ما بين الرصاص والدم سقط ترامب مرشحا ووقف رئيسا !!!


مهدي مبارك عبدالله

يداية ارجو ان انوه حتى لا يكون هنالك أي غموض او سوء فهم انني لست من محبي ولا من انصار ولا من المعجبين الرئيس الارعنن دونالد ارامب ولا ارجو له الخير واعتبره سفاح خطير ومجرم كبير بحق الامتين العربية والاسلامية وقضاياها العادلة وفي مقدمتها فلسطين المحتلة كما انه عدو همجي للإنسانية والبشرية وهو لا يختلف عن بايدين في شيء ةفي كلاعما سوء عظيم وما اكتبه هو مجرد محاولة متواضعة لقراءة الاحداث والمشهد وتحليلها بموضوعية علمية وحيادية موضوعية وليس أكثر

محاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب خلال آخر تجمع للحزب الجمهوري قبل مؤتمر تسميته بشكل رسمي مرشحاً للرئاسة في انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني القادم لا شك انها هزّت العالم بأسره حيث جاءت في وقت حرج للغاية بالنسبة لأمريكا تحدبدا وعلى بُعد عدة أيام من انعقاد المؤتمر العام للحزب الجمهوري و في ذروة حملة انتخابية يشوبها التوتر والخطاب التحريضي الحاد بين الرئيس الحالي الديمقراطي جو بايدن الذي يسعى لإعادة انتخابه لولاية ثانية رغم ان مناظرته الكارثية الأخيرة أثرت بشكل كبير في حملته وطرحت تساؤلات محورية حول قدرته على مواصلة السباق ضد خصمه القوي ترامب كما كشفت الحديث عن البديل المحتمل لبايدن سواء كانت نائبته كامالا هاريس أو أي شخصية أخرى يبدأ من الصفر

بالعود فليلا الى حادثة الاغتيال تجد انه بينما كان ترامب قد بدأ لتوه بإلقاء خطابه في تجمع انتخابي في ولاية بنسيلفانيا ورأسه مائلاً إلى اليمين تحت سماء صافية وفي درجة حرارة مرتفعة سُمع دوي إطلاق النار فجأة وبعد مرور 6 دقائق فقط انهالت الطلقات النارية علبه فأمسك على الفور بأذنه اليمنى التي اصيبت بخدش بسيط ونظر إلى الدم على يديه وسقط على الأرض خلف المنصة وسط صراخ المحتشدين ثم انحنى الواقفون خلفه من هول المفاجأة إلى أن سارع 6 ضباط من عناصر الخدمة السرية المسؤولين عن أمن الرؤساء والرؤساء السابقين والتفوا حول ترامب المصاب الذي كان يجلس على ركبتيه خلف المنصة

في الأثناء انطلق وابل ثاني من الطلقات النارية وبعد الاجهاز على منفذ العملية ( توماس ماثيو كروكس ) 20 عام صمم ترامب على الوقوف وهو يلوح بقبضة يده على وقع تصفيق المحتشدين والمؤيدين الرافعين لصوره حيث يدى وكأنه بطل قوي وشجاع يرفض الاستسلام ابدا وهو يصرخ بكثير من الأعصاب الباردة والشجاعة ( قاتلوا قاتلوا ) وكما هو معلوم الرصاصة الأولى مرت بالقرب من أذنه وكادت تقتله والثانية أصابت سترته الواقية وقد قتل أحد الحاضرين في التجمع كما أصيب اثنان آخران وهناك من شككوا بدور جهاز الخدمة السرية في الواقعة فيما ظلت نظريات المؤامرة في إطار الاستغلال الداخلي ويبقى السؤال حول مدى انعكاس هذا الاعتداء على مسار الانتخابات الرئاسية الأمريكية المنتظرة وعما إذا كانت ستصب في مصلحة الرئيس السابق ترامب وتزيد من فرصه وحظوظه في الفوز وتختصر عليه الطريق الطويل وتساهم في انتشار تيار ( الترامبية الجديدة ) القائمم على تطهير ما يسمى بالدولة العميقة وهي رؤية متطرفة تلقى ترحيبا من قبل الكثير من الامريكيين

يبدو لنا واضحا ان مسار العنف السياسي سيصبح صبغة عامة في المجتمع الامريكي ومن اسهل السبل المعتمدة سلوكيا وان شبح الحرب الاهلية يحوم من بعيد اكثر من اي وقت مضى ويمكن اعتبار محاولة الاغتيال بانها أحد أعراض النظام الأميركي المضطرب وان توقيت انطلاق هذا العنف السياسي يحمل في طياته تأثيرات وتداعيات مختلفة ورغم ان ما حدث قد يكون متوقعًا في ضوء التوتر المتزايد خلال العملية الانتخابية الا انه لم يكن أحد يتوقع أن تتصاعد الأمور في الولايات المتحدة إلى حد عمليات الاغتيال ومع استمرار التوترات بشأن الوضع الصحي للرئيس بايدن والاختلاف حول سياساته المثيرة للجدل فإن ذلك شك سيعزز اكثر فرص إعادة انتخاب الرئيس ترامب لفترة رئاسية ثانية

العديد من أعضاء الكونغرس الجمهوريين يسعون إلى استغلال محاولة الاغتيال في إطار المنافسة الانتخابية المحمومة حيث ذهب بعضهم الى تحميل خطابات الرئيس بايدن مسؤولية إطلاق النار علي ترامب بعد تركيزه على وصفه بالرئيس الفاشي والاستبدادي وانه يشكل خطير كبير على امريكا وشعبها ويجب إيقافه بأي ثمن ووضعه في مرمى النيران والهدف المخفي لكل ذلك منعه من الوصول للسلطة بكل الوسائل الممكنة والمتاحة حيث اعتبرها انصار ترامب تهديداًت حقيقية وسبب مباشر في محاولة اغتياله والتي أثارت الكثير من النقاش والجدل حول من يقف ورائها ويجب ان نبين هنا ان أي تصريح يصدر عن رئيس للولايات المتحدة يمكن أن يؤخذ بجدية مفرطة وقد يؤدي إلى عواقب فعلية فمثل هذه التصريحات قد تُنفذ حرفيا من قبل بعض الشباب اليمينين او المناصرين المتعصبين ً

هذه ليست المرة الأولى التي تحدث فيها محاولة اغتيال رئيس امريكي إذ جرت سابقاً عمليات قتل أو اغتيال لأربعة رؤساء سابقين كما تعرض آخرون لمحاولات اغتيال متعددة حيث واجه ترامب نفسه ثلاث محاولات اغتيال خلال فترة رئاسته بين عامي 2016 و202 وغالباً ما كانت الظروف اللاحقة للحدث تُفضي إلى تحقيق مصلحة للشخص المستهدف بعد كل محاولة اغتيال وهو ما حدث مع الرئيس رونالد ريغان حيث أفضت محاولة اغتياله في الثمانينيات إلى دخوله البيت الأبيض بقوة كرد فعل تعاطف طبيعي للناخب الأميركي

الملاحظ انه وعلى الرغم من صدور 34 حكمًا بالإدانة بقي ترامب صلب ومتماسك ويستفيد من الأحداث الواحدة تلو الأخرى بما في ذلك قرار المحكمة العليا الأميركية في نيويورك التي الغت إدانته الجنائية بتهمة تزوير سجلات للتستر على دفع أموال لممثلة أفلام إباحية باعتبار أن الرئيس السابق يتمتع بحصانة واسعة من الملاحقة القضائية ودائما كان ترامب يصور نفسه على أنه ضحية لظلم الديمقراطيين ومحاولاتهم لاتهامه والتقليل من شأنه لكسب تعاطف الناخبين وفي هذه المرة ايضا ورغم تصاعد العنف والاستفزاز ضده على مدار السنوات الماضية فهي فرصة ثمينة لتأكيد ترامب أمام جمهوره والتيار الذي يمثله على مظلومية جديدة تضاف إلى مظلومياته السابقة بما في ذلك محاكمته بتهم جنائية وهو ما سيعزز شعبيته في ظل السباق الرئاسي المتدحرج

لقد احسن ترامب استغلال واستثمار محاولة اغتياله ببراعة فائقة لتحقيق نقاط سياسية تضيف المزيد من الزخم لحملته الانتخابية في اطار سعيه للعودة إلى البيت الأبيض حيث حول الغضب الجمهوري إلى سعادة سيما وانه يمتلك مهارة واضحة في معرفة ما يجب قوله والسيطرة على الأوضاع ويكاد يكون هناك إجماع لدى المحللين على أن محاولة الاغتيال ستصب في مصلحته انتخابيا سواء لأنها ستولد تعاطفا معه او باعتباره عرضة للعنف والتطرف والاستعداء حيث حضت ممولين كبارا أمثال إيلون ماسك وبل أكمان على دعمه والوقوف الى جانبه

محاولة اغتيال لترامب الفاشلة لا أعتقد أنها ستكون الأخيرة لقتله بل سوف تكون أكبر دعاية مجانية لحملته الانتخابية والسعي لحنايته والدولة العميقة في اروقة الحكم الديمقراطي وقعت في فخ سيجبرها على تغيير خططها ومسارها للتخلص من ترامب وعلى القائمون بإدارة حملة بايدن تغير نهجهم بعد حادثة الاغتيال وان يتوقفوا عن شيطنة وانتقاد ترامب شخصيًا وإعتباره خطر على الديمقراطية والأمن والشعب لان ذلك لا يخدمها ولن يلقى آذانًا صاغية بعد الآن وفي المقابل عليها التركيز على انتقاد مشروعه وبرنامجه السياسي كما عليهم ايضا ان يعرفوا جيدا أن اندلاع العنف السياسي سوف يحبط جهودهم للدفاع عن سياسات بايدن التي عليها الكثير من علامات الاستفهام

كنتيجة طبيعية برز بوضوح أن هناك وحدة متنامية داخل صفوف الحزب الجمهوري وانقسام متزايد في صفوف الديمقراطيين مما يعود بالنفع على ترامب بحيث تصبح محاولة اغتياله السبيل الاقصر لوصوله الى الرئاسة والثابت على ارض الواقع انها بالفعل اعطته ما يحتاج اليه من دعم وتعاطف وتأييد للفوز بالانتخابات حيث دخل الى مؤتمر الحزب الجمهوري العام الذي عقد في ميلووكي وخرج منه مرشحاً رسمياً للحزب وكما اراد ان يكون عليه الوضع من دون اي انقسام او شك او تردد من قبل الناخبين وان الرئاسة الاميركية باتت اليوم في متناول يده كما عززت المحاولة من وضعه انتخابيا وسياسيا وداخل معسكره الجمهوري وحتى خارجه في ظل موجة تضامن كبيرة أميركيا ودوليا في ذروة حملة استقطاب شديدة

العديد من استطلاعات الرأي التي أجريت بعد محاولة الاغتيال بينت صعود كبير لفرص دونالد ترامب في الفوز وان الحادثة ستمنحه زيادة في شعبيته على المدى القصير بسبب التعاطف معه والشجاعة التي أظهرها ولكن بعض المراقبين اعتبروا أنه لا يمكن الأخذ بنتائج استطلاعات الرأي هذه التي أجريت بعد ساعات قليلة من الاعتداء على ترامب وفي لحظة هيمنت عليها المشاعر القوية لصالح المرشح الضحية وأنه ينبغي الانتظار لبضعة أيام أو حتى لبضعة أسابيع لرصد تأثير هذا الاعتداء على توجهات التصويت

المقارنة الانتخابية بالمطلق ليست في صالح الرئيس الحالي جو بايدن خاصة بعدما شاهده الأمريكيون وهو يفقد توازنه ويسقط على الأرض دون سبب واضح في العديد من المرات كما يخلط بين الرئيس الأوكراني والرئيس الروسي ويطلق على نائبته كاميلا هاريس اسم ترامب والفارق بعد المشهد الدراماتيكي سيكون كبير جدا لرجل الشارع الأمريكي بين مرشح يسقط بعد إطلاق الرصاص عليه ثم يقف ويهتف مشجعا مؤيديه ومطالبهم بالصمود ومرشح اخر عاجز عن تذكر أسماء من حوله والمتعاونين معه في إدارته ومن هنا انطلقت دعوات الجميع بايدن للانسحاب من السباق الرئاسي بسبب حالته الصحية وخصوصا من داخل صفوف حزبه وأنصاره

في المقابل كثيرا ما لجأ ترامب إلى اللهجة السوقية الحادة في خطاباته الانتخابية مستخدما كلمة حمام دم ووصف أعدائه بأنهم حشرات وفاشيون كما اتهم بايدن بدون تقديم دليل بالتآمر للقضاء على الولايات المتحدة من خلال تشجيعه للهجرة غير المشروعة وأن محاكماته الأربع كان يقف خلفها بايدن لمحاولة منعه من العودة إلى السلطة

بدراسة دقيقة لواقع الانتخابات الأمريكية المختلفة نجدها تعتمد إلى أبعد الحدود على الصورة واللقطة وقدرة المرشح على استخدام مقولة قوية أو الخروج بشكل متفوق وإبراز أخطاء وعيوب منافسه من حيث المظهر والتصرف

استنادا الى كل ما تقدم وغيره الكثير السؤال مرة اخرى هل يمكننا القول بان الرئيس الأميركيّ السابق النزق دونالد ترامب بعد محاولة اغتياله الفاشلة قد فاز مسبّقًا في الانتخابات المقبلة قبل ان تجري ليكون الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة لا نرجو الله في ذلك ولننتظر والايام بيننا

كاتب وباحث متخصص في العلوم السياسية
mahdimubarak@gmail.com

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.