طاف في الأرجاء


الشاعر الدكتور محمد القصاص

طَافَ في الأرجاءِ غِرَّاً ثمَّ غابـا *** واختفى في جُنحها عمراً وثابا
وجنينا من أمانينا هَوَانَـــــــــــــــــــــــــــــــاً *** وانتشينَا في ثناياها العَذَابــــا
لم أجدْ مَشْرَبَنَا عَذْبا ولكــــــــــنْ *** هو من منبَعِهِ مُهْلاً وَصَابــــــا
فرَضِعْنَا البؤسَ في المَهدِ كأنَّـــا *** قد جنينَاهُ جَزاءً وثَوَابـــــــــــــا
يا أخا الأحزانِ أرفقْ حينَ تَنْـــأى *** بالمآقي طالما رُمْتَ غيابـــــــــــــــا
وتأنَّى حينَ تَلقاني وحاولْ *** أن تداوي الجرحَ في قلبي المصابا
يا أخا الأحْزانِ مَهلا لا تذرني *** بين آلامي صُدوداً وعِقَابَــــا
كنتَ لي بالأمسِ شَمْسَا فَتَــوَارَتْ *** عن مآقيَّ ولم تُلقِ حِجَابَــــــا
منْ ترَبَّي في جحيم البعدِ عُمْـــرَاً *** لا يُبالي أن رأى اليومَ اضْطِرَابـا
يا تُرى تُقْتَ لأيَّامِي الخوالـــــي؟ *** في روابيها ولم تجْفُ هِضابــــا
يا رِفاقي نحنُ عشناها صِغَــارَاً *** ندحض الهمَّ ولم نحسبْ حسابا
بينَ أزهارِ الرُّبى نشدوا الأغاني *** كيف يا ربعي وجدناها سرَابَــــــا
لم نبالِ إن تباعَدْنا ولكـــــــنْ *** كيف عشناها هموما واغترابا
وكبُرْنا يا بني قومي فذقنـــــــــــا *** من مآسيها إذا صارت خرابَــــــــا
وجَهِلْنا بعضَ ما تُخْفِي اللَّيالـــــــي *** في ثنايها وقد ولَّى الشَّبَابــــــــا
نحنُ نسعى للمعالي حيثُ نمضي *** والأماني فلقيناها مُصَابَـــــــا
وفقدنا كلَّ ما نصبو إليـــــــــــهِ *** وأضعناهُ وقد رمنا إيابـــــــــــــــــا
وغدونا في أمَانينا حُطَامَــــــــــاً *** نَتَهاوى والرَّدَى فيها الجَوابــــــــــا
يا إلهي لمَ ضيَّعْتُ شَبابــــي *** لِخَؤونٍ ظلَّ يَرْوِيني ارْتِيَابَــــــــــــــا
فَتَأمَّلْ يا أخا الإيلامِ يَوْمَـــــــا *** تَتَعَافى فيهِ حينا أو تُعابــــــــــا
إنني أروَيْتُكَ من ودِّي لتَرْضَـى *** فلثمناكَ وقد نلنا الرُّضابَــــــــا
وتَذَكَّرْ ما روى الأقرانُ عَنِّــــــي *** عن أمانيَّ وقد كنَّا صِحَابَـا
فلماذا تَتَوارى اليومَ عني *** ثمَّ تُقْصِيني وتوليني اكتئابَــــا
كم قرأناكَ وقد كُنْتَ سُطُــــورَاً *** بل قرأنَاكَ وقد كنت كِتَابَـــــــــــــا

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.