رأي في تعديلات الضمان الإجتماعي
د.عبدالله محمد القضاة
=
بقلم / د.عبدالله محمد القضاه*الأهداف والغايات من التعديلات المقترحة على قانون الضمان الاجتماعي تكمن في تعزيز الحماية الاجتماعية والأمان الاقتصادي للمشتركين وأفراد أسرهم والمتقاعدين، وكذلك ضمان الاستدامة المالية للنظام التأميني بما يمكّنه من أداء رسالته في حماية الأجيال المتعاقبة، هذا ما ذكره مدير عام مؤسسة الضمان الإجتماعي د.حازم رحاحلة في مؤتمره الصحفي حول تعديلات قانون الضمان الإجتماعي، ولا بد من تسليط الضوء على هذه التعديلات بكل موضوعية ومهنية.
بحكم خبرتي الطويلة في العمل بمؤسسة الضمان الإجتماعي، ومنها مديرا لإدارة الدراسات ومديرا لإدارة التخطيط الإستراتيجي ، يمكن القول أن معظم التعديلات التي تضمنها مشروع القانون إيجابية ولكن البعض منها جاء قاسيا على العامل الذي سيشمل مستقبلا في مظلة القانون، وعليه ؛ سأتناول أهم التعديلات الإيجابية لتعزيزها ، وكذلك التعديلات التي أرى عدم ملائمتها لأقترح البديل الذي أرى أنه يحد من سلبياتها المستقبلية على العامل وسوق العمل الوطني. من التعديلات التي تشكل اضافة نوعية على منظومة الحماية الاجتماعية في المملكة تطبيق التأمين الصحي في الربع الأول من العام القادم لتكتمل بذلك منظومة الحماية الإجتماعية التي تضمنها قانون الضمان الإجتماعي، كما أن تعديل زيادة التضخم السنوية لتحسب وفقاً لمتوسط معدّل التضخم ومعدّل النمو بالأجورمما ينتج عن ذلك زيادة أعلى للمتقاعدين، إضافة لشمول صاحب راتب التقاعد المبكر بهذه الزياده؛ مضافا لذلك الآلية الجديدة لتعديل الحد الأدنى للرواتب التقاعدية، الأمر الذي يعني زيادة مستمرة لذوي الرواتب المتدنية ، وهذه تعد فعلا نقلة نوعية في الحماية الإجتماعية. استحداث حساب التكافل الاجتماعي للمساعدة في تغطية نفقات الدراسة الجامعية لأبناء المؤمّن عليهم والمتقاعدين، ولمساعدة من يصل إلى سن التقاعد الذي لم يكمل عدد الاشتراكات المطلوبة مع عدم مقدرته على شراء المدة المتبقية في شراء هذه المدة بمساعدة من المؤسسة، إضافة إلى إعادة النظر في شروط استحقاق الورثة، حيث سيتم توسيع قاعدة المستحقين ورفع القيود عن معظمهم،بحيث سيسمح للأبنة التي كانت متزوجة عند وفاة والدها وطلقت أو ترملت بعد وفاته الحصول على حصة من راتبه بحيث يتم اعادة توزيع الراتب من جديد ومنحها حصتها المستحقة،وسيطبق ذلك على جميع المطلقات والأرامل اللواتي وقع طلاقهن او ترملهن قبل نفاذ القانون وبأثر رجعي، وسيستفيد من هذا التعديل (6449) مستحقة، كما سيطبق التعديل على الأبنة التي توفي أخاها المعيل لها والذي لايوجد له ورثة مستحقون، وهذا أيضا يسجل لإدارة الضمان في التوسع الأفقي لقاعدة المستفيدين من الرواتب التقاعدية.ومن التعديلات الإيجابية التي تضمنها مشروع القانون تخصيص راتب تقاعد الوفاة الطبيعية لورثة المؤمن عليه المستحقين على الرغم من وفاته خارج الخدمة المشمولة بالضمان، وذلك بشرط أن يكون له اشتراكات سابقة بالضمان الاجتماعي لمدة لا تقل عن (96) اشتراكاً فعلياً بدلاً من (120) اشتراكاً كما في القانون الحالي ولم يمضِ على انقطاعه عن الضمان أكثر من (60) شهراً عند حدوث الوفاة،وكذلك اعادة النظر بالانتكاسة المرتبطة باصابات العمل لتصبح ثلاثة سنوات بدلاً من سنة واحدة كما بالقانون الحالي بحيث يحق لهم العلاج وإعادة النظر بنسب العجز، والتوسع في تأمين التعطل للمؤمن عليهم الذين لديهم فترات اشتراك تبلغ (20) سنة فأكثر، حيث سيتاح لهم الحصول على بدل تعطل عن العمل وبما يعادل شهرياً (70%) من أجرهم المشمول لمدة غير محددة وسيستمر صرفه شريطة عدم تجاوز رصيد المشترك المدين في حساب التعطل عن (8%) من مجموع أجوره المشمولة.
بعد إستعراض أهم الإيجابيات التي تضمنها مشروع قانون الضمان الجديد، أستعرض أهم التعديلات التي أرى أنها غير ملائمة ولا تنسجم مع مخرجات الدراسة الإكتوارية الآخيرة التي تضمنت نتائج إيجابية حيث أشارت إلى تحسنٍ في نقطة التعادل بين الإيرادات التأمينية والنفقات من (2034) بالدراسة التاسعة إلى (2039) في الدراسة الجديدة (العاشرة) ونقطة التعادل الثانية التي تمثل التساوي بين الإيرادات الكلية والنفقات الكلية من (2041) إلى (2050). وعليه، فماهو مبرر المؤسسة في رفع سن تقاعد الشيخوخه ل (62) للذكر و(59) للإنثى؟ الأنسب حسب رأيي أن يبقى سن تقاعد الشيخوخة للذكور (60) كما هو الآن وإمكانية رفع سن التقاعد للإناث ليصبح (58) بدلا من سن (55). كما أن التعديلات المقترحة على القانون المرتبطة بالتقاعد المبكر تشمل من خدمته أقل من (7) سنوات أي (84) اشتراكاً في 1/1/2023، حيث سيرفع سن التقاعد المبكر له الى (55) للذكر و(52) للأنثى، وكان الأولى عدم المساس بأوضاع هذه الشريحة والتي تعامل معها القانون الحالي بما يكفي من القيود. الغاء التقاعد المبكر لمن تقل اشتراكاته بحلول 1/1/2026 عن (36) اشتراك وأصبح تقاعدهم على سن الشيخوخة (62) للذكر و (59) للإناث، وهذا أعتقد تعديلا غير ملائما، حيث يمكن إستبداله بسن التقاعد المقترح أعلاه أو منح الحق للمؤمن عليه الذي بلغت إشتراكاته (360) شهرا إحالة نفسه على التقاعد بغض النظر عن سنه؛ أسوة بما هومطبق في معظم دول العالم، ويعامل الراتب وفقا لإحتساب راتب التقاعد المبكر الوارد في القانون الحالي.التعديل الأكثر خطورة “كل مؤمن عليه تقل عدد اشتراكاته عن (120) اشتراكاً في 1/1/2023 سيحتسب له الراتب التقاعدي على أساس متوسط أجوره بكامل خدمته على أن تعدل الأجور السنوية التي تعتمد ضمن المتوسط بواقع معدل التضخم في السنوات اللاحقة لتقاضيه الراتب ” الأمر الذي يعني تخفيض الرواتب التقاعدية المستقبيلية بنسبة لاتقل عن(40%)، وهذا ظلم بحق الأجيال القادمة وتخفيضا لقيمة الراتب التقاعدي، وقد يكون مدعاة للتهرب التأميني، وكان يمكن للمشرع أن يعدل إحتساب الراتب التقاعدي وفقا لمتوسط الأجور في آخر (60- 100) إشتراكا الآخيرة ، وهذا أكثر عدالة للمؤمن عليه وللمؤسسة ويجسد التكافلية المنشودة.
التعديل الآخير الذي سأتعرض له، هو تجزأة تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة، بحيث يجيز لصاحب العمل عدم شمول العامل الذي يقل سنه عن (30) عاما بكامل التأمين، بحيث يشمل بتأمين العجز والوفاة فقط، أعتقد هذا تشويه لمنطق الحماية الإجتماعية، ذلك أن القانون إعتبر الشيخوخة والعجز والوفاة تأمينا واحدا؛ فكيف تم تجزأته بتخفيض الإشتراكات المقررة عليه ، البديل الذي أطرحه لهذا التعديل، أن تعطى لمجلس الإدارة صلاحية تخفيض الحد الأدنى للأجور المشمولة بالضمان لهذ الفئة العمرية ولمن يعمل في المشاريع الصغيرة والريادة، فبهذه الحالة يتم حكما تخفيض الإشتراكات التي يتحملها صاحب العمل مع إستمرارية شمول هذه الفئة بكافة التأمينات، وقد يشكل ذلك حافزا لرواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة على الإلتزام بالشمول بإحكام القانون.
وأختم بموضوعين لم يتطرق لهما التعديل المقترح على القانون، الأول : حوكمة مؤسسة الضمان الإجتماعي ، وهنا أقترح أن يرأس مجلس إدارة المؤسسة رئيسا متفرغا “محافظ”أسوة بالبنك المركزي ويرتبط به مديرا تنفيذيا للتأمينات وآخر للإستثمار ولا يكونا أعضاء بمجلس الإدارة، حيث أن الوضع الحالي يتعارض مع متطلبات الحوكمة الرشيدة لعدم الفصل مابين الرقابة والتنفيذ، أما الثاني؛ وهو الإشتراك المزدوج، فلماذا لايسمح القانون بشمول العامل على مجموع اجوره التي يحصل عليها من عمله، أو حتى مجموع دخله الشهري المتأتي من إجره أو أجوره الشهرية وأي دخل شخصي يحصل عليه ، ليضمن تقاعدا مجزيا في نهاية خدمته، وهذا سيحفز الأردنيين على العمل ويعزز الفلسفة الإنتاجية لديهم.
* امين عام وزارة تطوير القطاع العام ، مدير إدارة التخطيط الإستراتيجي في مؤسسة الضمان سابقا. a.qudah@yahoo.com
شكرا دكتور على التوضيح وملاحظاتك جدا منطقية ومناسبة.
انا لدي استفسار الاردني المغترب والذي عمل بالاردن لمدة ثم ترك البلد لحصوله على فرصة عمل محكوم بالاشتراك الاختياري وبزيادة تصل الى ١٠٪ سنويا ولكن راتبه الذي اشترك عليه بسيط جدا
السوال لماذا لا يسمح للمغترب بان يشترك على راتبه في الخارج او ان يسمح له بزيادة سنوية ١٥-٢٠٪ بدلا من ١٠٪
وشكرا