ملك السلام بين عمان ولندن والفاتكان
الدكتور موفق العجلوني
=
بقلم السفير الدكتور موفق العجلوني
المدير العام / مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
نعم اؤكد ما كتبته قبل ثماني سنوات بتاريخ ١٤/٤/٢٠١٤: “رسول السلام بين الفاتكان وفيينا والكرملين و عمان ” و ها انا وأؤكدها اليوم من قلعة صلاح الدين من عجلون الشموخ ، ها هو ملك السلام يطير من عمان مدينة السلام بلد الامن والامان و حوار الأديان و الذي يحتضن الجار والصديق و الرفيق و الأخ والشقيق في أوقات الشدة و الضيق .
نعم يا جلالة الملك يا سبط رسول الله يا ابن الهاشمين , انت رسول السلام انت الامل في هذا العالم الغارق بالأحزان .ليس لنا مرجعية داخلياُ و خارجياُ سوى جلالتكم ، و لا قدوة الا محياكم و لا مرشداُ الا هداكم , و انتم معنا نسير على دربكم و نعمل جاهدين على السير على نهجكم و ان نكون قريبين من رؤياكم بدبلوماسيتنا ووطنيتنا وولاءنا و توجهاتنا و لقاءاتنا مع الاشقاء و الاصدقاء وفي احلامنا و يقظتنا في بناء الاردن الراقي , في بناء الاردن الديمقراطي , في بناء الاردن الواعي في بناء الاردن الحضاري في بناء اردن المودة و المحبة , في بناء اردن العروبة من منطلق مبادئ الثورة العربية الكبرى و في بناء الاردن العربي الاسلامي الوسطي.
جذورك يا سيدى بإرثك العربي الهاشمي الذي يعرفه الداني و القاصي و يشهد الية القريب و البعيد و العدو قبل الصديق، و هذه رسالة عمان وكلمة سواء رسالة نور نابعة من كتاب الله و سنة رسوله، حيث جاء بمحكم تنزيله : ” كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله ” صدق الله العظيم.
وأنتم يا سيدي لقاءكم في لندن، يوم أمس، بجلالة الملك تشارلز الثالث، ملك بريطانيا. هو تأكيد على العلاقة التاريخية المتميزة التي تربط المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المتحدة. وتطلع الأردن لمزيد من التعاون مع المملكة المتحدة، والبناء على العلاقة الممتدة التي تجمع العائلتين الملكيتين في البلدين الصديقين . والتأكيد على أهمية تعزيز التعاون الثنائي في شتى المجالات، بما يخدم مصالح البلدين المشتركة، وكذلك المستجدات الإقليمية والدولية.
وها أنتم يا سيدي تواصلون رسالة جدكم الاعظم محمد رسول الله ورسالة المحبة والسلام تيمناُ بقوله تعالي ” ادعو الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن”. وما عرف عنكم من انسانية تيمناُ بقوله تعالي ” يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباُ وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم “. و اسستم معهداُ في ديوانكم العامر للدراسات الدينية و حوار الاديان تيمناُ بقوله تعالي ” امن الرسول بما انزل اليه من ربه و المؤمنون كل امن بالله و ملائكته و كتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله و قالوا سمعنا و اطعنا غفرانك ربنا و اليك المصير “صدق الله العظيم .
ان لقاء جلالتكم مع قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتكان بحضور صاحبة الجلالة الملكة رانيا المعظمة رعاها الله، هو تعبير عن مدى الاريحية والالفة والتقدير والثقة التي يوليها قداسة البابا فرنسيس لجلالتيكما ورسالته الى العالم عن توافق قداسته مع جلالتكم في ايجاد الحلول السلمية للازمات التي تعصف بشعوب منطقتنا وايجاد الحلول من خلال الجلوس على طاولة المفاوضات لا من خلال الالة العسكرية واغتصاب حقوق الاخرين.
وهذا اللقاء هو صورة ناصعة لجلالتكم الملك العربي المسلم. ومن هنا يولي قداسته محبة واحترام خاص لجلالتكم وجلالة الملكة رانيا، وهي رسالة الى العالم المتحارب والمتعصب ذهنياُ بضرورة اخذ العبر والدروس من تعايش الالفة والمحبة والمودة بين ابناء العائلة الاردنية الواحدة بمختلف عقائدهم ومشاربهم.
و من هنا يعي جلالة الملك جيداُ ما يجري من تطورات على الساحة الاوروبية و الشرق اوسطية و التدخلات والتداخلات الاقليمية و الدولية وانعكاسها على القضية الفلسطينية و التي هي عبارة عن دلائل و مؤشرات .
من هنا، على المجتمع الدولي والاطراف المتنازعة في هذا العالم وخاصة في الشرق الاوسط ان يعوا جيداُ لما يقوله رسول السلام هذا الملك الشاب عبد الله الثاني ابن الحسين والذي يواصل رسالة والده الحسين رحمه الله من اجل ارساء سلام عادل ومشرف ودائم لشعوب المنطقة والتي عانت و تعاني الكثير الكثير واكتوى بنارها عشرات الالاف لا بل مئات ان لم يكن ملايين من الابرياء من اطفال ونساء وشيوخ ومدنيين وعسكرين ونازحين ولاجئين. حان الوقت ان ترتاح شعوب هذه المنطقة من الحروب والويلات وان تترك لشؤونها الداخلية في التنمية والعمران وتساهم في رقي شعوبها وشعوب العالم.
لقد اكدتم رسالة السلام التي تحملونها جلالتكم، مع التأكيد على ضرورة إدامة حوار الأديان وتعزيز العيش المشترك، وحماية الوجود المسيحي في المنطقة. وعلى أهمية مواصلة العمل لتحقيق السلام لتعيش الشعوب بأمن واستقرار. وأعربتم جلالتكم عن تقديركم لمواقف قداسة البابا فرنسيس تجاه قضايا المنطقة ، وخاصة القضية الفلسطينية، وترابط الأمن والسلام في المنطقة وضرورة كسر الجمود في عملية السلام بالشرق الأوسط، باعتبارها متطلبا أساسيا للأمن والاستقرار وتعزيز العيش المشترك. وشددتم جلالتكم على أن القدس تعد مفتاح تحقيق السلام في المنطقة، وأن أية محاولات للعبث بالوضع القانوني والتاريخي القائم في المدينة المقدسة ستقوض حق المؤمنين في أداء شعائرهم في الأراضي المقدسة.
هذا وأكد قداسة البابا فرنسيس على دور الأردن الهام في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس من منطلق الوصاية الهاشمية عليها، وبما يحافظ على هوية المدينة كرمز للسلام. من هنا فقد ثمن قداسته عالياً جهود الأردن، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين في الحفاظ على الوجود المسيحي في المنطقة كمكوّن أصيل لا يتجزأ من ماضي وحاضر ومستقبل الشرق الأوسط ونسيجه الاجتماعي.
بنفس الوقت أكد جلالته ، حرص الاردن على الحفاظ على الأماكن الدينية المسيحية ورعايتها، وخاصة موقع عمّاد السيد المسيح، عليه السلام، (المغطس)، الواقع على الضفة الشرقية لنهر الأردن. وأن موقع المغطس محاط بعناية كبيرة، وسيشهد في المرحلة المقبلة عملية تطوير وتحسين للمرافق والخدمات المقدمة للزوار القادمين إليه بقصد الحج المسيحي، إذ تأتي هذه الجهود ضمن دور الأردن في احترام حق المؤمنين في أداء شعائرهم الدينية.
نعم يا مولاي منذ ان اعتليتم على العرش ، وانتم تواصلون الليل بالنهار من اجل ان يعم السلام ربوع بلادنا و قضايانا و قضايا العالم ، فأصبحتم بحق ملك السلام و رسوله الذي يجوب العالم و يرتقي المنابر الدولية حاملاً رسالة السلام ، و زيارتكم للفاتيكان و لقاءكم المبارك بقداسة البابا فرنسيس باب الفاتكان هو تأكيد و مباركة بآن عمان هي مدينة للسلام بعرشها الهاشمي و الأردن بكل مكوناته هو بلد الامن والامان والسلام و حوار الأديان و العيش المشترك، الذي يحتضن الجار والصديق و الرفيق و الأخ والشقيق في أوقات الشدة و الضيق .
مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
muwaffaq@ajlouni.me