المحكمة الدستورية وقوة القانون مع تغريد حكمت
الدكتور موفق العجلوني
=
بقلم // السفير الدكتور موفق العجلوني
المدير العام : مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
============
عدالة السماء مطلقة لا حدود لها، وعدالة الارض نسبية وعرضة للخطأ والصواب، وإذا فقدنا ثقتنا في القضاء فقدنا كل شيء، وانتقلنا من عالم تسوده قوة القانون الى عالم يسوده قانون القوة وشريعة الغاب، هكذا تغرد دائماً أستاذة القانون، عضو المحكمة الدستورية القاضي الدولي السيدة تغريد حكمت.
من هنا انتهجت القاضي حكمت طريقها من خلال توجيهات وحرص جلالة الملك في توجيهاته الملكية السامية للجنة الملكية لتعديل الدستور على التأكيد القيام بدورهاالهام في مسيرة الإصلاح، وخطوة رئيسية لتعزيز مبدأ الفصل بين السلطات وايقاف تغول السلطات بعضها على بعض والدفاع عن حريات الناس وحقوقهم بالشكل الذي ورد في نصوص الدستور خاصة بعد تعديله المتوافق مع المعايير الدولية في ممارسة هذه الحقوق والحريات.
تغريده القاضي حكمت اشتقت من اسمها، فكانت تغريده الحكمة، تغريده تواكب عصر العلم والتكنولوجيا، كيف لا وهي القاضي الدولي وصاحبة تغريدتين سابقتين، الاولي ” قصة طموح “والثانية ” القضاء علم وفن وفهم”. وجاءت التغريدة الثالثة: في اشهار كتابها ” القضاء الالكتروني“.
تجاوزتتغريد حكمت في حكمتها كل الملفات و الاضابير و دواوين المحاكم ووزارة العدل ، لان القاضي حكمت عضو المحكمة الدستورية ، بتجربتها الدولية في المحاكم الدولية و في ادغال و غياهب وغابات افريقيا واروقة لاهي و الامم المتحدة ، ادركت ان التطور الرقمي المتسارع في عالم التكنولوجيا في ظل التحولات العالمية نحو العولمة واندماج المجتمعات في اطار التسارع في علم التكنولوجيا الذي يشهده العالم و خاصة في مجال الحكومة الالكترونية و الابحار في علم البيانات ، و بالنظر الى الواقع الذي يعيشه عالمنا اليوم و خاصة نحن في الاردن ، فقد اصبحت الحاجة ملحة لوجود محاكم الكترونية و خاصة بتوفر التقنيات الحديثة لتقديم الخدمات القانونية بواسطة استخدام وسائل التكنولوجيا و بالذات في تقديم الاستشارات القانونية و ظهور ما يسمى بالمحامي الالكتروني او المحامي الرقمي .
تعود بي الذاكرة الى محطتين الأولى كتابها الثالث ، “القضاء الالكتروني ” و الذي كان الهدف من تأليفه و اشهاره ، تعريف القضاة و المحامين و العاملين في المجال القضائي مفهوم القضاء الالكتروني و الحكومة الإلكترونية بحيث يتم الانتقال الي الحكومة الذكية و المحاكم الذكية بهدف ترسيخ منظومة قضاء يتسم بسرعة الانجاز في فصل المنازعات القضائية و الشفافية الموضوعية من خلال ادخال البرامج الالكترونية في النظام القضائي ، علاوة على تزويد رجال القضاء بالقواعد القانونية لإدارة الدعاوى الالكترونية التي تحكم هذا النظام والمهارات و القدرات اللازمة لذلك . الامر الذي سيساعد القضاة بتبسيط اجراءات التقاضي وتطويرها الكترونياً بهدف سرعة الانجاز ووصول المتخاصمين الى حقوقهم برقم قياسي.
والمحطة الثانية الندوة الدولية التي شاركت بها في جامعة اليرموك بعنوان الذكاء الاصطناعي والقضاء. عندما اطلت علينا سعادة القاضي تغريد حكمت في المؤتمر الدولي الذي نظمته كلية الحقوق في جامعة اليرموك بعنوان: الثورة الصناعية الرابعة من منظور قانوني ( التحديات والحلول ) ، بتواضعها الجم .حيث يصعب حقيقة الحديث اولاً عن هذه الشخصية الأردنية العربية المسلمة الانسانة العصامية والتي انطلقت في مواقع كثيرة وواجهت ادهى التحديات كفتاة اردنية اصيلة حتى وصلت الى أعلى المناصب الدولية في مجالات القضاء و القانون . حيث تعد القاضي الجنائي الدولي تغريد حكمت، الشخصية البارزة في عالم القانون الجنائي الدولي، حيث أثرت تجربتها وإسهاماتها البارزة في عدة مجالات قانونية على مستوى العالم.
تلقت القاضي تغريد حكمت العديد من الجوائز والتكريمات التي تؤكد على تفوقها وإسهاماتها القيمة، منها جائزة نوبل للسلام 2005 . والعضوية الشرفية العليا للمنظمة العالمية لحقوق الإنسان. والدكتوراة الفخرية من Common Wealth University. . وأسهمت في صياغة القوانين والسياسات التي تؤثر على حياة الناس عندما كانت عضوا في مجلس الأعيان وكيف انتقلت من مطبق للقانون محام وقاض اكثر من عشرين عاما إلى مشرع في مجلس الأعيان.و تُعتبر مؤلفات القاضي تغريد حكمت في مجال القانون والقضاء من المراجع المهمة التي تستفيد منها الجامعات والمؤسسات القانونية حول العالم.قدمت القاضي تغريد حكمت العديد من المحاضرات القيمة في مؤسسات تعليم القانون والقضاء البارزة، في جامعة هارفارد وWest Point Militaryوفي الفاتيكان وجامعة كولمبيا وكوريا الجنوبيةوعدد من الدول الأخرى.
لا يستطيع المرء و هو يستمع لسعادة القاضي الدولي عضو المحكمة الدستورية تغريدحكمت، الا ان يقف اجلالاً و اكباراً و تقديراً و احتراماً واعتزازاً بهذه السيدة الأردنية الجليلة و التي مثلت الاردنيات و الأردنيون والعرب والمسلمين والمجتمع الدولي الإنساني وعلى كافة المنابر و المحافل الدولية في خدمة العدالة و حقوق الانسان ، وها هي اليوم تتابع عن كثب التطورات العالمية وخاصة الذكاء الاصطناعي وارتباطه و تأثره إيجابا و سلباً بالذكاء الاصطناعي و تكنولوجيا المعلومات .و هي بحق تستحق بكل جدارة ان تتولى أعلى المناصب القضائية .
مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
muwaffaq@ajlouni.me