عندما مسخت صورة اسرائيل على هيئة كلب مسعور


مهدي مبارك عبدالله

=

بداية ينبغي ان نذكر بان المجتمع اليهودي الصهيوني قائم على مبدأ القتل العمد وفكرة الانتقام والثأر وان اجرام وارهاب الاحتلال الإسرائيلي ومظاهر العنصرية الفجة التي نعيشها ليست وليدة اليوم أو الأمس بل هي عقائد روحية وافكار ايدولوجية وممارسات سلوكية وتوجيهات تربوية متجذرة في العقل الصهيوني الذي تفوق على دموية الفاشيين والنازيين بدلالة السلسلة الطويلة من المذابح الوحشية المروعة التي نفذها الجيش ( اللاأخلاقي القذر ) والعصابات الصهيونية المجرمة بحق الشعب الفلسطيني على مدار اكثر من سبعين عام من الاحتلال والعدوان

الفيديو المصور الذي نشرته قناة الجزيرة الفضائية نهاية الشهر الماضي وتضمن عدة مقاطع مسربة حصلت عليها من كاميرا تم تركيبها من قبل الاحتلال الإسرائيلي على كلب بوليسي مدرب كان مرافق لقوة للاحتلال تظهر لحظة مهاجمته لمرأة فلسطينية مسنة والاعتداء عليها لوقت طويل بعد رفضها ترك بيتها عنوة في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة والتي شكلت تجسيدا حيا لمشهد إرهابي مروع لا يمكن تصوره واثبت للعالم أجمع حقيقة الوجه القبيح لإرهاب ونازية قوات الاحتلال التي تنم عن همجية وسوقية ضاربة في أعماق المجتمع الصهيوني وفي جيناته الوراثية والذي تحول إلى نهج وسلوك وعقيدة حياتية تُمارس وتتجلى بأبشع صورها ومظاهرها في التعاطي اليومي مع ابناء الشعب الفلسطيني بارتكاب أبشع الجرائم في قطاع غزة والضفة الغربية بشكل مدروس ومنظم

الغريب في الامر ان المرأة المسنة الحاجة دولت عبد الله الطناني 67 عام مريضة ومنهكة وضعيفة البنية الجسمانية ولا تقوى على المسير ولا تحتمل حياة التهجير والرحيل التي غالبا ما تكون تحت القصف الشديد والرصاص الكثيف ناهيك عن الجوع والقهر والخوف الذي فاقم معاناتها لهذا لم تبرح بيتها طيلة ايام العدوان على غزة وقد كانت نائمة في فراشها عندما نشب الكلب المسعور انيابه في جسدها النحيل وحاول جرها واخراجها من غرفتها التي تفتقد ابسط مقومات الحياة ولم تكن حينها تحمل ( بندقية أو قنبلة ) ولم تشكل أي تهديد لقوات الاحتلال الغازية وما جرى لها يعكس حقيقية الهمجية والقذارة والسلوك الاجرامي لدى جنود الاحتلال الإسرائيلي الذين يحظون عمليا بتأييد كافة المستويات السياسية والعسكرية والامنية والمدنية وبمباركة الحاخامات الصهاينة في ممارسة الإبدة الجماعية الأشد بشاعة ووحشية في هذا العصر ضد الشعب الفلسطيني وارتكابهم مزيد من الجرائم والانتهاكات في ظل تخاذل عربي وتآمر عالمي مشين

صور المسنّة الفلسطينية وهي تقاوم الكلب الشرس بيديها وتصرخ وتستغيث بعدما هاجمها بوحشية وروعها وإصابتها بنزيف وكسور في يدها اليسرى تشكل واحدة من ابشع صور الجرائم الارهابية اليومية التي يرتكبها الإسرائيليون بحق ابناء الشعب الفلسطيني الاعزل تضاف الى المشاهد المروعة وصور الأطفال وموتهم تجويعاً وسرقة جنود الاحتلال الأموال والمجوهرات من المنازل والمصارف والعبث فيها ونبش المقابر والاستيلاء على الجثامين ونقلها إلى الكيان المحتل والتعنت في إيصال المساعدات و نقل الجرحى ورفض التوصل إلى هدنة إنسانية تقود لوقف إطلاق النار وتحرير الاسرى من سجون القهر العذاب

بالإضافة الى انتزاع الجنود الغزاة المجرمون لأعضاء المعتقلين والشهداء وتدمير المستشفيات واستهداف عربات الاسعاف والمساجد والمدارس والجامعات والكنائس وملاحقة الاطباء وأساتذة الجامعات واعتقالهم واغتيالهم وتدمير المواقع والمعالم الأثرية التاريخية العريقة, والتفنن في تعذيب المعتقلين وتركهم بلا علاج أو دواء وقتلهم داخل المعتقلات وإذلالهم بتجريدهم من ملابسهم ومنع أهالي الشهداء من إقامة بيوت العزاء وسرقة قطعان المستوطنين لمواشي الفلسطينيين واقتلاع أشجارهم وحرق مزارعهم ومهاجمة البلدات والقرى الفلسطينية بحماية جيش الاحتلال وصولاً إلى إطلاق كلب إسرائيلي مسعور على مسنة فلسطينية لا حول لها ولا قوة ما يؤكد أننا أمام دولة مُجرمة ومخطط احتلالي ومؤامرة صهيو – امريكية للقتل والتدمير والإبادة الجماعية

ربما يقول احدنا بان اعتداء الكلب الإسرائيلي على المسنة دولت الطناني لم يكن أبشع مما حصل في مجريات هذه الحرب الوحشية من قتل للصغار والكبار وهم نيام في أسرتهم والنازحين في مراكز ايوائهم وفي الخيام والرضع في الحاضنات والمرضى والجرحى في المشافي ودفن الناس أحياءً وإبادتهم أفراداً وجماعات وشطب عائلات بأكملها من سجلات الحياة وحرمان الأطفال من المأكل والمشرب والامن والأمان وكسر قلوب الآباء والأمهات على أبنائهم والأبناء على آبائهم وأمهاتهم وأخوتهم وأصحابهم لهو أبشع وأقسى بكثير مما حدث لهذه المواطنة الطاعنة في السن وهذا بالطبع كلام صحيح لكن هذه الحادثة لها ابعادها ودلالاتها في هذا التوقيت الحساس ويجب استثمارها جيدا لكشف وفضح الممارسات الصهيونية الاجرامية النازية التي تستهدف الطفل الرضيع والمرأة المسنة العاجزة دون تمييز او تفريق

الجميع يعلم بان فظائع الاحتلال في غزة طالت كل شيء والجنود الصهاينة لم يوفروا جريمة قد تخطر في بال لم يقترفونها بحق النساء والأطفال والشيوخ والشبان وهم يتفننون بالتنكيل بالمدنيين الفلسطينيين ويمارسون كل أشكال الوحشية المجانية ضدهم ويتفاخرون أمام العالم بذلك وهو ما يعكس ضعفهم الداخلي ومعاناتهم النفسية وهم يعيشون داخل دائرة مفتوحة من القلق والرعب المستمرين ما أفقدهم القدرة على المواجهة الشجاعة مع المقاومة لهذا يندفعون بقوة نحو التنكيل والتعذيب والاستقواء على الابرياء العزل في محاولة مكشوفة للتغطية على مشاعر الدونية والاحتقار الذاتي التي تسيطر عليهم والتي ظهرت مؤخرا بإطلاقهم كلب الحقد الصهيوني على السيدة المسنّة واستخدامهم مواطن جريح كدرع بشري لحمايتهم

جيش الاحتلال الصهيوني منذ نشأته شكل برمته قطيع من الكلاب المسعورة الضالة وقد استعان منذ وقت طويل بكلابه البوليسية المدربة بالانقضاض على الفلسطينيين لترويعهم في الضفة الغربية قبل أن يكون هناك طوفان الاقصى والعدوان على غزة حيث كانت كلابهم المسعورة تنقض على الرجال والنساء والأطفال وتنهشهم وتدمي أجسادهم من دون أي ذنب كما استعملت اسرائيل بالكلاب المسعورة لقمع المظاهرات السلمية وتم تدريبها جيدا على ترويع المعتقلين والسجناء وممارسة الافعال الغير اخلاقية معهم على غرار ما فعل الامريكيون في سجن ابو غريب بالعراق وكل ذلك يحدث على مسمع ومرأى المؤسسات الإنسانية والحقوقية الدولية التي لم تعطي اي اهتمام لتلك الممارسات الوحشية القذرة في السابق والحاضر

قائمة الارهاب الاسرائيلية واستعمال الكلاب المسعورة لترويع وايذاء الفلسطينيين طويلة جدا نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما جرى مع كل من المواطنة يسرا ربايعة من قرية العبيدية شرق بيت لحم عندما هاجمها أحد كلاب المحتلين في آذار 2007 وقام بنهشها على مرأى من الجنود والطفل محمد فضل عبد الرحمن قاسم 12 عاماً من مخيم جنين نهش كلبهم لحمه الغض في كنون الأول 2005 وأكرم جمال من قرية الطبقة جنوب الخليل في شباط 2012 ومالك معلّا من حي أم الشرايط في البيرة والحاج سالم من طمون الذي هاجمه كلب ضخم بشراسة وهو على سريره وقام بقضم أذنه ويده وسحبه أرضاً أكثر من نصف ساعة فيما الجنود ظلوا يرقبون المشهد دون أن يحركوا ساكنا والشاب حمزة ارشيد أثناء اعتقاله من قرية صير قرب جنين في شباط 2024 والطفل إبراهيم جمال حشاش ٣ أعوام في مخيم بلاطة روّعه ونهش لحمه الطري أحد كلابهم المتوحشة في شباط 2024 وقائمة العار التي تطال اخلاقيات جيش الاحتلال الأكثر أخلاقاً في العالم تطول وهو ماضٍ في ممارسته الإجرامية ودولة إسرائيل التي قامت على أنقاض الشعب الفلسطيني لا تزال تتمتع بالحصانة حتى بعدما أدرك العالم حقيقتها البشعة وزيف سرديتها المزيفة

ما حصل للمسنة دولت لم تكن الحادثة الوحيدة التي تحصل في هذه الحرب الهمجية ولن تكون الأخيرة وكم من مواطنٍ غزي نهشته كلابهم المسعورة وظل وجعه وخوفه حبيس اعماقه لأنه لم يتسرب أي تسجيل لما حدث له ولا ريب ان هنالك حوادث تضاهيها او تزيد عنها

امام هذه السلسلة الطويلة من الاجرام والهمجية الصهيونية ستبقى إرادة البقاء عند الشعب الفلسطيني المقاوم عموما وعند اهالي غزة الصابرة والصامدة خصوصا في دفاعها المستميت عن حقوق الشعب الفلسطيني ووجوده وكرامته أكبر من كل أسلحة الموت والدمار والعنصرية رغم تعاظم مشاهد وصور الإجرام الفاشي الإسرائيلي الذي جعل القطاع خرابًا لا يصلح للحياة وواصل القتل المتعمد والابادة الجماعية حيث بلغ عدد الشهداء إلى قرابة أربعين ألف فضلا عن معاناة لا مثيل لها للنساء والأطفال والمرضى التي تنفذ بأشد آلات القتل وحشية وبدعم غربي شديد الوقاحة والتبجح تقوده الولايات المتحدة ومعها العديد من الدول التي تشبهها في إرثها الاستعماري والتي لم تتوقف عن المتاجرة بشعارات الحضارة والإنسانية

اخيرا نتسأل بموضوعية وبمنطق الحق والعدالة ماذا لو كانت هذه السيدة المسنة التي نهشها الكلب ( اسرائيلية ) هل كان المجتمع الدولي المتخم بمبادئ حقوق الانسان الجوفاء سيمر عليها مرور اللئام كما فعل بعدما عجز عن سماع صراخ غزة وهي تستغيث وأبناؤها يُقتلون وبنيتها التحتية ومبانيها تدمر لهذا نكرر انه على الانظمة العربية المتواطئة مع العدوان ودول العالم المنحازة الى جانب الاحتلال أن تعي أنها شريكة في القتل وسفك الدماء البريئة واستمرار العدوان الظالم ( شراكة مباشرة وليس بالصمت العاجز ) فقط

كاتب وباحث متخصص في العلوم السياسية
mahdimubarak@gmail.com

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.