية فتبقى في ظل اللامركزية الاقليمية مركّزة في العاصمة، وهذا هو ما يميّز اللامركزية الإدارية واللامركزية السياسية. لأنّ الجماعات المحلية تخضع بمناسبة ممارستها لوظائفها التنفيذية المخولة إليها إلى رقابة تمارس على مستوى عمالها، هيئاتها وأعمالها، وهي رقابة متعدّدة.
أما مبررات قيام الإدارة اللامركزية في الأردن ، فهي تقوم على العديد من العناصر والأركان والتي يمكن اعتبارها شروط أساسية لقيام نظام الإدارة اللامركزي، مثلما توجد مجموعة من الدوافع التي على أساسها يتم اللجوء إلى اللامركزية، و المتمثلة بالقواعد التالية :
الإعتراف بوجود مرافق عامة محلية متميزة عن المرافق العامة الوطنية: إنّ وجود مرافق عامة محلية تخص سكان جزء من إقليم الدّولة، باعث أساسي لتطبيق النظام اللامركزي الإداري لأنّه هناك مرافق عامة تقدّم خدمات إلى السكان المحليين، لا يمكن أن تقوم بعملها بالشكل المطلوب إلا إذا كانت بين السكان المحليين الذين يعرفون احتياجاتهم أكثر من السلطة المركزية، كمرفق تجهيز الكهرباء ومرفق تجهيز الماء ومرفق الصحة، أما فيما يخص الجهة التي تحدد المرافق المحلية، هي السلطة التشريعية.
استقلال الهيئات المحلية عن السلطة المركزية: إنّ استقلال الهيئات المحلية عن السلطة المركزية هو نتيجة طبيعية لمنح هذه الهيئات الشخصية المعنوية، فالنتائج المترتبة عن منح الشخصية المعنوية العامة هو استقلال هذه الشخصية بذمتها المالية عن السلطة المركزية واستقلالها بالمسؤولية ومشاركة السلطة المركزية بجزء من سلطتها.
أما مدى استقلال الهيئات المحلية ، فهي ليست مطلقة بل نسبية، إذ أنّ هذا الاستقلال يمكن أن يكون واسعا، ويمكن أن يكون محدودا ويمكن أن يكون بينهما، وذلك راجع إلى عدده عوامل أهمها :
كيفية اختيار أعضاء الهيئات المحلية: إنّ طريقة اختيار أعضاء الهيئات المحلية لها أثرها الكبير على استقلال هؤلاء الأعضاء، وهنالك طريقتان لاختيار أعضاء الهيئات المحلية، وهي طريقة الانتخاب وطريقة التعيين، فقد تكون المجالس المحلية ورؤسائها ورؤساء الوحدات الإدارية كلّهم منتخبين، أو يكون جزء منهم منتخب وجزء آخر معيّن. وعليه فاستقلال الهيئات المحلية عند الكثير من الفقهاء مرتبط بعدد الأعضاء المنتخبين وعدد الأعضاء المعينين، فكلّما زاد عدد الأعضاء المنتخبين، كانت الهيئات المحلية أكثر استقلالا عن السلطة المركزية، ويقل هذا الاستقلال كلما ازداد عدد الأعضاء المعينين، بحيث هناك فريق من الفقهاء من يرى في أسلوب الانتخاب هو ركن من أركان اللامركزية الإدارية الإقليمية.
الوصاية الإدارية أو الرقابة الإدارية: إنّ حصول الهيئات المحلية على الشخصية المعنوية ينتج عنه استقلال هذه الهيئات عن السلطة التنفيذية أو ما يطلق عليه بالسلطة الإدارية المركزية، وذلك عندما تمارس النشاط الاداري، لكن هذا لا يعني الانفصال عن هذه السلطة، وإنّما هو استقلال بجزء من الاختصاصات في مجال الوظيفة الإدارية، وتبقى السلطة المركزية هي مسؤولة دستوريا بشكل نهائي عن الوظيفة الإدارية في جميع إقليم الدولة، أي أنّها المسؤولة عن سير المرافق العامة في الدّولة بشكل مباشر أو غير مباشر، لذلك فإنّ منح الشخصية المعنوية لوحدات إقليمية لا يؤدي إلى إعفاء السلطة الإدارية المركزية بشكل نهائي عن أداء المرافق العامة المحلية، وعليه فإنّه يجب أن تراقب سير المرافق العامة في كل محافظة /إقليم الدولة.
إضافة إلى ذلك، فالسلطة المركزية مسؤولة عن مراقبة عدم خرق القانون من قبل الهيئات المحلية، لذل فإنّ الوصاية الإدارية هي رقابة السلطة الإدارية المركزية على الهيئات المحلية من الناحية الفنية ومن الناحية القانونية، إضافة إلى أنّها ضمان لوحدة الدولة , ولكن لا بد من وجود مبررات لقيام نظام اللامركزية الإدارية ، والتي تتمثل بالمعطيات التالية :
يعدّ أسلوب اللامركزية الإدارية وسيلة فنية عملية ناجعة لتوعية وتكوين الجماهير والمواطنين سياسيا واجتماعيا، وتكوين وتربية الروح والأخلاقيات الديمقراطية لديهم عن طريق ممارسة حق المشاركة في تنظيم وتسيير إدارة شؤونهم العامة على مستوى الهيئات والجماعات المحلية اللامركزية.
إنّ أسلوب اللامركزية وسيلة قانونية وفنية لتفتيت وتوزيع سلطة الوظيفة الإدارية في الدّولة بين السلطات الإدارية المركزية والسلطات الادارية المحلية اللامركزية.
يؤدّي تطبيق اللامركزية إلى تفجير قوى الابداع والابتكار والانتاج لدى القواعد العريضة للمواطنين، فاللامركزية تحرّك وتفجّر عبقرية الزمان والمكان في الدّولة.
يصطدم التصور لدور الجماعات المحلية كأطراف حصرية للتعاون اللامركزي بتنوع التنظيمات الإدارية للدول المختلفة، وتخلّفها في الدّول النامية المستقلة
من جهة أخرى، هناك ثلاثة أبعاد للامركزية تتثمل بالبعد المكاني، والبعد التنظيمي و البعد المؤسسي :
البعد المكاني: ويُقصد به تشكيل الوحدات الجغرافية اللامركزية، فإذا تم ذلك بموجب الدّستور تكون اللامركزية قوية، وإذا حصل ذلك وفق قانون تكون اللامركزية متوسطة، أمّا إذا تشكلت هذه الوحدات بموجب قرار إداري فتكون اللامركزية ضعيفة.
البعد التنظيمي: ويعني مدى استقلالية الوحدات الادارية المحلية في وضع نظامها الدّاخلي، فإذا كانت هذه الوحدات تتمتع في ذلك بالاستقلال الكافي، تكون اللامركزية قوية، وإذا ما قامت الحكومة بتحديد إطار عام للنظام الداخلي للسلطات المحلية فتكون اللامركزية متوسطة، وإذا وضعت الحكومة المركزية النظام الداخلي للوحدات الادارية المحلية أو حدّدت تعليمات تفصيلية لهذه الغاية فتكون اللامركزية ضعيفة.
البعد المؤسسي: إذا توفرت للوحدات الادارية المحلية البناء المؤسسي المعتاد للحكومات من برلمان وقضاء مستقل، فتكون اللامركزية قوية، وإذا توفرت جميع المؤسسات باستثناء القضاء وبعض المؤسسات الأخرى فتكون اللامركزية متوسطة، إذا كانت الإدارات المحلية مجرّد سلطة إدارية عندئذ تكون اللامركزية ضعيفة.
و السؤال الذي يجب ان تأخذه اللجنة الملكية بعين الاعتبار اين تقع مواطن القوة والضعف في تطبيق اللامركزية الإدارية :
تعيين المسؤولين: إذا كان تعيين المسؤولين في الوحدات الادارية المحلية يتم بواسطة الانتخاب من قبل السكان تكون اللامركزية قوية، وإذا تم تعيين المسؤولين في هذه الإدارات بموافقة السلطة المركزية فتكون اللامركزية عندئذ متوسطة، وفي حالة تعيين المسؤولين من قبل الحكومة المركزية تكون اللامركزية ضعيفة.
صلاحية التشريع: إذا تمتعت الوحدات الادارية المحلية بصلاحية التشريع كاملة في جوانب معيّنة تكون اللامركزية قوية، وإذا كانت صلاحية التشريع في جوانب معينة موزعة ما بين الإدارة المحلية والسلطة المركزية فتكون اللامركزية متوسطة، وفي حالة عدم امتلاك الوحدات الادارية المحلية لأي سلطة تشريعية تكون اللامركزية ضعيفة.
فرض وجمع الضرائب: إذا كانت من صلاحيات الوحدات الادارية المحلية استيفاء ضرائب الدولة المختلفة في المناطق التي تمارس فيها صلاحياتها تكون اللامركزية قوية، أما إذا اقتصرت صلاحياتها في هذا المجال على استيفاء الضرائب المحلية فتكون اللامركزية متوسطة، وإذا لم تمتلك هذه الوحدات أي صلاحيات في استيفاء الضرائب تكون اللامركزية ضعيفة.
صلاحية الإنفاق: وهو تمتع الوحدات الادارية المحلية باستقلالية في الصرف وبدون شروط.
تمثيل المصالح المحلية على المستوى الوطني: إذا كانت المصالح الإقليمية المحلية ممثلة بمؤسسات على المستوى الوطني، مثلا في مجالس برلمانية تكون اللامركزية قوية، وإذا اقتصر تمثيل المصالح المحلية على المستوى الوطني بشخص أو أكثر تكون اللامركزية متوسطة، وإذا غاب الشرطان تكون اللامركزية ضعيفة.
نخلص إلى القول، أنّ الإشكالية المطروحة في اللامركزية هي محدودية الموارد المالية المحلية، وضعف استقلالية الجماعات المحلية، في الوقت الذي تتزايد فيه متطلبات الحياة، وعليه، فتعزيز اللامركزية في الأردن مرتبط بمدى شمولية وفعالية الأطر القانونية لها ومدى تطبيقها على ارض الواقع، من خلال تعزيز القوانين المتعلقة بالبلديات والالوية والمحافظات ، و المملكة بشكل عام من شمالها الى جنوبها و من شرقها الى غربها لتحقيق تنمية شاملة مستدامة متوازنة، من خلال ضرورة تمتع اللامركزية و الإدارة المحلية بمصادر تمويل ذاتية وبعث الاستقلالية فيها وتخفيف نظام الرقابة.
في ضوء ما تقدم سوف يكون الرهان الأهم امام رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية دولة السيد سمير الرفاعي : “كيفية الموازنة بين اللامركزية والمركزية بما يتماشى وظروف المملكة الأردنية الهاشمية ” و الخروج بتوصيات قابلة للتطبيق تلبي طموحات جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين راعى المسيرة حفظه الله والشعب الأردني الذي عانى من سوء الإدارة المركزية ، و الفشل في تطبيق اللامركزية ، و ينتظر بفارغ الصبر توصيات اللجنة الملكية الموقرة و التي سوف تقر بإذن الله من مجلس الامة ، مع الاخذ بعين الاعتبار تجاربنا الفاشلة في اللامركزية . و على اللجنة الملكية ان تستفيد من الخبراء في مجال اللامركزية الإدارية سوآء على المستوى الوطني ، او على المستوى الخارجي و خاصة التجربة الفرنسية في الحكم المحلى واللامركزية الإدارية . علاوة على ذلك ، على اللجنة الملكية الموقرة ” التواصل مع من لم يحالفهم شرف عضوية اللجنة فلديهم جملة مفيدة يمكن ان تخدم وجهة وتوجه الفريق المنتخب واهدافهم النبيلة فجلهم مخلصون للعرش ومحبون لبلدهم ونهضته المرتقبة “. و الاستفادة أيضاً من الخبراء في مجال المهام الخمسة الأخرى التي جاءت بتوجيهات جلالة الملك حفظه الله و التي انيطت باللجنة الملكية الموقرة لتحديث المنظومة السياسية .