دفاتر الطلاب
محامي محمد صدقي الغرايبة
=
الفرحة التي تغمر وجه احمد وهو يتوجه إلى الصف الاول هذا اليوم لن يستطيع كل رؤساء الحكومات على وجه الأرض تفسيرها فهو وان انقطع عن الروضة والبستان الا انه لم ينقطع عن التعلم في المنزل.
ليلة البارحة كان يجرب حفظه للإعداد من واحد إلى ما بعد المئة وكلما قفز عن رقم اشعرني بأنه قد حقق إنجازا أكبر من إنجاز حكوماتنا خلال مرحلة الوباء …
فرحة الطلبة لم تكتمل رغم أنها وفرت على جيوب أهلهم في شهر عسير ولد فيه الراتب مبكرا بعملية قيصرية شاقة لم يستطيع أحد أن يضعه في الخداج ولو لساعات بسبب تراكم الالتزامات التي بدأت بولادة عيد الأضحى المبارك وما تبع ذلك من تبعات والذي خرج منه الكثيرين بجيوب فارغة خاوية أو منهكة على وشك الإفلاس .
دفاتر الطلبة وحقائبهم لدى الكثيرين بقيت كما هي على حالها رغم وجود المنصات المزعومة التي عزف الكثيرين عنها لأسباب مختلفة أهمها القناعة بعدم جدواها رغم أنها ربما تكون الحل الذي يفضل على العدم فالرمد أفضل من العمى بكثير ورغم ذلك كان للامهات الحظ الأوفر في التعاطي مع المنصة والحلول محل الأبنا في إنعاش الذاكرة وحل الواجبات والخضوع للاختبارات.
لم نكن ندرك ذات نهار بأن التعليم في الوطن العربي سيلحق به الغزو التدميري بهذه الشاكلة وسينتهي أجله بطريقة الموت البطئ بجرعات مسمومة وبطريقة ممنهجة حتى أن القلم لم يعد يكتب شعرا كما كان في الأمس حيث طمست هويته وتلاشت كل معتقداته واصبح في منأى عن الإبداع والتفكير الا بما يدور حوله من أزمات مفتعلة بعل البشر.
الفرحة التي رسمت على جهة الطلبة الجدد هذا الصباح ربما تكون فرحة مؤقتة يكبح جماحها قرار صادم ذات غروب على لسان مذيع يقرأ الخبر وعيناه مغرورقتان بالدموع وهو يتذكر ابنا له نام وحقيبة المدرسة تحت راسه بعدما اتخمها كتبا ودافتر واقلام ملونة ومصروف الذي يحلم بأن يستري فيه من مقصف المدرسة وسط زحام التلاميذ دون اكتراث لأي مشقة قد يواجهها.
المدرسة هي أم المعارف وأم العلوم بلا منازع والمعلم هو سيد التعليم وليست منصاتكم المتهالكة الاي لا تسمن ولا تغني من جوع.
محمد الغرايبه ( ابو يمان )