جلالة الملك زادك الله بحسن عفوك عزًا
مهدي مبارك عبدالله
=
بقلم / مهدي مبارك عبد الله
——-
قال الله تعالى في محكم التنزيل ( وجزاء سيئة سيئةٌ مثلها فمن عفا واصلح
فأجره على الله انه لا يحب الظالمين ) كما قال رسول الله صل الله عليه و
سلم في الحديث الذي اخرجه مسلم ( وما زاد الله عبدا بعفو الا عزا )
دلالة على ان النفوس الكبيرة هي التي تتجمل بفضيلة العفو الذي يعتبر من
صفات اهل الخير والشيم والمروءة كما انه يورث المحبة بين الحاكم والمحكوم
ويبقي على الحكم فان (عفو الملوك فيه بقاء للملك )
لفتة انسانية كريمة جاءت في شهر الخير رمضان المبارك حيث ( الرحمة
والمغفرة والتسامح والتراحم) ابهجت مشاعر الاردنيين غبطة وارتياحا وفخرا
بالموقف الملكي النبيل وعطائه المتواصل بما يؤكد عمق التلاحم بين جلالة
الملك عبد الله الثاني وابناء شعبه الذين عبروا عن فرحتهم بهذه المكرمة
الغالية ودعوا الله ان يحفظ الاردن عزيزا امنا مستقرا في ظل القيادة
الهاشمية المظفرة التي يعتلي سنام مجدها ملك ( انسان ورحيم ) يحب شعبه
ولا تتملكه أي نوازع للانتقام حتى ممن أخطأوا وأساءوا له وللوطن
وضمن فصل جديد من فصول الصفح والمحبة التي يتبادلها جلالته مع ابناء شعبه
وفي مكرمة هاشمية جليلة من لدنه وبإحساس عالي ومسؤولية عظيمة استجاب
جلالته كاب رؤوف وأخ حليم عطوف الى نداء الشخصيات العشائرية من محافظات
عدة ضمن عريضة موقعة من قبلهم تناشده في هذا الشهر الفضيل بالعفو والصفح
عن أبنائهم من موقوفي الاحداث الأخيرة الذين شاركوا وانقادوا وراء فيما
عرف بقضية ( الفتنة ) وفتح باب التوبة امامهم للعودة الآمنة لحضن الوطن
والاسرة الاردنية الواحد وبحكمة ثاقبة وبعد بصيرة لا يمتلكها الا ملوك
بني هاشم قولا وفعلا وممارسة وجه جلالته المعنيين بنيابة أمن الدولة
للإفراج عن ستة عشر متهما والنظر في الآلية المناسبة ليكون كل الذين
اندفعوا وتم تضليلهم وأخطأوا بالانجرار وراء هذه الفتنة عند أهلهم ووسط
ابنائهم بأسرع وقت
جلالة الملك عبد الله منذ تسلمه سلطاته الدستورية عمل بكل طاقته للدفاع
عن سيادة الاردن وقراره المستقل تجاه كافة القضايا المحلية والاقليمية
والدولية وقد تعاطى مع ( قضية الفتنة ) منذ بدايتها بحزم شديد ومسؤولية
كبيرة وعقلانية متزنة ونهج متميز وحنكة وحكمة رشيدة قادت الى تعزيز اركان
الوطن وبنيانه و ( نزع الفتنة ووادها في مهدها ) والسمو فوق الجراح ليبقى
الاردن سدا منيعا وقلعة صامدة في وجه الاخطار والتحديات والمحن عصيا على
كل الدسائس والمؤامرات والفتن
المكرمة الملكية بالعفو والصفح عن ثلة من ابناء الوطن ليست غريبة وهي
متوقعة ومحل امل دائم بجلالته نطراً للفائض الانساني الكبير الذي يتمتع
به في التعامل مع التحديات المختلفة ولأنه يمثل ايضا القدوة لحسنة
والامتداد الشرعي والتاريخي لنظام هاشمي راسخ في تقاليده وقيمه المبنية
على وحدة الصف والعفو عند المقدرة والذي عايشه الاردنيون جيلا اثر جيل
منذ عهد المغفور لهم الشريف الحسين بن علي مرورا بعهد الملك المؤسس
والملك طلال والملك الحسين حيث كانت حكمة القيادة والنظام تتجلى بأبهى
صورها بالصفح الجميل والتجاوز والتسامح واعادة الابناء الى حضن الوطن
الدافئ وهو الديدن الثابت والركيزة الاساسية التي ميزت حكم قادة بني هاشم
ونظامهم القائم على التسامح وتجاوز الفتن ولم الشمل وصون الوحدة الوطنية
على مر تاريخ المشرف
ان عفو جلالته عن المشتبه بتورطهم بقضية الفتنة الأخيرة من ابناء الوطن
الذين غرر بهم او انحرفوا عن جادة الصواب عزز فكرة ( القائد المتسامح
والمسؤول عن الرعية ) الذي يأخذ بيد المخطئ ويعيده الى حضن الوطن والذي
مثل في مضمونه رسوخ النظام وقدرته على ( تحمل ابنائه واحتضانهم ) حتى لو
حصلت اساءة من قبل قلة قليلة منهم الا ان ثوابت الاردنيين عموما وضمير
الشعب خصوصا ظل يوقن دائما بأهمية الاعتزاز والالتفاف حول النظام وقيادته
الشرعية التي تشكل ( القاسم المشترك لكل الاردنيين الاوفياء )
حيث بقي الاختلاف من اجل الوطن وليس عليه أو على رمزه المتمثل بجلالة
الملك الذي يعتبر صمام الامان والبوصلة الهادية نحو الغد الافضل وبما
يوجب علينا جميعا في هذه المرحلة عدم السماح لأي شوائب أو ارتدادات لهذه
الفتنة المختلقة ان تمر من بيننا وان يكون لنا فيما جرى درسا وعبرة في
تجذير معاني وقيم ( الوطنية والمواطنة ) التي ينبغي ان لا تتغير او تتبدل
حول كيفية التعامل مع الاحداث بصورة دائمة وتمحيص وتدقيق التصرفات
والافعال تجاه اي شيء من ِشأنه النيل من الوطن وزعزعة امنه واستقراره
الصفح الملكي ( مفردة ليست جديدة ) في قاموس الهاشميين فكثيرة هي المواقف
المشهودة والصفحات المعهودة التي بيّض بها الهاشميون أيام الناس وبللوا
قلوب الأمهات والأبناء والآباء بالطمأنينة والندى وأحالوا احزانهم إلى
افرح وما تكرارها الحسن والمستحسن ( إلا من قوة تقود الناس إلى محبة وليس
من قوة تأخذ الناس إلى رهبة وخوف ) بعدما اصبح العفو سمة راسخة لدى
الهاشميين منذ الازل ومصاحبا لهم في كل الاوقات والظروف فلم نسمع يوما عن
سفك دم لمن تجاوز عليهم واطال اللسان بحقهم بل طوقوهم بفضيلة التسامح
والعفو حتى عادوا الى جادة الصواب وهذا ما جعلهم محل حب وتقدير واعجاب
عند كل الاردنيون والعرب
تلك هي بعض من ( سجايا ملك من ملوك الهواشم الأخيار ) الذين حفلت سيرهم
في مدونات التاريخ واحداثه وهم يأخذوا الناس على ( محمل الرفق والصفح )
وينسجوا وشائج الحب مع شعوبهم بعطاءهم وكرمهم كحبات المطر على الأرض
العطشى لهذا فأننا نناصر ونؤيد كل قرار حكيم لجلالة الملك ونقف خلف
قيادته لما فيه خير الاردن ومستقبله المشرق وبسواعدنا واجسادنا نغلق
الطريق أمام كل محاولات النيل من هذا النسيج الوطني والترابط الانساني
المقدس ما بين القيادة والشعب في مختلف الظروف والمحن
التاريخ الأردني عبر مئة عام من الحكم الهاشمي زاخر بالقيم النبيلة التي
مثلت رمزا من رموز وأبجديات العلاقة التي تحكم ملوك بني هاشم بشعوبهم حيث
كانت قيم العفو والتسامح هي الأكثر حضورا في أذهانهم وقلوبهم وها هو
جلالة الملك عبد الله يجدد هذه الرمزية العميقة في إرث بني هاشم والتي
تنبع من أصالتهم وبيتهم الشريف وفي كل مرة كانت تساهم في زيادة اللحمة
الوطنية وتعزيز الانتماء والولاء للقيادة والوطن وقد أظهرت بشكل اكبر
استعداد الاردنيين الكامل من مختلف شرائحهم ومواقعهم ليكونوا جنود مجندين
للدفاع عن ثرى الأردن الطهور وان لا يكونوا أبدا أداة بيد المخربين
وأصحاب الأجندات المشبوهة
ان توجيهات جلالة الملك بالإفراج عن عدد ممن غرر بهم مسألة تستحق التوقف
فهذه ( شيم وأخلاق الهاشميين ) خاصة وان جلالته الاقرب دائما الى نبض
وقلوب الاردنيين وهو يعمل جاهدا على تحقيق تطلعاتهم وامانيهم وحمل همومهم
ومطالبهم بكل امانة وحكمة وفكر مستنير وفي كافة مراحل الحياة والظروف
والتحديات التي يعيشها الوطن من اجل الوصول الى اردن أقوى بتكافل وتعاضد
قيادته وشعبه
كما ان التوجيه الملكي كان مليء بالدروس والعبر للجميع وفيه رسالة صريحة
للداخل والخارج بأن الدولة الاردنية قوية بمؤسساتها وان استقرار مؤسسة
الحكم من الثوابت التي تعاهد وتعاقد عليها الأردنيين وأن الاردن بقيادة
جلالته يمضي بخطى واثقه وراسخه مع بداية المئوية الثانية من عمر الدولة
لا تهتزه الاحداث الطارئة وهو اكبر واقوى من الظروف وقادر بأذن الله
بعزيمة قيادته ووفاء شعبه على تجاوز الازمات والخرج منها اكثر قوة وصلابه
وان نظام الحكم في الاردن هو ( نظام سياسي اجتماعي ) بعيد عن التسلط
والديكتاتورية ويمتلك عناصر القوة والثبات والصمود في وجه كل العواصف
وهو الضامن الرئيسي لأمن واستقرار الدولة الاردنية
كما انه استمرارا طبيعي لتكريس نهج التسامح والصفح الهاشمي المتوارث في
ادارة الحكم ورعاية الشعب وهو في المحصلة دليل قاطع وبرهان ساطع على
إنسانية جلالة الملك وعمق العلاقة القوية والمتينة بين النظام السياسي
الملكي الهاشمي والمجتمع الاردني بكافة مكوناته المبنية على الثقة
والمحبة المطلقة والتفاني والاخلاص والوفاء بالعهود وصدق الوعود وان هذا
الوطن العربي الهاشمي سيظل واحة امان لأبنائه والحضن الدافئ الذي يتسع
للجميع
ومع كل الذي جرى سيبقى اردننا بحول الله تعالى قويا ومتماسكا رغم كل
التحديات والمتربصين وملاذا امنا وإطارا جامعا لأبناء الشعب الاردني
الواحد بقيادة جلالة الملك وولي عهده الامين الساهرين على حمايته بقلوب
مخلصه وبمحبه صادقة لكل ذرة من ترابه الطهور تحرسه زنود الرجال الابطال
وهو يتقدم نحو مسيرة التنمية والانجاز بخطى هاشمية ثابتة لا توقفها أي
تحديات أو عقبات
وفي الختام نؤكد لمن على ( عيونهم عشاوة فهم لا يبصرون ) ان قيادتنا
الهاشمية بحكمها الانساني الرشيد هي السباقة دائما لمثل هذه القيم
المجيدة والاخلاق الحميدة وأن الصفح الملكي هو رسالة واضحة سطورها من نور
واحرفها من نار عنوانها لا يتغير وهي تعلن بان استقرار الاردن وترسيخ
قوته وحماية مقدراته ومكتسباته في مختلف المجالات والقطاعات التي تحققت
ونمت بتماسك الأردنيين ويقظة نشامى القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وهي
الكاريزما الخاصة التي جعلت الاردن بارضه وقيادته وشعبه عنواناً بارزا
على خارطة التميز والإنجاز في محيطٍ يموج بالصراعات والنزاعات والحروب
مما يوجب علينا اليوم اكثر من أي وقت مضى الانتباه واليقظة الى ما يحاك
من مؤامرات ومخططات من قبل المندسين والحاقدين تستهدف الأردن وتسعى الى
زعزعة امنه واستقراره
mahdimubarak@gmail.com