بعد الملف الدولي، ماذا عن الداخلي؟
نسيم العنيزات
زيارتان ناجحتان لجلالة الملك في الآونة الاخيرة كانت الاولى الى الولايات المتحدة الأمريكية ولقائه رئيسها جو بايدن وعدد من الشخصيات السياسية وصانعي القرار في الولايات المتحدة الأمريكية تناولت معظم القضايا التي تهم المملكة والأردن خاصة القضية الفلسطينية والموضوع الإيراني والملف السوري اضافة الى الاوضاع الاقتصادية أسفرت عن نجاح وتفهم للإدارة الأمريكية للموقف الاردني إزاء مختلف القضايا التي طرحت.
وجاءت الثانية لقاء جلالة الملك للرئيس الروسي بوتن في موسكو بعد فترة من الهدوء والفتور ابان عهد الرئيس الامريكي السابق الذي حاصر الاردن في كثير من القضايا داعما موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي نتن ياهو الذي كان يحمل موقفا عدائيا من الاردن ويسعى الى انتزاع موقف اردني في موضوع صفقة القرن والقدس، فجاءات الزيارة الى روسيا في وقتها لمناقشة الاوضاع في سوريا والتطورات الاخيرة في المشهد بعد ان اتفق الطرفان على التنسيق فيما بينهما في هذا الملف.
وكان للموقف الروسي من هذا الملف دور مهم بعد التزام الروس بوعدهم للاردن بالمحافظة على الحدود وعدم السماح للفصائل المسلحة من الاقتراب من حدودنا وتهديد امنها.
كما تناول اللقاء الموضوع الافغاني والتطورات الاخيرة بعد تسلم طالبان زمام الامور وانهيار الحكومة السابقة حيث اكد الملك على الموقف الأردني بمحاربة التطرف والإرهاب والنظر الى التطورات الاخيرة بقلق شديد.
وبالعودة الى الملف السوري تناول اللقاء قضايا كثيرة ومهمة في الملف الاقتصادي والتجاري بعد قانون قيصر الذي فرضه ترامب ابان ولايته حارما الاردن من القيام باي نشاطات او علاقات تجارية مع السوريين تحت طائلة العقوبات ووضع التجار في قائمة العقوبات الأمريكية.
يبدو ان الوضع السياسي الخارجي يسير بخط مستقيم دون اي تعرجات وتجاوز التحديات بعد ان مالت السياسة الأردنية الى الهدوء في السنوات الاربع الماضية، مع الميل الى تطوير العلاقات الاردنية الأوربية خاصة المانيا التي ساندت الاردن ووقفت الى جانبه خلال الازمة التي مر بها خاصة في المجال الاقتصادي وجاءت المساعدات الألمانية للاردن في المرتبة الثانية بعد الأمريكية لمساعدتنا على مواجهة جائحة كورونا.
ان التطورات الاخيرة فتحت الباب واسعا امام السياسة الأردنية في اعادة وتعميق تحالفاته على جميع المحاور والصعد وبناء قاعدة جديدة تحافظ على المصالح الاردنية تحت قاعدة عدم التدخل بالشؤون الداخلية للغير انما تقوم على المصالح والتنسيق ومحاربة التطرف والإرهاب هذا الشعار الاردني الذي تبنته السياسة الأردنية منذ سنوات ولم تحد عنه.
اما على الصعيد العربي فيمتاز الاردن بعلاقات جيدة مع جميع الدول العربية دون تحفظات واتفاق على جميع القضايا التي تهم الطرفين مكنته من تشكيل محور اردني مصري عراقي يقوم على التنسيق المشترك في قضايا المنطقة وزيادة التبادل التجاري بينهم لدعم الاقتصاد.
في ظل هذه التطورات في الملف الدولي ننتظر مثلها في المشهد الداخلي في الشأن السياسي وما ستسفر عنه اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية والمضفوفة الاقتصادية التي أعلنت عنها الحكومة، نامل ان تتماشى مع تطلعات الناس والخروج من الازمة الاقتصادية وحالة الركود التي يعيشها الاقتصاد الاردني وإيجاد فرص عمل تخفف من نسبة البطالة بين صفوف شبابنا.