مداد مسموم
رقية محمد القضاة
=
بقلم / رقية القضاة
لملمت شمس الحضارة المشرقة خيوطها المضيئة ،وانحسر ضياءها البهيّ عن وجه البلاد التي ارتفعت فوقها أعلام القوّة والاستاذيّة والعلم والعدل والسيادة ،وتوقفت تلك الموجات الدافئة عن اشعاعها ،واكتفت بخيوط باهتة تامل ان تعود إلى مشرقها البهيج ،وهي تشير إلى بقايا أمة متميّزة قوية الحضور ،أمة دانت لها الأرض من مشرقها إلى مغربها ،امة اعتراها التراجع الحضاري ، الناجم عن تهميش دور العقيدة السمحة ،والركون إلى ظلال وافياء اعداءها ،وارتداء ثوب الوهن والفرقة والخلاف ،وغياب الشخصية القائدة الفذّة المجاهدة عن دور القيادةالرائدة فيها أمة حلّ الياس والاستسلام لديها مكان المجد والطموح والريادة ،فإذا الأمة الفتية القوية رجلا مريضا ،ينتظر عدوّه موته ليسلبه ملكه وحضارته، ومقوّمات وجوده ،وطمس هويّته، ودعائم بقاءه ،وكان لا بد للعدو من جند ظاهرين وأخفياء ،ليوطئوا له نفوذه ويقيموا شرعته ،ويبثوا روح اليأس والهزيمة والمذلة في صفوف امة المريض المتشرذمة الواهنة،وأي جند خير من قلم حاقد مفتر مسرف كذّاب؟ وارتفعت اصوات النعي في ديار الاسلام العزيز ،واستكانت الأمة ردحا من الزمن للشعور بالفناء والضعف والأفول ،ونشطت هنا وهناك الأقلام المحمومة المسمومة ،وقد اترعت مدادها سمّا زعافا ،يقطر من فحيح عبارات كتابها وهم يوهمون الجهلاء بأنهم يخطون تاريخ الأمة المجيد (الآفل )فتتلقف الأجيال الناشئة في ظروف الوهن والجهل ،تتلقف تلك المدوّنات المجحفة وقد ظنتها حقائق مسلّمة ،وامتلأت رفوف المكتبات بكتب تحمل عناوين في ظاهرها المعرفة والمعلومة التاريخية والادبية،وفي باطنها الدس والكيد للإسلام وأهله،وتمجيد الباطنية والعقائد المنحرفة ،والطعن في كل خليفة وقائد حمل همّ الأمة وأذل عدوها وحمى عقيدتها وأحيا سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وبرزت اسماء شغلت حيّز الفراغ الذي تركه عقلاء الامة وعلماءها ومؤرّخيها شاغرا لكلّ همّاز متجنّن منحاز، كجرجي زيدان الصليبي ،والذي أخذ على عاتقه حمل لواء الدسّ والتشكيك والريبة ،والغمز من قناة الإسلام ،في قالب من روايات جاذبة رنّانة العبارة ،مشوّقة الاحداث ،تحاك باسلوب يحيل الباطل حقّا والعدل ظلما ،والدين أفيونا وسلاسل ،والقادة المجاهدون وعلماء الأمة المخلصون طغاة جبّارين،تخلوا قلوبهم من الرّحمة ،ويجافي أعمالهم الصواب،فيفقد القاريء صلته بهم، ولا يعودون يمثّلون له تلك القدوات الورعة الشجاعة الحكيمة ،في تلك الحقبة المشرقة من تاريخنا، الذي كان الخليفة فيه يخاطب امبراطور الصليبيين (إلى نقفور كلب الرّوم ،) فيا لثارات الرّوم وملوكهم والفرس وأكاسرتهم ،عند هؤلاء الكتّاب الموتورين ،ويا للسمّ الزعاف الذي أسالته اقلامهم ،والخناجر الفكرية المسمومة التي غرستها كتبهم ومجلاتهم وأنديتهم وصالوناتهم الثقافية في عقل الأجيال الناشئة المغرّر بها لقد انبرى جورجي زيدان للتشكيك بتاريخ الأمة وعلماءها وأخلاقيات الدين وسلوكياته معتقدا أنّه بلغ المطلوب من الكيد والدجل والزيف ،فخاب أمله ،وكشفت الأمة حقيقة سمومه المبثوثة في صفحات كتبه الرخيصة السوداء ولم يكن فيليب حتي الذي تخصص في التاريخ الاسلامي والعربي والدراسات التاريخية المشرقية ،لم يكن أقل تحيّزا وحقدا على هذا الدين وهو يتسلم راية الزيف من سلفه جورجي زيدان ،بل لقد عرف بعداوته ومحاولاته التشكيكية المكشوفة وهاهو يقول في القرآن : ومن يتحر القرآن يجد لسوره ترتيبًا سطحيا مبنيا على نظام الطول والقصر، وهو يوحي للقاريء بان الاسلام ليس دينا سماويا ،فيقول: إن بعض النصارى من أهل أوروبا وأهل الشرق تكون عندهم في العصور الوسطي رأي يستند إلي ما بين الإسلام واليهودية والنصرانية من التشابه مؤداه أن الإسلام بدعة نصرانية أكثر منه دينًا جديداً. لقد كانت الرسالة المحمدية على مرّالزمان هدفا لكل حاقد مأفون ومشكك مضلل ضال ،ولكنها أبدا لم تفقد قوّتها وتميّزها وأفضليتها التي أكرمنا بها الله سبحانه وتعالى (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدّين كله ولو كره المشركون)
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
جزاك الله خيراً
حقيقة جسدتي واقع الأمة الإسلامية المرير
بأسلوبك اللبق.
نعيش في زمن الحيرة والهوان.