مخرجات لجنة التطوير كاشفة لا منشئة
المحامي بشير المومني
=
في عمليات التأثير والبروباغندا استعمل مفهوم ( الاصلاح ) في الاردن تحديدا من قبل بعض القوى المرتبطة بمشاريع عابرة للحدود كوصفة سياسية بديلة للشعارات التي كانت تروج في الدول العربية بداية ما سمي بالربيع العربي وفي تحليل المضمون لم يكن الشعار لدينا موجها سوى لخدمة عمليات التفكيك الناعم للنظام ومتوالية النيل من مؤسسات الدولة او ما يحلو للبعض بتسميته ( الوضع القائم ) لا سيما ان المصطلح اعلاه ذو عمق ومرجعية دينية بالاساس كزيادة في توغله الافقي الشعبي وقد فتح هذا المصطلح الباب على مصراعيه لقوى راديكالية لا زلنا حتى اليوم نخضع لتأثيرات الثقافات التي انشأتها من نزق عام وتعبير اجتماعي متفجر في اروقة مواقع التواصل التفاعلي والاجتماعي ..
أطلق الملك في العام ٢٠١١ لجنة الحوار الوطني واخرى للتعديلات الدستورية وقال في رسالته الى الشعب الاردني والجهة المكلفة بأن هذه التعديلات هي الوجبة الاولى ولن تكون الاخيرة واليوم استدعى التطور الطبيعي للمجتمع الاردني وثقافاته المستحدثة ضرورة مقابلة التطور الاجتماعي بتطور سياسي فكانت اللجنة الوطنية للتطوير والتحديث تولد من رحم مبادرة لا يمكن وصفها سوى بالنبيلة مقصدا ومنتجا باعتبارها ارادة ملكية معبرة عن الارادة الشعبية ليتجسد فيها افضل مشروع ممكن ان يقود الدولة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وهو ( الملكية الشعبية ) الذي تنحاز فيه ارادة صاحب القرار الى ارادة الشعب فيبدأ التطوير من القاعدة نحو الهرم لا العكس ..
في التجربة السياسية لدى الغير تبين للشعوب انها تعرضت لتضليل وخديعة كبرى والقفز بالمجهول عندما اقنعها اصحاب الاجندات بأن الطريق الى لقمة الخبز تمر عبر صندوق الاقتراع وعندما وصلت هذه القوى لسدة الحكم تفاجأت بواقع دولي ووطني مرير ومحددات ضخمة وإرث ( الفيل الابيض ) وأنها لم تكن مستعدة نهائيا لقيادة دولها حتى لو كانت تحمل مشروعا سياسيا ليتحدث رغيف الخبز ومتطلب الخدمات بالشارع مرة اخرى ولتثور الشعوب على المنظومة الجديدة التي عادت لتمارس متوالية الاستبداد السياسي كالقديمة تماما اما من ثارت عليهم الشعوب وبقوا بالحكم فلقد كان الثمن اكبر من الدماء وهو تحطيم المستقبل أما وطنيا فالملك هو خير من يدرك تلك الحقائق وعليه فلقد وجه الحكومة لتقديم مشروع اقتصادي بموازاة المشروع السياسي ..
أردنيا وبعد زوال غمة مرحلة ادارة ترامب ومن ثم وأد الفتنة وتأكيدا على حقيقة أن من يقود الدولة لدينا رجل يتسم بالعمق والحكمة وأفضلية التاريخ ويستخدم عبقرية الجغرافيا بموازنته الدقيقة في ( تسكين ) الحالة لا ( تسخينها ) مع بعض الجهات التي كان لها دور سلبي تجاهنا باعتبار ذلك يزيد تحديات المنطقة تعقيدا اتجهت الارادة لاعادة تشكيل المنتج السياسي الوطني ومن هنا نفهم أهمية عمل اللجنة الوطنية للتطوير السياسي وبأنه لا مصلحة لعاقل بهدم او إضعاف هذا المشروع الذي يجد فيه الغير تهديدا وجوديا لما سينشأ عن النموذج الاردني من ثقافات قابلة للامتداد او الرد الشعبي على أي تطاول على الدولة الوطنية الاردنية ..
بجميع الاحوال شهدنا تحفظات داخلية على الشخصيات المكلفة بإنارة المشهد ضمن بواعث قلق حاول اصحابها الاسترشاد ببعض التصريحات والمنشورات الشخصية لاعضاء اللجنة لتأكيد مخاوفهم وتضخيم الفرع على الأصل ونسي هؤلاء ان الاقصاء واحادية الفكر والفكرة باتت من المحرمات الاردنية وكان لابد من هذا التنوع الذي كشف عن اثراء حضاري ومعرفي اردني واسع وهوية جامعة التعدد وهذه التحفظات او المبالغة هي تمهيد غير واعي للنيل من مخرجات اللجنة في عملية اسقاط مبكر ووضع للعربة امام الحصان بالمقابل نشهد حديثا جادا للجنة ناشيء عن دراسات عميقة للواقع الاردني يشي بمخرجات مقبولة في هذه المحطة من عمر الدولة ومئويتها تبدد مخاوف ما يسمى المكونات ويمكن لهذه المخرجات تطويرها ايضا والبناء عليها وكالعادة لن تكون هذه محطة الوصول بقدر ما هي الانطلاق ..
المحامي بشير المومني