“خواطر في ذكرى انطلاقة التلفزيون الأردني“
منذر محمد الزغول
=
تاريخ نشر المقال/ 30-04-2013
يحتفل التلفزيون الأردني هذه الأيام بالعيد الخامس والأربعين لذكرى انطلاقته في شهر نيسان من العام 1968م حيث جاءت هذه الانطلاقة بعد سنوات من انطلاق بث الإذاعة الأردنية الحبيبة .
آ
في مثل هذا الأيام يستذكر الجميع كيف كانت البدايات المتواضعة جداً للتلفزيون الأردني بشكل خاص والتلفزيونات العربية بشكل عام في ظل الإمكانات المتوفرة في ذلك الزمن .
آ
وعلى كل حال فإن الذكريات تعود بنا إلى تلك الأيام الجميلة التي شهدت انطلاقة تلفزيوننا الحبيب حيث كانت فرحة لا توصف ، وكانت انطلاقة لا أحلى ولا أجمل شهدت بعدها بعدة سنوات انطلاقة مباركة للدراما الأردنية وللأعمال الأردنية المميزة التي غزت جميع التلفزيونات العربية .
آ
أتذكر كما يتذكر الجميع تلك الأيام الجميلة ،حيث كان تواجد التلفزيونات في بيوت القرى والبلدات الأردنية على عدد أصابع اليد الواحدة ، فالمنطقة التي أسكن فيها كان لا يوجد فيها إلا تلفزيون واحد وهو طبعاً أبيض وأسود حيث كان الجيران من حارتنا والحارات المجاورة يتجمعون في هذا البيت كل يوم أثنين على ما أذكر لحضور مسلسل رأس غليص وبعده مسلسل وضحا وابن عجلان وفارس ونجود وغيرها ، وكانت هذه المسلسلات حديث الناس في الشارع والسهرات والتعاليل،وماذا ستكون الأحداث في الحلقات القادمة من هذه المسلسلات التي أصبحت جزءا رئيسيا من حياتنا.
آ
كذلك ينطبق الحال على الفنانين الأردنيين الذي أصبحوا بحق صفحة مشرقة من حياتنا، ما زلنا نتغنى بهم وببطولاتهم في تلك المسلسلات،وكم كنا نشتاق لتلك الحلقة التي يتم الانتصار فيها على دهاء ومكر الفنان الكبير الحبيب زهير النوباني .
آ
وكنا أيضاً نتفاعل مع المسلسلات الأردنية إلى درجة الجنون ولم يكن يساورنا أدنى شك أنها ليست حقيقية ، وكنا نذرف الدموع على كل ضحايا غليص وزهير النوباني وغيرهم من أحبائنا الفنانين الأردنيين والعرب .
آ
كانت المشكلة الحقيقية التي تواجهنا دوماً هي كيفية الحصول على صورة واضحة للتلفزيون الأردني وعدد قليل جداً من التلفزيونات العربية المجاورة حيث كنا نقضي وقتاً طويلاً من الليل ونحن نحرّك شبكة التلفزيون يميناً ويساراً لعل وعسى أن نحصل على صورة جيدة ، وهكذا نقضي الساعات تلو الساعات ونحن على هذا الحال ، والعائلة كلها مشغولة بتحريك شبكة التلفزيون وفي اليوم التالي نعيد الكرة والحارة كلها تكن شاهدة على هذا المسلسل اليومي المتمثل بمحاولة الحصول على صورة جيدة بواسطة هذه الشبكات .
آ
أما أكثر التلفزيونات التي كانت منتشرة في ذلك الوقت وحتى نهاية السبعينيات فكانت تلك التلفزيونات الأشبه بالخزائن في وقتنا الحاضر،فقليل جداً ما تجد تلفزيون ليس له أرجل وليس له أبواب تغلق حين الانتهاء من المشاهدة ، حيث كان التلفزيون أحد الكماليات الرئيسية التي كنا نفتخر بوجودها في منازلنا .
آ
وبدأت تتطور الأمور شيئاً فشيئاً وأصبحت محطات التقوية للبث التلفزيون تنتشر في معظم المحافظات الأردنية وأصبح التلفزيون الملون يغزو قرانا ومدننا الأردنية ، واستمر التطور في التلفزيون الأردني حيث كان التلفزيون وعلى الدوام يواكب التكنولوجيا والتطوّر التقني ،وكان رائداًآ ومتميزاً في الخبرات والكفاءات التي كانت وما زالت سنداً للتلفزيون الأردني و رافداً رئيساً لمعظم التلفزيونات العربية .
آ
في مثل هذه الأيام أيضاً نستذكر بكل الفخر والاعتزاز الرعيل الأول الذي ساهموا في بناء هذه المؤسسة الوطنية بتعبهم وجهدهم وكدهم وكانوا يمضون جل وقتهم داخل أروقة التلفزيون يتابعون كل صغيرة وكبيرة حتى وصلنا إلى كل هذا التطور الذي يشهده التلفزيون الأردني الآن .
آ
فتحية إجلال وتقدير واحترام إلى كل هذه القامات الوطنية التي مهما تكلمنا عنها فلن نعطيها حقها ، فهم وبحق بمثابة الرموز الوطنية التي خدمت الوطن بكل صدق وأمانة وإخلاص ، وهم من جعلوا من تلفزيوننا الأردني الحبيب صفحة مشرقة من حياتنا ومن حياة معظم أبناء أمتنا العربية .
آ
وأخيراً،،،هذا جزء يسير جداً من ذكرياتي مع بدايات التلفزيون، فهناك عشرات القصص والروايات التي ما زالت الذاكرة تحتفظ بها، بداية من أول تلفزيون جاء به الوالد “رحمه الله“ لبيتنا وكيف تم بيعه بقطعة من الأرض لعدم وجود الكهرباء في منزلنا ، وكيف كانت فرحة من اشتروا هذا التلفزيون ، إلى تلك القصص والحكايات التي كنا نتداولها صباح مساء في مجالسنا وتعاليلنا عن الأحداث التي كنا نشاهدها في مسلسلاتنا الأردنية الرائعة .
آ
كل أمنيات التوفيق والنجاح دوماً لتلفزيوننا وإذاعتنا الأردنية الحبيبة وكل القائمين عليهما ، مع خالص الأمنيات أيضاً أن يبقى هذا التلفزيون مؤسسة وطنية أردنية تخدم الوطن و كل أبناء الوطن في الأردن وفي كل أصقاع المعمورة بكل تجرد وحيادية، وتخدم الدراما الأردنية العزيزة جدا على قلوبنا ،،وكلنا أيضا أمل في مستقبل مشرق للوطن تحت ظل قيادتنا الحبيبة وعميدها الملك المفدى حفظه الله .
آ
“والله من وراء القصد من قبل ومن بعد“