في يوم الأسير الفلسطيني الموت مقابل الحرية
مهدي مبارك عبدالله
–
بقلم / مهدي مبارك عبد الله
يحيي الفلسطينيون في داخل الوطن المحتل والشتات يوم الأسير الفلسطيني في
17 نيسان من كل عام بعد اعتمد هذا اليوم من قبل المجلس الوطني الفلسطيني
عام 1974 واعتباره يومًا وطنيًh للوفاء لدماء وتضحيات الشهداء الاسرى
ومعاناة المعتقلين وذويهم والذي ينبغي فيه ان نشحذ الهمم ونوحد الجهود
ونكثف المساندة والنضال من أجل خلاصهم وحريتهم لتبقى حياة ومسيرة الاسرى
الفلسطينيين ( حية وخالدة في الذاكرة الفلسطينية ) بكافة الوسائل
والأشكال ولنذكر العالم أجمع بقضيتهم العادلة وما يتعرضون له بشكل يومي
من أبشع صنوف العذاب والانتهاكات والتجاوزات في السجون الإسرائيلية
المستبدة والتي فاقت كافة التوقعات والأعراف والمواثيق الدولية
والإنسانية وفي مقدمتها ( القانون الإنساني الدولي واتفاقية جنيف الرابعة
ومبادئ حقوق الإنسان والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية )
وقد اقرت القمة العربية العشرين في عام 2008 المنعقدة في العاصمة السورية
دمشق اعتماد هذا اليوم من كل عام للاحتفاء به في الدول العربية كافة
تضامنا مع الأسرى الفلسطينيين والعرب في المعتقلات الإسرائيلية
يوم الأسير الفلسطيني هوضمير الشعب الفلسطيني والعربي واحرار العالم وهو
لحظة الوفاء للأبطال الذين شكلوا وما زالوا خط المواجهة الأول وعنوان
التحدي والمقاومة لعسف وظلم وقهر الجلاد وهم يوصلون معارك الصمود
والإرادات بالأجساد المتعبة والأمعاء الخاوية ويحققون الإنجازات تلو
الأخرى بعدما حولوا سجون لاحتلال إلى مدارس ثورية ( للفكر والتنظيم
والوطنية والتعليم والرجولة ) واجتراح أساليب المقاومة والصمود
مع حلول هذه ذكرى نؤكد من جديد بانه يستوجب تنظيم خطوات إسنادية أكبر
للأسرى ترتقي إلى مستوى معاناتهم وتضحياتهم وان تبقى قضيتهم محل ( إجماع
وطني شامل ) بعيدة عن أية تجاذبات سياسية او استخدامات سلبية في أية
نعرات فئوية أو حزبية ضيقة والتمسك المطلق بحق الأسير المسجون والأسير
المحرر وذويهم في العلاج والراتب والتأمين الصحي كحق مكتسب لا يخضع لأي
ابتزاز او مساومة او الغاء فهو ليس ( مِنة من أي أحد ) واعتبار مهمة
تحرير جميع الأسرى من سجون الاحتلال أمانة في أعناق السلطة والمقاومة
ويجب بذل كل الجهود من أجل تحريرهم
واقع الاسرى المؤلم يتطلب بشكل عاجل تدويل قضيتهم ونقلها إلى المجتمع
الدولي الصامت على جرائم الاحتلال وتحويلها إلى قضية ( رأي عام عالمي )
للضغط على الاحتلال الإسرائيلي والتصدي لممارساته اللاإنسانية بحق الأسرى
الفلسطينيين وإلزامه على احترام الاتفاقيات الدولية التي تكفل للمعتقلين
التمتع بحقوقهم والتركيز على معاناة كبار السن والمرضى والأطفال والنساء
في الوقت الذي يواجه فيه الأسرى والمعتقلون الفلسطينيون تهديدًا إضافيًا
بانتشار فيروس كورونا في السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية ورغم عدم
توفير الرعاية الصحية المطلوبة تستمر عمليات الاعتقال التعسفي الجماعي
والانتهاك الممنهج لحقوق الفلسطينيين والهجوم المتواصل على مخصصات
ورواتب الأسرى وذوي الشهداء والجرحى وحجزها واقتطاعها ومتع صرفها ناهيك
عن تكثيف التعذيب الجسدي والنفسي أثناء التحقيقات والتوسع في اجراءات
العزل الانفرادي والحرمان من الزيارات وهوما يؤثّر سلبا على صحتهم
وسلامتهم العقلية مثلما حصل مؤخر مع الأسير المحرر( منصور الشحاتيت )
مأساة الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال في كل يوم تزداد وتتفاقم وهم
يعيشون في ظروف احتجاز قاسية وانتهاكات صارخة للقوانين والاعراف الدولية
من أبرزها إساءة المعاملة والاحتجاز في ظل ظروف غير إنسانية والتعذيب
النفسي والجسدي والحرمان من حق الزيارة من قبل ذويهم وأهاليهم بذريعة
الحرمان الأمني والاعتقال الإداري دون محاكمة والعزل القصري الانفرادي
الذي يمتد أحيانا لسنوات عدة وعدم توفير العناية الطبية الملائمة واقتحام
غرفهم على أيدي وحدات قمع خاصة برفقة الكلاب البوليسية ورشهم بالغاز
والتفتيش العاري واكتظاظ الزنازين ونقص التهوية وصعوبة الوصول إلى
المستلزمات الصحية ومواد التعقيم وسوء التغذية إضافة إلى لجوء دولة
الاحتلال إلى شرعنة ممارساتها ضدهم بإصدار سلسلة من القوانين العنصرية
وفي مقدمتها قانون إعدام الأسرى البغيض
هذه الظروف الصعبة في السجون الإسرائيلية اوجدت بيئة خصبة وخطيرة لانتشار
وباء كورونا خاصة وأن هناك مئات المعتقلين والمعتقلات حاليا مصابين
بأمراض مزمنة ولا يتلقون العلاج ويعانون من إهمال طبي ( موت بطئ ) ممنهج
باعتقال الفلسطينيين في الضفة الغربية بما فيها شرقي القدس ووضعهم على
الفور في الحجر الصحي بالإضافة إلى الانتهاكات الواسعة والمستمرة لحقوق
الفلسطينيين
لا تزال سلطات الاحتلال تواصل اعتقال نحو 6000 أسير فلسطيني منهم قرابة
140 طفل إلى جانب 41 سيدة يتوزعون على سجون عوفر ومجدو والدامون ومن بين
الأسرى 543 أسيراً حُكموا بالسجن المؤبد كذلك يقبع في سجون الاحتلال نحو
550 أسيراً مريضاً و440 أسيراً وفق الاعتقال الإداري بلا محاكمة أو تهمة
وقد استشهد منذ عام 1967 في داخل سجون الاحتلال 226 أسيراً في حين ما زال
الاحتلال يحتجز سبعة جثامين أسرى شهداء في مقابر الارقام أقدمهم ( أنيس
دولة ) منذ عام1980 وهنالك 51 أسيراً فلسطيني منذ أكثرمن 28 عاماً بينهم
14 أسيراً أمضوا ما يزيد عن 30 عاماً خلف القضبان بشكل متواصل أقدمهم
الأسير( كريم يونس )
كما لا زالت سلطت الاحتلال تعتقل 6 نواب سابقين في المجلس التشريعي
الفلسطيني وهم مروان البرغوثي (حركة فتح) وأحمد سعدات (جبهة شعبية)
وخالدة جرار (جبهة شعبية) ومحمد جمال النتشة وحسن يوسف محمد أبو طير
(حركة حماس)
في مطلع آذار 2020 أوقفت مصلحة السجون الإسرائيلية كافة الزيارات
العائلية والقانونية للأسرى والأسيرات كإجراء احترازي من انتشار كوفيد –
19 كما وأرجأت كافة إجراءات المحاكمة في المحاكم العسكرية وتوقفت عن
تقديم المعتقلين الذين يقبعون في مراكز الاحتجاز والتحقيق للمحاكمة الأمر
الذي يزيد من انتهاك إسرائيل لحقوق الفلسطينيين في الحرية والأمن الشخصي
وفي الحصول على محاكمة عادلة وسريعة علاوة على ذلك منعت الأسرى والأسيرات
من الاجتماع بممثليهم القانونيين ومحاميهم حيث سمحت بتواصلهم تليفونيًا
فقط بما مما منع أكثر الوقوف على أوضاعهم الصحية وأوضاع السجون بشكل دقيق
لقد كان احياء هذا اليوم التاريخي في هذا العام من أمام ركام منزل والدة
الأسرى والشهداء لطيفة أبو حميد ( والدة خمسة أسرى محكومين مؤبد ) في
مخيم الأمعري بالضفة الغربية المحتلة والذي هدمته القوات الاسرائيلية عام
2019 بسبب اتهام أحد ابنائها بقتل جندي إسرائيلي كان فيه رمزية كبيرة
وجبر خاطر عظيم وتأكيد ثابت على الوفاء للحركة الفلسطينية الأسيرة
واستمرار المسيرة على نهج هؤلاء الأسرى الابطال مهما كلف الامر من تضحيات
كما ان اقامة الفعليات الرسمية اليوم من أمام ضريح الرئيس الفلسطيني
الراحل ياسر عرفات لإيقاد شعلة الحرية سوف تكون للمرة الأولى هذا العام
في ظل غياب أول أسير للثورة الفلسطينية ( محمود بكر حجازي ) الذي توفي
الشهر الماضي فهو الذي كان يوقد الشعلة في كل عام وقد ارتبط يوم الأسير
باسمه كون تاريخه استوحي من يوم اعتقاله
المطلوب من كافة الجهات الرسمية الفلسطينية والمؤسسات الحقوقية
والإنسانية والقانوني الاحتفال بهذا اليوم التاريخي تحت عنوان ( اليوم
الدولي للملاحقة القانونية لمجرمي الحرب الإسرائيليين ) الذين يرتكبون
الجرائم الموثقة بحق الأسرى والتي من الممكن محاكمتهم بناءً عليها اضافة
الى السعي الى تفعيل تلك الملاحقة خصوصاً بعد قرار ولاية محكمة الجنايات
الدولية على فلسطين فضلا عن تعزيز المكانة السياسية والقانونية والنضالية
للأسرى على المستوى الدولي ومواجهة ودحر اكاذيب الاحتلال أمام المجتمع
الدولي بأنّ الأسرى إرهابيون لا حقوق لهم ولذلك يواصل الاحتلال سياسة
الإهمال الطبي واحتجاز جثامين الشهداء والتعذيب والتنكيل بحقهم
في هذا اليوم نكرر نداء الحرية لجميع الأسرى والإفراج عنهم بشكل فوري حسب
القوانين الدولية وقت الحروب والأوبئة وخاصة كبار السن والأطفال
والأسيرات والأسرى المرضى واعتبار قضيتهم سياسية تنطبق عليها القوانين
وقواعد المعاهدات والاتفاقات الدولية
وفي الختام نتوجه بتحية اجلال واكبار وتعظيم إلى الأسيرات والأسرى تلك
الهامات الوطنية الشامخة في معتقلات وسجون الاحتلال التعسفية والتقدير
الجليل لذويهم واهاليهم على صبرهم وثباتهم ولا بد لليل ان ينجلي ولا بد
للقيد ان ينكسر عاجلا ام اجلا والله غالب على امره ولو كره الكافرون
mahdimubarak@gmail.com