هل يفعلها الأوروبيون ويغيرون قواعد اللعبة؟

نسيم العنيزات
ان انحراف السياسة الأمريكية عن بوصلتها وتغيير اتجاهها بشكل واضح في تعاملها مع الحرب الروسية الأوكرانية يضع الاتحاد الاوروبي على المحك.
وقد عكس الاجتماع الذي جرى في البيت الأبيض الخميس الماضي بين ترامب وزيلنسكي وما تعرض له الأخير من هجوم وانتقاد من الرئيس الامريكي ونائبه لم يشهد مثله المكتب البيضاوي على مدار تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية يعكس حجم التحولات الأمريكية واداراتها للملفات والصرعات العالمية بحجة البحث عن السلام.
ويبدو ان ترامب الباحث عن لقب صانع سلام للحصول على جائرة نوبل في هذا المجال يرى السلام بعين واحدة ويتعامل معه بمنطق المصلحة الأمريكية اولا، والأوامر كما هو الحال في فلسطين وقطاع غزة وما يتعرضان له من حرب همجية وإبادة جماعية على أيدي القوات الإسرائيلية المحتلة وممارسته العرجاء إزاء هذا الموقف بالضغط على أهل غزة لتهجيرهم من أرضهم بحجة السلام.
اي ان السلام من وجهة نظر ترامب هي نصرة الظالم على حساب المظلوم الذي عليه ان يدفع كل شيء وان يستجيب للشروط بحجة إرساء السلام لمساعدة ترامب بالحصول على جائزة يبدو أنه في عجلة من أمره ويسابق الزمن من أجل ذلك.
وبالعودة إلى الملف الاوكراني وما جرى مع رئسيها الخميس الماضي يجب ان يشعل الضوء الأحمر وان يدق ناقوس الخطر عند الأوروبيين، بعد ان تبين ان ترامب لا يأبه للتحالفات التاريخية التي تربط بلاده بهم و سعيهم خلف بلاده بتنفيذ قراراتها وما تفرضه من عقوبات و شروط على بعض دول العالم وكذلك اصطفافهم خلف اي موقف تقرره حيال القضايا العالمية، والشواهد التاريخية على ذلك حاضرة منذ الحرب العالمية الثانية.
وعند اول مطب او منعطف تاريخي يمس امنهم وحماية حدودهم اي الاوربيين فانه تخلى عنهم دون اهتمام لمصالحهم ناسيا تاريخا طويلا من التحالفات.
كل ذلك مقابل مصلحة ومكاسب اقتصادية او تحقيق أهداف شخصية لن تخدم المصالح الاستراتيجية الأمريكية في المستقبل خاصة بعد سلسلة من الأوامر التنفيذية التي اتخذها ترامب منذ جلوسه في البيت الأبيض في العشرين من كانون الثاني الماضي كتجميد المساعدات الاقتصاديةالدولية لمدة 90 يوما وكذلك إيقاف او تجميد أعمال وكالة الإنماء الأمريكية التي لها بصمات في جميع دول العالم، الامر الذي سيؤثر على صورة الامريكان في الخارج.
لذلك فان الكرة الان في ملعب الاوروبيين لتغيير المشهد والاستفادة من الحالة وصورة أمريكا بسبب ممارسات ترامب واستثنائهم ايضا من اي مفاوضات تتعلق بروسيا و اوكرانيا، غير آبه بمصالحهم وأمن بلادهم، لتغيير قواعد اللعبة واستدارة لسد الفراغ وترقيع الفجوات التي تسبب بها ترامب خلال الأيام الأربعين من عمر رئاسته قد تقلب الطاولة وتغير المعادلة لما تشكله الكتلة الأوربية من وزن اقتصادي وقوة عسكرية وموقع جغرافي، قد يقلب الموازين و يعيد الامريكان إلى رشدهم للتعامل مع العالم بعدالة ولو بالحد الأدنى.
واعتقد ان ما يجري الان يشكل فرصة تاريخية للاتحاد الأوروبي للخروج بموقف موحد والبحث عن مصالحهم وحمايتها خاصة بعد ان شاهدوا نظرة ترامب لهم وتعامله معهم.
وهناك عوامل قد تخدمهم ويمكنهم الاستفادة منها كموقف الشرق الأوسط من الرئيس الامريكي بعد نظرته الحولاء الى الصراعات التي تجري فيها وما تقوم به دولة الاحتلال الإسرائيلي من حرب همجية وابادة جماعية في فلسطين وغزة وطلبه من سكانه المغادرة ورغبته بالاستيلاء عليه.
وقبل ذلك وبعده، إيقاف دعم بلاده للاونروا والمنظمات الانسانية وفرض عقوبات على محكمة العدل الدولية.
مما يشكل فرصة للاوربيين للاستفادة من الغضب الدولي ازاء القرارات الامريكية التي تتعامل بمنطق القوة والعنجهية بعد فرض رسوم جمركية ورغبتها بالاستيلاء وضم اراض أوربية.
لهذه الأسباب واذا ما أضفنا اليها اوضاع روسيا المنهكة بسبب حربها مع اوكرانيا منذ ثلاث سنوات تقريبا وما يفرض عليها من عقوبات يشكل فرصة للاوربيين نحو استدارة قد تصنع فرقا، و تغير قواعد اللعبة.