ايدبولوجية ما بعد الصهيونية
د. عزت جرادات
=
بقلم / د. عزت جرادات
*في الوقت الذي أصبحت فيه (الصهيونية) في طيّ النسيان –الافتراضي- لدى معظم المثقفين والمؤرخين والمفكرين العرب، ينشط (المؤرخون الجدد) في الصهيونية، وآفي شلايم نموذجاً، في بلورة صياغة جديدة يطلق عليها (ما بعد الصهيونية).
*يرى هؤلاء المؤرخون الجدد أو معظهم أن (الايدبولوجية الصهيونية) التي اعتمدت في أول مؤتمر صهيوني، في بازل، سويسرا (1897) قد تمكنت من تحقيق أنجازين تاريخين:
أولهما: وعد بلفور (1917) بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
وثانيهما: إقامة الوطن القومي-دولة إسرائيل (1948م).
*ويعود ذلك النجاح في تحقيقهما إلى ركيزتيْن أساسيتيْن منبثقتيْن من تلك الأيدلوجية وهما:
-صهيونية استيطانية: وهدفها تجميع اليهود وتوطينهم في فلسطين.
– وصهيونية تدعيمية: وهدفها تجنيد يهود العالم في أوطانهم أو في الأقطار التي يقيمون فيها أو يحملون جنسية مواطنيها، وتحويلهم إلى مجموعات ضغط- أيباك نموذجاً- لدعم الدولة سياسياً وأقتصادياً لترسيخ بنيان الدولة.
* وبعد ما ظهر قانون (قومية الدولة- الأسرائيلي) الى العلن، حتى بدأ أولئك المؤرخون الجدد إلى التفكير بمستقبل الصهيونية.
*فجاء مصطلح (ما بعد الصهيونية) بعدما تحققت أهم أهداف الايدبولوجية الصهيونية؛ ويدعو هذا المصطلح إلى إعادة النظر أو اعادة التفكير في الصهيونية من حيث دورها المستقبلي في خدمة (الدولة)، وفي صوغ نموذج جديد ليهود الشتات في العالم، والأخطر من ذلك في بلورة أهداف جديدة للصهيونية بما يحفظ استمرارها وتجددها، محلياً وعالمياً.
*أما عربياً، فما يزال الفكر العربي متوقفاً عند الأهداف الايدبولوجية للصهيونية ولا يُلمس أي أهتمام في حركات تطوير تلك الايدبولوجية، على اعتبار أن الشجرة واحدة وإنْ تجدّد تطعيمها، ولعل ذلك هو الأخطر في النظرة إلى الصهيونية، وتحليل أبعادها ومراميها، الحاضرة والمستقبلية.
* أن التطوارات السياسية في قضية النزاع الفلسطيني/ العربي- الأسرائيلي، ومهما تسارعتْ، فأنها لا تعفي المثقفين والمفكرين العرب من مسؤولية التنوير في الأخطار التي تصوغها أيدبولوجية ما بعد الصهيونية.