من ينصف هؤلاء الشباب يا دولة المؤسسات ؟

–

بقلم / د. عاطف القاسم الشواشرة

تدخلت قبل أيام – بصحبة مجموعة من الخيّرين- لحل قضيّة مؤسسيّة مجتمعيّة، تعرض فيها ثلاثة من أبنائنا للفصل والظلم أثر قرار مجحف بحقهم، ولدى تتبع القضية واطلاعنا على تفاصيلها تبين لنا أن هناك قرارا مقطوعا أخذ بفصلهم عن عملهم دون أن يسبقه عملية تقييم منظمة وفق مؤشرات أداء محددة كما هو معروف في أسس العمل الاداري المحترف، وبالاطلاع على خلفية هذا القرار المجحف تبين لنا مدى التخبط الاداري الذي بني عليه فالفصل من العمل حسب المادة 28 من قانون العمنل الاردني حددت موجبات الفصل بانتحال الشخصية أو تقديم شهادات مزورة، أو عدم القيام بواجبات العمل، أو تكبيد خسارة مادية جسيمة أو مخالفة النظام الداخلي أو التغيب غير المشروع عن العمل لمدة عشرين يوما، أو افشاء اسرار العمل أو الادانة بجرم قضائي ، أو السكر وتعاطي المواد المخدرة أو الاعتداء على زميل بالضرب والتحقير، ولأن أي من هذه المخالفات لم يحدث مطلقا، ولم يسبق لهولاء الشباب ان عوقبوا بأي نوع من العقوبات الادارية سواء تنبيها شفويا أو مكتوبا أو انذارا أوليا، أو غير ذلك ، وعليه يكون قرار الادارة كمن يقدم النصيحة والرصاصة معا متجاهلين حجم الضرر المادي والمعنوي الذب وقع على ثلاث أسر يعيلها هؤلاء الشباب وعلى حجم الخلخلة الاجتماعية التي حدثت في محافظة عجلون كون الثلاثة المفصولين من منطقة واحدة.

وتصبح المشكلة أعمق وأكثر خطرا عندما تعلم أن قرار الفصل قد بني على جزئيات وتكييفات لأخطاء سلوكية بشرية قد يقع بها أي انسان، ففي كل سلوك بشري هناك هامش من الخطأ لا يؤثر عادة تأثيرا قويا على رسالة المؤسسة وتحقيق أهدافها أو التأثير في انتاجيتها ، ولا يعتبر خرقا لمدونة قواعد السلوك وبالتالي فإن قرارا من هذا النوع لهو مؤشر على التخبط الاداري وافتقار المنهجية الادارية المنظمة وغياب أسس التقييم والعدالة وفق مؤشرات أداء واضحة ومحددة فكيف لمؤسسة أن تقوم بترقية موظف قبل عامين ليشغل منصبا اداريا رفيعا ثم تقوم بفصله محاسبة اياه على أخطاء مر عليها أكثر من أربع سنوات، فما الذي حدث ولماذا في هذا الوقت بالذات ؟ وكيف تم ترفيعه اذا كان لا يستحق هذا المنصب ؟ وهل تمت عملية هيكلة للمؤسسة أو عملية تقييم شاملة ومنظمة لكافة وحدات المؤسسة وعملياتها وقراراتها ؟ أم أن هناك نوع من الاستجابات المبيّتة والمهندسة مسبقا للتخلص منهم وإيذائهم مستنكرين لجهودهم التي بذلت خلال خمسة عشر عاما من العطاء

فعندما يستند قرار معين بهذه الخطورة إلى لملمة بعض المواقف التافهة التي لا تعدو عن كونها أخطاء بشريّة عادية مر عليها خمس سنوات فائتة وأكثر فاعلم أن الأمر لا يعدو عن كونه تصفية حسابات وغياب لبروتوكول العمل الاداري والاجراءات المنهجية المعيارية الموحدة SOP’s ، والأدهى من ذلك عندما يدخل في صناعة القرار أشخاص متنفعون من ازاحة زملائهم والجلوس مكانهم، وهذا يذكرنا بالحكمة الروسيّة التي تقول:
“يصعب عليك قول الحق اذا كنت مستفيدا من الباطل”

في مثل هذه الحالات على الدولة أن تفتح الملفات كاملة وأن تقوم بعملية تحليل نظم ممنهجة لهذه المؤسسات ليصار إلى تقييمها بموضوعية وأخذ القرارات التصحيحية المناسبة التي تشمل كافة هياكل المؤسسة والعاملين فيها والقرارات الصادرة عنها، لايقاف حالة التنمر التي حدثت ورفع الظلم عن المظلومين، ولذلك نتمنى من رئاسة الوزراء فتح ملف هذه المؤسسات وممارسة الدور الرقابي عليها وصولا إلى الحاكمية الرشيدة في النهج الاداري المتبع، ليبقى أردننا عزيزا شامخا في ظل اراية الهاشمية بقيادة ابي الحسين المفدى.