عظيمات شأنهن كبير


عبد الله العسولي

=

ترددت كثيرا حول الكتابة في هذا الموضوع ولكن فكرته بقيت رابضة أمام ناظري تحثني على إعطاء هذا الموضوع حقه
أعجب كثيرا لمدى صبر هؤلاء العظيمات وهن يمضين جل وقتهن في مصنع الطعام
( المطبخ )وهن يتنقلن من ركن إلى ركن ومن زاوية إلى زاوية ,ينسين أنفسهن وهن يحضّرن الطعام يتفنّن في صناعة ما لذ وطاب لُترضي زوجاً أو أبناء يمضون وقت راحتهم يتشقلبون على سرير نوم يتقلبون يمنة ويسرة يفتحون عينا ويغمضون الأخرى بانتظار أن يجهز الغداء او العشاء ليبدأو بالتسلل الى المطبخ و بالانتقاد لماذا لا يوجد كذا ولماذا الشوربة مالحة ولماذا ولماذا وسروال بيجامتهم واصلٌ الى ابط احدهم
…وتبدأ ربة البيت بالإجابة معللة انتقادات الجميع لتبرر لهم جميل صنعها وترد على انتقاداتهم بإبتسامتها المعهودة وصبرها المتجدد.
أعجب من هذه الإنسانة التي تمضي يومها من الدوام إلى المطبخ وهي تتشرب من وهج فرن حامي وتلطع يداها سخونة صينية الطعام وتمسك جدار الفرن اللاهب لترى على يديها بقع دم واحمرار جلد وجرح سكين تحسبها وقد خرجت من جلسة تعذيب في سجن ليس فيه رحمة.
غريبٌ صبر هذه الإنسانة فهي الموظفة و مدبرة المطبخ وهي الزوجة التي تحرص على رضى زوجها وهي الأم التي تسهر على راحة طفلها المريض طوال الليل ووالدة صبي ينتظرها لتعّلمه الدروس المدرسية التي اخذها ذلك اليوم، وترتب وتكنس وتمسح منزلها وهي صائمة تنتظر دقائق لتقضيها على عجل في عبادة ربها وتقرأ ما تيسر من بعض آي الذكر الحكيم.
اليست هذه الصابرة المحتسبة الإنسانة اللطيفة صاحبة القلب الغض الذي لا يقبل الانكسار والتي تقف على رجليها المتعبتين طوال نهار وتسهر على راحة الأبناء والزوج طيلة ليل ..أليست هي من تستحق الاحترام والتقدير
أليست هي من تُضفي على المنزل البسمة وتلبسه أحلى الحلل وتبقى ساعات طويلة بدون ملل أو كلل لا هم لها إلا إعطاء زوجها وأبنائها شحنات من الود والمحبة والابتسامة يتلذذون بما لذ وطاب من طعام… امضت يومها كله بين كرع صحون وخرخشة معالق وسكاكين وطناجر تنفث ابخرتها في وجهها المحمر من سخونة المطبخ الذي تتعالى درجة حرارته كلما زادت حرارة الجو.
انها هي الإنسانة العظيمة عظمة الكبار وعظمة القادة وعظمة المفكرون …هي المديرة والمعلمة والمراسلة، صاحبة مجد ورفعة تعمل بسكوت لترى نظرات رضا من حولها.
هي الرقم الصعب الذي لا يُكسر مهما جنح عليها ظلمات التقدير ..فلمثلها تعّلق النياشين ولمثلها تسّلم الأوسمة والجوائز ولمثلها تُطأطأ الرؤوس.
حفظ الله هذه القامة العائمة على شواطئ المطبخ و في كل أركان البيت وأبقاها البلسم الشافي لكل أهلها ولتكن قيمتها كما أرادها الرسول الأعظم (صلى الله عليه وسلم )الصاحبة المميزة ذات الخلق والدين فلها ولمثلها كل الامنيات بأن تبقى شجرة وارفة الظلال تحتضن تحتها عائلتها التي دللتها وارادت لها راحة وهناء.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.