المواطنة والعصبيات والتربية
د. عزت جرادات
=
بقلم/ د. عزت جرادات
*في ندوة نظمها منتدى الفكر العربي حول (المواطنة في مواجهة العصبيات) وقدم فيها البروفسور اللبناني العربي الإسلامي أسعد السحمراني، برزت قضية المناهج التربوية العربية ودورها في هذا المجال، وقدم عدد من الأساتذة الأردنيين والعرب تحليلاً معمقاً لأزمة المواطنة في الوطن العربي بأبعادها الفكرية والثقافية والإجتماعية والسياسية والتربوية.
* ولم يكن من غير المتوقع أن يكون نصيب البعد التربوي حظاً كبيراً، ومما يهمني توضيحه في هذا المجال أن البعد التربوي ودوره في أزمة المواطنة في مواجهة العصبيات، ومنها التطرف والضحالة الثقافية والفقر التعليمي، يشتمل على ثلاث قضايا مزمنة، تؤرق المثقفين والتربويين العرب، وتتمثل في:
-غياب فلسفة تربوية عربية واحدة.
-ضعف الاستثمار في المعلم والطالب المتفوق.
-ضعف الاستثمار في التربية للمستقبل.
*لقد أخفقت المحاولات التربوية خلال العقدين الأخرين من القرن الماضي في صياغة فلسفة موحدة للتربية العربية… وهذا أدّى إلى إتجاهات قُطرية في إعداد المناهج التربوية أهدافاً ومحتوى وأساليب، في أثنين وعشرين نظاماً تربوياً يَرى كل بلد عربي أنه الأمثل. كما أدى ذلك إلى صياغة مرتكزات المناهج بروىء ماضوية أكثر منها مستقبلية.
وظلت محاولات التعريف بالفلسفة التربوية العربية مقتصرة على جهود فردية في إصدار مؤلفات نحو تحديد ملامح فلسفة تربوية موحدة، ومازال الملف مفتوحاً.
*أما ضعف الاستثمار في المعلم والطالب المتفوق، فأن ذلك يتضح في مستوى برامج إعداد المعلم وتأهيله وتدريبه ووضع حوافز تُعلى من مكانته الأقتصادية والأجتماعية.
وقد أشارت التقارير التربوية العالمية حول التميّز التربوي أنه يرتبط إلى حدّ كبير في هذه العناصر المتعلقة بالمعلم وبخاصة التمكين الأقتصادي … والذي يؤدي إلى المكانة الاجتماعية ومن جانب آخر، فأن الأهتمام بالطالب المتوفق على المستوى العربي يكاد يكون في حده الأدنى، فتهدر الأنظمة التربوية العربية ثروة بشرية تؤدي دوراً أكثر ابداعاً وإنتاجية وتنافسية على المستويات المحلية والعربية والدولية.
*وأما ضعف الاستثمار في التربية من أجل المستقبل فيتضح في ندرة الخطط الإقتصادية والتنموية التي تعنى بأعداد رأس المال البشري عالي الجودة والتي لا تتم ولا تتحقق الا بالتربية، فالاستثمار في التربية هو استثمار في المستقبل.
*ومما يؤسف له، أن هذا المستقبل العربي ظل أو ما يزال تائها بلا خرائط للمستقبل، وبلا إدراك لأهمية التنمية البشرية متمثلة بالرقي التعليمي وتكافؤ الفرص فيه، واحترام مبادىء العدالة الاجتماعية، واحترام حقوق الإنسان وبخاصة التعليم الأجود.