حماس.. والكرسي الفرار
الدكتور رشيد عبّاس
–
بقلم / الأستاذ الدكتور: رشيد عبّاس
يبدو أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مؤخراً أدركت لعبة الكرسي الفرار, حيثُ أصبح قادتها يتقنون الجلوس على الكرسي الفرار, والكرسي الفرار يا سادة يا كرام هو عكس الكرسي الثابت من حيث وجهته المحددة مسبقاً, حيث بإمكان هذا النوع من الكراسي الدوران حول محوره (360) درجة, أي الدوران في جميع الاتجاهات, والدوران في جميع الاتجاهات قد يكسب المسؤول مزيد من الخبرات الضرورية في الحوار والنقاش وربما التفاوض واسترداد الحقوق وتحصيلها بأقل الخسائر.
أعتقد جازماً أن الكيان الإسرائيلي الغاصب والذي كان يلفظ كلمة حماس بـكلمة (خماس) نتيجة للتلعثم والخوف والرهبة من هذه الحركة بات اليوم ومع جلوس حركة المقاومة الإسلامية على الكرسي الفرار بات أكثر طمأنينة وأكثر سكينة تجاه هذه الحركة, ومع هذا فإن هناك فلسفة سياسية كبيرة لجعل الكرسي الفرار (يلف) و(يدور) 360 درجة, كيف لا ومصمم هذا النوع من الكراسي كان يعمل في مهنة صف الحروف الانجليزية في احدى صحف إنجلترا عام 1703م وكان لديه دسك في الرقبة على ذمة الراوي.. والله اعلم.
حركة المقاومة الإسلامية (حماس) اليوم أدركت أن الجلوس على الكرسي الثابت ذات الوجهة الواحدة لا يخدم باي شكل من الأشكال قضية فلسطين المحورية ولا يحقق الاهداف المنشودة للحركة, وأن التحولات المدروسة والمتوازنة لا بد من أخذها بعين الاعتبار والتكيف مع تلك التحالفات والتغيرات والتطورات الجديدة أو المتجددة في المنطقة ككل.
اليوم نحن أمام صفحة جديدة من عودة العلاقات بين حماس والنظام السوري، حيث القطيعة التي دامت حوالي عشر سنوات، بعدما قررت حماس مقاطعة النظام السوري والعمل على مغادرتها بعد أن كان مكتبها السياسي في دمشق بعد مغادرتها من الأردن, إن هذه القطيعة أدت بتوجه حماس نحو الحلف التركي القطري، وكان ذلك في ظل ارتفاع أسهم الإسلاميين وسيطرتهم لفترة من الوقت على الساحة العربية وخاصة في مصر وتونس والمغرب والسودان والتحرك النشط في الأردن خلال فترة الربيع العربي.
لا شك أن حماس لم تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران ولا مع حزب الله رغم أن مواقف الطرفين من الأزمة السورية كانت متباينة، وحماس اليوم تتابع المشهد الذي يعاكس مخططاتها خاصة بعد تقارب العلاقات الإسرائيلية التركية في الفترة الأخيرة وذوبان الجليد نتيجة للعلاقات المصرية القطرية مما يجعلها تتوجه لإعادة البوصلة نحو سوريا وإيران وحزب الله في جنوب لبنان.
منذ نشأة حركة المقاومة الاسلامية (حماس) وهي تعاني من تبديل الحلفاء، كما لا تملك ثباتاً في العلاقات مع حلفائها سواء بسبب المواقف المتذبذبة أو الأوضاع السياسية المتباينة لهؤلاء الحلفاء سواء كانوا من الداخل أو من الخارج.. سوريا بحاجة لحماس لتكون ورقة سياسية ضاغطة في قادم الأيام خاصة في ما سوف تشهده المنطقة من تغيرات، وحماس بحاجة لسوريا أيضاً، خاصة بعد أن أصبح (الإخوان) اليوم للأسف الشديد في حالة ضعف وتشتت وتراجع في معظم العواصم العربية بعد أن فقدوا شعبيتهم وتعاطف الناس معهم.
مشكلة الكرسي الفرار أنه ولكثرة عدد مرات دورانه في جميع الاتجاهات وبحكم تقلب الاشخاص من حيث الاوزان عليه فإن مسننات المحور العمودي للكرسي ستخرب و(تبوز) وتسقط قاعدته.. صدقوني أن هذه النتيجة حتمية لمثل هذه الكراسي, فقد عانت من ذلك كثير من الاحزاب والحركات والتنظيمات على مستوى الإقليم..
وبعد..
نأمل من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والتي ندعوا الله لها التوفيق.. الاستخدام الجيد للكرسي الفرار, كي يبقى الكيان الإسرائيلي الغاصب يلفظ كلمة حماس بـكلمة (خماس) خوفاً من هذه الحركة وليس طمعاً فيها.