مديونية الجامعات…هل تفعلها الحكومة… !
د. مفضي المومني
في تصريح لوزير التربية والتعليم العالي والبحث العلمي الحالي قبل بضعة اشهر لصحيفة الغد بتاريخ 2022/9/7 وقبل تكليفه بوزارة التربية والتعليم العالي وبصفته ميسر جلسات قطاع التعليم والتعليم العالي وسوق العمل في ورش العمل الاقتصادية لمشروع التحديث الاقتصادي، قال واقتبس: “ان خطة التحديث الاقتصادية وضعت خريطة طريق، مشيرة الى ان احد التشوهات في القطاع، سياسات القبول والاوضاع المالية للجامعات والاستثناءات في القبول.
ودعت خريطة الطريق حسب محافظة للعمل على تحقيق استقلال مالي واداري للجامعات، وهيكلة الرسوم لتكون مقاربة للكلفة، مشيرا لوجود تخوفات من هيكلة الرسوم، يمكن التغلب عليها عبر العمل بالتوازي على مبالغ كافية، لتغطية المنح والقروض لصندوق دعم الطالب الجامعي، او عبر ايرادات الرسوم التي كانت تجبى قبل عام 1996 لصالح الجامعات، والتي تكفي حاجة الجامعات الرسمية.” وهنا نقف عند الحلول المالية التي صرح بها معاليه..وبالذات ( الرسوم التي كانت تجبى قبل 1996) لأن بقية الحلول مثل هيكلة الرسوم وغيرها وإثقال كاهل الطلبة والأهالي باعباء جديدة تحمل تخوفات ومحذورات لن تكون مجالاً للمغامرة من أي وزير أو حكومة..! وقد يكون الحل الأمثل كما ذكر معاليه؛ العودة لرصد مبلغ رسوم الجامعات أو دينار الجامعات، والذي وصلت إيراداته أكثر من 450 مليون دينار قبل أن يقرر أحدهم في عهد حكومة أحدهم… إلغاء تخصيصها للجامعات وتحويلها لإيرادات خزينة الدولة، ومن ثم بدأ التقتير على الجامعات بما لا يسد الرمق… وتراكمت المديونيات على الجامعات… وأصبحت قمة النجاح لأي رئيس جامعة ( تمشاية الحال رواتب ومصاريف جارية وبضع المشاريع الخجولة)، فالميزانيات لا تسمح بالتطوير ومجاراة العالم والتقدم… ولا توازي أدنى طموح مأمول لرئيس أي جامعة لديه رؤيا واستراتيجيات للتطوير.
الجامعات بحاجة لميزانيات طموحة ودعم كبير… لتواكب ركب التقدم والعالمية…في بنيتها البشرية والتحتية والبحثية… .أما واقع جامعاتنا الحالي؛ فثمان جامعات رسمية ترزح تحت ظل مديونية بلغت اكثر من 173 مليون دينار 7 جامعات منها مدينة للبنوك بنحو 66 مليون دينار، وتدفع كل جامعة نحو مليوني دينار فوائد لهذه البنوك، وفي المقابل فللجامعات ديون على مؤسسات الدولة تصل إلى 107 ملايين دينار، جزء منها مستحقات على الجهت المبتعثة، وجامعتان رسميتان دون ديون وتحصلان على مبلغ بسيط من الدعم الحكومي، هما الألمانية الاردنية والهاشمية.
والسؤال ونحن في طور مناقشة ميزانية 2023 هل يفعلها الوزير والحكومة… وتعيد توجيه ضريبة دينار الجامعات للدعم المباشر للجامعات وتطويرها بعد إطفاء مديونياتها..! لأن ذلك باختصار سيحل المشاكل المالية للجامعات ويوفر المال من أجل التطوير… فكثير من دول المنطقة سبقتنا بعد أن كنا في الطليعة… ولسنا بحاجة للتأكيد على الحكومة أن التعليم هو رافعة الإقتصاد والمجتمع… ومواكبة التطور والتكنولوجيا… الميزانيات الشحيحة والمديونيات المتراكمة لن تصنع تعليم عالي وجامعات يعتد بها عالمياً… إلا إذا كنا ما زلنا نؤمن بدرس (حصان البخيل في الإبتدائية أيام زمان… والذي مات بعد أن تعلم قلة الأكل..!).
نحن بحاجة ماسة للدعم المادي المباشر للجامعات، لا تطلبوا من الجامعات أن تتقدم ما دام اكبر هم لدى رؤساء الجامعات حاليا جمع رواتب العاملين قبل نهاية كل شهر… !، لا تطلبوا من رؤساء الجامعات صنع المعجزات في ظل اوضاع مالية متهالكة..!، نحن لسنا بلد صناعي وليس لدينا قاعدة صناعية وتجارية مؤهلة لدعم الجامعات كما في البلاد المتقدمة، إلى أن نصل ذلك، نحن بحاجة لدعم مادي حكومي مباشر، في ظل معطيات مفروضة على الجامعات تقيد أعمالها، حيث ان التقتير في الصرف على العملية التعليمية والعاملين فيها وكذلك بنيتها التحتية له تاثير سلبي مباشر على تطور ورصانة التعليم وجودته.
رسالتي للحكومة ومجلس النواب ووزير التربية والتعليم العالي الجديد… أرسلتها مرارا من قبل وسأعيد إرسالها كلما كان ذلك ممكننا، مطلوب دعم مادي سخي للجامعات وعلى رأسها جامعة البلقاء التطبيقية، لأنها الجامعة صاحبة الخصوصية في تقديم التعليم الجامعي والتقني والفني والمهني لأبناء المجتمع، ولأنها جامعة تمتد من خلال كلياتها في كل أرجاء الوطن، ولأنها تحمل عن الحكومة عبء التعليم التقني المكلف… والذي تصل كلفته 8-10 أمثال البرامج العادية النظرية، ولأن التعليم التقني والمهني هو الحاجة الأساسية لتطوير المجتمع والاقتصاد… ومشاكل البطالة في ظل الإغراق في التعليم الجامعي.
أملنا كبير بحكومتنا ورئيسها ووزرائها وهم يعرفون هم التعليم العالي والجامعات، توفير دعم مادي كبير للجامعات ومن دينار الجامعات دون فرض ضرائب جديدة، لان الواقع الحالي وتراكم المديونية والعجز على الجامعات وإضعافها هو نذير بانهيارها وتراجعها لا سمح الله أو الخصخصة كما أشيع ويشاع احياناً، ولا نريد أن نقول أن هنالك من يخطط لهذا… ! لكي لا نسقط في براثن نظرية المؤامرة التي أصبحت مبرراً لكل إخفاقاتنا..!، نعتقد أن بلدنا ما زال بخير وقادر على التقدم والنهوض بجهود المخلصين، ومن هنا نطلب أن تقوم الحكومة ووزارة التعليم العالي وجميع الجهات، بمسؤولياتها وان تضع هدفها الأول التعليم ثم التعليم ثم التعليم، لأنك إذا أصلحت نظامك التعليمي وطورته فانك تطور كل القطاعات الأخرى، وأما الإخفاق وانهيار التعليم وتراجعه فيساوي انهيار الأمة، لا سمح الله. حمى الله الأردن.