في الهُوية الأردنية ثانية
د. عزت جرادات
=
*عودة إلى الهُوية ذلك الركن الأساسي في بناء المجتمع وتماسكهَ وتوحّده وصهره في بوتقة واحدة لاخلاف في أن الهُوية الوطنية عامل فعّال في تحقيق الأستقرار المجتمعي، فهي توحّد جميع فئات المجتمع المختلفة في الدين أو العِرق أو اللغة بمظلة تشريعية راسخة منبثقة من العقد الأجتماعي- الدستور- حامي الهُوية الوطنية.
*وثمة عوامل أخرى لحماية الهُوية الوطنية؛ حيث يبرز الأنتماء الوطني متمثلا بالمشاركة الفاعلة في شؤون المجتمع والإسهام في تقدمّه ونمائه، والحفاظ على المنجزات الوطنية والبناء عليها، والأعتزاز بالثقافة المشتركة الواحدة بوعي فكري وسلوك إجتماعي، ولا تتناقض الثقافة المشتركة مع وجود الثقافات الفرعية في المجتمع لمختلف فئاته، فالثقافات الفرعية تمثل عنصراً من عناصر الروابط الأجتماعية، تضامنياً وتعاونياً، في جوانب الخير الأيجابية في المجتمع، ولم تحملْ أي مضمون سياسي.
*فالهُوية الوطنية نرتبط بالوطن وبالأنتماء إليه، وتأتي مجرّدة من أي صفة غير الوطن، فلا يقال في أرقى المجتمعات الديموقراطية، على سبيل المثال، إن هوية المجتمع هي هُوية ديموقراطية أو هوية حضارية بل هي هي هوية الوطن.
* عدتُ ثانية لهذا الموضوع بدافع ما يكتب حول الهوّية الأردنية الجامعة، وتعددتْ الآراء والتفاسير لهذا المصطلح الذي ورد في ديباجة تقرير لجنة التحديث، فكاد ينطبق عليها قول المتنبي:
أنام ملْ العين عن شواردها ويسهر الخلْق جرّاها ويختصم
مع الفارق الوحيد، أن لا خصام بل حوار مجتمعي.
*فثمة من اعتبرّ المصطلح- الهوية الجامعة- بأنه درع وقائي لتحصين المجتمع في مواجهة تحديات التطرّف أو الأنقسام أو التطبيع، وهناك من اعتبره غطاءاً لما سيحدث في المستقبل، توطيناً أو تطبيعاً أو طمساً للهوية الوطنية الأردنية!.
*لقد أوضح الطرفان أن الهوية الوطنية ترتبط بما ورد في الدستور الأردني:
« الأردنيون أمام القانون سواء، لا تمييز بينهم وإن اختلفوا في العِرق أو اللغة أو الدين».
كما يحددها القانون… بالرقم الوطني… فالتقى الطرفان عند هذين العنصريْن… وإذا ما اعتبر ذلك هو القول الفصل، دستورياً وقانونياً، فلم تعد الحاجة قائمة لمصطلح جديد لوصف الهوية الوطنية الأردنية، بل أن أي صفة تضاف للهُوية إنما هي تشوية لها، حسب رأي (الفلسوف والمفكر الأمريكي في كتابه: من نحن)، لينتهي بالقول أن هُويتنا –أننا أمريكيون- دونما أي صفة إضافية، ديموقراطية أم ليبرالية…
*وربما يعتبر الخروج الآمن من هذا الخلاف هو إسقاط (الهوية الجامعة) وحماية (الهوية الوطنية الأردنية) – كما نصّ عليها الدستور الأردني، فالمواطنون مرتاحون لهُويتهم الوطنية الأردنية، ولا يحتاجون لمشكلات أمنية في المطارات العربية والدولية إذا ما عبئوا خانة الجنسية بعبارة (أردنية جامعة).