هندسة مجلس النواب تصب في صالح جبهة العمل


المحامي الدكتور هيثم عريفج

قبل عامين وخلال حديث مع المهندس مراد العضايله والذي كان وقتها أميناً عاماً لحزب جبهة العمل الاسلامي ، حول ما يحدث من هندسة للمشهد السياسي الأردني وصناعةً للأحزاب وترتيب بيوتها بطريقة ” تركيب الليجو” ، وما سينتج عن ذلك من إضعاف لثقة المواطن في كامل عملية تحديث منظومة التشريعات السياسية ، أخبرته في وقتها برأيي أن هذا المشهد سيقود لتقوية حزب جبهة العمل الإسلامي والأخوان المسلمين بشكل عام بطريقه غير مباشرة .

بعد أقل من عامين جرت الإنتخابات النيابية والتي شهد لها الجميع بالنزاهة والشفافية ، برغم المآخذ المتكررة حول تأثير المال الفاسد بشكل كبير سواءاً على الدوائر المحلية وفي بعض الحالات على الدائرة العامه ، جاءت نتائج الإنتخابات لتثبت ذلك ، حيث ظهر أمرين هامين الأولى حصول حزب جبهة العمل على مايزيد عن أربعمائة وأربعة وستون صوتاً على مستوى القائمة العامه ، والثاني وجود أكثر من مائتين وستين الف ورقة بيضاء ، بالمقابل حصلت الاحزاب التي أطلق عليها أحزاب الوسط أو الأحزاب البرامجية التي تجاوزت العتبة مجتمعة على رقم مقارب لما حصلت عليه قائمة جبهة العمل .

كان واضحاً من النتائج أن الأحزاب البرامجية لم تقنع الشارع لعدة اسباب أهمها أنها لم تقدم أي فكر سياسي ، وأن ما أطلقته تلك الأحزاب من برامج لم يصل للناخب ولم يعره أدنى إهتمام ولم ينتخب على أساسة ، كما أن إعادة تدوير النخب لم تقنع الشارع على الإطلاق ، والأهم أن الناخب عاقب تلك الأحزاب على طريقة التشكيل والإدارة .

ما سمى بالأحزاب البرامجية نمت وعاشت بعيداً عن نبض الشارع ، وكانت حتى في بياناتها خجولةً تخشى المحاسبة والعقاب ، مما سمح المجال لحزبين فقط هما جبهة العمل الإسلامي وحزب العمال الإردني بقيادة الدكتورة رولى الحروب لتسيد الشارع ومخاطبته خلال مسيرات المطالبة بوقف العدوان على أهلنا في غزة .

اليوم يتكرر المشهد تحت القبة فهندسة كتل ومواقع مجلس النواب ستصب في صالح جبهة العمل مرة آخرى ، إذ سيظهر حزب جبهة العمل كحزب معارض رافض لهيمنة الدولة ومناصراً لصوت الشعب وممثلاً حقيقياً له ، بالمقابل باقي الأحزاب تسير وفق التعليمات مكررة مشهد مجالس نواب سابقة تم خلالها إقرار قوانين مؤثرة ومرفوضه شعبياً ونخبوياً خلال جلسة واحدة .

هذا هو المشهد الذي سيراه الشارع الإردني وسينطبع في ذاكرته ، وبالتأكيد سيكون صاحب الفصل في الإنتخابات القادمة والتي نتوقع أن تكون أيضاً نزيهة وشفافة . وعندها ستحصد جبهة العمل عدد أكبر من المقاعد خصوصاً وأن المقاعد التي ستنتخب على أسس حزبية سترتفع الى 50% من مقاعد المجلس .

الحل بالسماح بإطلاق جناح آخر للمشهد السياسي ، جناح يقدم خطاب سياسي واضحاً ، على الأغلب يسار جديد يتحدث بلغة أردنية يفهمها الشارع ولا تخيفه ، يكون أولوياته الأردن بعيدا عن الشعبويات ، يخاطب المجتمع الأردني بكافة أطيافه ، اسمر يشبه الأردن .

إن أردنا أردن قادر على مواجهة التحديات لا بد من إطلاق عملية ديمقراطية حقيقيه وأحزاب تقدم وجهة نظرها السياسية ومن ثم البرامجية ، أردن يتنافس على انتخاباته أحزاب ممثلة للوطن ، تحترم عقول أبنائه ، وتعبر عن وجهة نظر الشارع بطرقها وبرامجها السياسية المتنوعة تنوع الوطن .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.