الله أكبر فتحت خيبر
رقية محمد القضاة
=
بقلم /رقية القضاة
ظلال الحقد اليهودي تلقي بسمومها على المدينة المنوّرة ،والطبع الغادر ميزة قوم ضربت عليهم الذلة والمسكنة ،واستحقوا اللعنة والغضب الإلهي ،وهم يعيشون في حصونهم بخيبر كدولة معادية ماكرة ،لا ينفع معها صلح ولا معاهدات ولا مسالمة ،ولم يبق والحالة هذه إلّا إجلاؤهم منها لكي لا تبقى لهم في بلاد المسلمين قائمة ،ولكي لا تبقى سمومهم النافثة تهب تجاه دولة الإسلام
ويأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالسير إليهم، وإجلاءهم من حصونهم ،في حركة مباغتة ذكية ،ولم ير اليهود الجيش إلّا وقد أحاط بحصونهم ، ورعاتهم يرجعون مذعورين يصيحون بهلع وبغتة:محمد والخميس،محمد والخميس ،ويهرع الجبناء يتحصنون وراء جدرهم وحصونهم كعادتهم في القتال {لا يقاتلونكم إلّا في قرى محصّنة أو من وراء جدر( والليل يلف خيبر ،والنبي يحاصرها،ونخيل خيبر يرقب الفجر الوليد ،ورمال خيبر ترجو أن يخطو فوقها رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فيهتف المصطفى قائلا :{الله أكبر ،الله أكبر خربت خيبر، إنّا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين }
وساء صباح يهود حقا ، واشتد حصار المسلمين لحصون خيبر،واشتدّ الأمر على المسلمين ،فقال الرسول صلى الله عليه وسلم :لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه ويتمنى كل واحد من المسلمين يومئذ لو أنّه ذلك الرجل الذي يتحصل على وسام المحبة المشهودة لله ولرسوله ، وينادي الرسول صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فيسلمه الراية ويقول له :إمش ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك ،فيمشي ثم يقف ولا يلتفت طاعة لنبيه وقائده ويصرخ قائلا :يارسول الله على ماذا أقاتل النّاس ؟قال :قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله،فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلّا بحقها،وحسابهم على الله}
وانتصر الحق على الباطل ،وتمّ فتح خيبر في شهر صفر،وأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجليهم كما أجلى غيرهم من يهود ،ولكنهم تشفّعوا إليه ان يبقيهم فقالوا :يامحمد دعنا نعمل في هذه الأرض ولنا الشطر على مابدا لكم ولكم الشطر،وقد كان شرط بقاءهم أن يخرجهم النبي متى أراد قائلا :نقرّكم ما أقرّكم الله
وظل يهود خيبر فيها حتى كانت خلافة عمر يعملون ويمكرون ،فالطبع يغلب التطبع ،ولم يلبثوا ان عادوا للخسة المعهودة فيهم ،إذ عدوا على عبدالله بن عمر وقد خرج يتفقد ماله فيها،فضربوه وكسروا يديه ورجليه ،فقام عمر خطيبا وأعلن أنّه سيجلي يهود خيبر منها ،ويسارع إليه أحد زعماءهم قائلا :يا أمير المؤمنين أتخرجنا وقد اقرنا محمد وعاملنا على الأموال وشرط ذلك لنا ؟فقال عمر الفاروق :أظننت أنّي نسيت قول رسول الله صلى الله عليه وسلّم :كيف بك إذا أخرجت من خيبر تغدوا بك قلوصك ليلة بعد ليلة ؟فقال اليهودي :كانت تلك هزيلة{يعني مزاحا } من أبي القاسم،فقال كذبت يا عدو الله ،فأجلاهم عمر وأعطاهم قيمة ماكان لهم من الثمر مالا وإبلا وعروضا من أقتاب وحبال
رحل اليهود عن خيبر وتشتت دهاتهم في الأرض يمكرون ويمكرون ،وفي صدورهم نار الحقد على رسول الله صلى الله عليه وسلّم ،وعلى أصحابه وأتباعه ،وتستعر النار في صدورهم ،كلّما ارتفعت للإسلام راية أو تحققت لأتباعه غاية ،يتيهون في الأرض والأرض ترفضهم والغرب يلفظهم ، ويحلمون ،متى إلى خيبر نعود ؟حيث يثوي الأهل والجدود ،ويلتئم جمعهم بحبل من النّاس ،ويتجمّعون في الأرض المقدّسة ،يضربون بسيف الغرب الصليبي الحاقد ،وتقوم لهم دويلة ،ويدخل جندهم يرفلون بالرّجس وينفثون السمّ موتا وكلمات ،يصيحون بكل ما عانوه من المذلّة وما في نفوسهم من حقد وعداء لله ولرسوله ولأمة الإسلام ،ويرددون وهم يجتاحون أرض الإسراء {يالثارات خيبر،فتجيبهم الأرض والتراب والجبال والشباب والنساء والرجال والأطفال الله أكبر’ الله أكبر’ مهلا فموعدنا صباح مشرق ،أوليلة ليلاء حيث يحاط بكم ،نتلوا ماتلاه نبينا ،إذ ما رأى النصر المؤزّر ،فاسمعوا، يا من ترنمتم بيا لثارات خيبر،{إنّا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين
اللهم لا ترفع لليهود راية ولا تحقق لهم غاية وأنصر جندك عليهم نصرا مبينا ]