وزير الداخلية الفراية طوق المنصب بأخلاقه وإنسانيته
مهدي مبارك عبدالله
=
بقلم /مهدي مبارك عبد الله
عرفه الناس ببزته العسكرية ورتبته الرفيعة كضابط كفوء يتحدث بأسلوب هادئ ورزين بعدما لمع نجمه في ظل أزمة كورونا المستجد كـ ( مدير عمليات خلية الازمة ) ذلك المصطلح الذي كان جديدا علينا فضلا عن عودة اوامر الدفاع التي غادرتنا منذ زمن بعيد حيث فرضتها خطورة الجائحة التي حملت العميد الركن في حينه ( مازن عبد الله هلال الفراية ) للواجهة ليتم تعيينه في 27 / 9 / 2020 نائباً لسمو الأمير علي بن الحسين في المركز الوطني للأمن وإدارة الازمات
منذ اطلالته الاولى بدى رجلاً مثقفا وحازماً أعاد بشخصية الفذة لمركز الأزمات حضوره الفاعل بعدما غُيب طويلا ليصبح بيتا للخبرة والريادة والقيادة وقد لمسنا وشاهدنا تعامله الراقي أثناء الحظر الجزئي الذي كان مفروض في البلاد على عموم المواطنين والمقيمين دون استثناء وكيف كان يرشد ويوعي للالتزام بتعليمات الدولة ممثلة بوزارة الصحة
تولى الجنرال الفراية العسكري النبيه والبسيط والصارم المولود في قرية الجديدة بمحافظة الكرك عام 1969 والمتخرج من جامعة مؤته الجناح العسكري عام 1992 العديد من المهمات العسكرية الدقيقة خلال أكثر من 25 عام امضاها في أهم وأغلى مهنة في القوات المسلحة الاردنية تعلم فيها معنى العسكرية الجادة روحا والإدارة الراشدة وجدانا والذود عن حمى الوطن بسالة والايمان بأنفة العسكر قبل زيهم وهيبتهم وسلاهم
في التعديل الثاني لحكومة الخصاونة اصبح الفراية اصغر وزراء الداخلية سناً في الثلاثة عقود الاخيرة وقد واجه التحديات والصعاب بقوة وصلابة وفي مقدمتها خوف وخشية البعض من مفهوم ( العسكرة والجمود والتسلط ) من اتباع التيار المدني حيث استطاع بحبه للتحديث والتنوير وكرهه للفساد والترهل ورفضه لأي انفاق في غير مكانه وبحنكة وتخطيط نقل الوزارة ذات الطابع الامني والسيادي إلى عالم جديد يستوعب الرقمنة والتكنولوجيا وتعظيم التنمية وتطوير عمل الحكام الإداريين وانشطة الوظائف
اضافة الى حرصه على متابعة ملف حقوق الإنسان واتباع سياسة الباب المفتوح والتواصل مع المواطنين وبحث الشكاوي المقدمة منهم وايجاد الحل الفوري والعاجل لها وتطبيق روح القوانين في المعاملات ( الانسانية الحرجة والطارئة ) وان تكون خدمة المواطنين في جميع قطاعات الوزارة نموذجا يحتذى في سرعة الانجاز ودقة العمل واتقانه بعيدا عن عقلية القسوة والتسلط والعنجهية والشطط
كما ساهم الفراية بشكل واضح في مد جسور التعاون والتشاركية مع المؤسسات والجهات والأهلية وتابع تفعيل وحماية وتعزيز المناخات الاستثمارية وانجاز بنود وثيقة العطوة والعمل بعزم وإرادة ضد من تسول له نفسه النيل من أمننا وإنجازاتنا الإنسانية ومكتسباتنا الوطنية لتتجاوز الداخلية في عملها وبقصة نجاح وطنية مشهودة دورها التقليدي الرتيب لتقدم أكثر من ما هو مجرد اصدار لتصاريح التنقل او الموافقات الامنية او غير ذلك مما هو معلوم
بتواضعه الجم واصراره الذي لا يلين رفض الوزير الفراية منذ البداية وبعيدا عن التكلف والغرور الرضوخ لنمط السلوك السائد بانه ينبغي على الوزير النأي بنفسه عن المساهمة في الامور الحياتية للمواطنين والاقتصار فقط على مسؤولياته الوظيفية كوزير يشغل منصبا عاليا لا يستحب معه خوضه في دقائق المجتمع اليومية وظل يصر في عمله على الدعم والمشاركة والانتقال من إنجاز إلى إنجاز ومن مبادرة إلى أخرى
لان الوزير في النهاية هو انسان وشخص يتمتع بقدرات معينة علاوة على انه موظف عام يحمل على كتفيه مسؤوليات جسيمة تحتاج منه الحضور والمتابعة باستمرار ولو على حساب حياته الشخصية مع ضرورة ادراكه التام بان للمجتمع دور هام في إنجاح التوجهات المتعلقة بالإصلاح والتحديث والتطوير وتعزيز نظرية الامن الوطني الشامل
الأردن وعلى المستويين الرسمي والشعبي يتعامل مع الأزمات والاحتياجات الانسانية باعتبارها رسالة إنسانية ومهمة نبيلة أساس الالتزام بها إنسانيته وعقيدته ورؤيته كدولة متحضرة وهي جزء من القيم التي تمثل الإرث الذي يفتخر به أمام العالم وحجر الزاوية في بنيان أي مجتمع ونجاح أي دولة خاصة وان لديه قيادة هاشمية حكيمة تعمل بقلوبها وعقولها وانسانيتها لخدمة ومساعدة ابناء العروبة والبشرية جمعاء
ولهذا ووفقا لرؤية وتوجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني وفي لمسة إنسانية عميقة ولافتة ثمنها عاليا ( المركز الوطني لحقوق الإنسان ) استجاب قبل ايام وزير الداخلية الفراية لاستغاثة ابنة عامل عربي وافد مصاب بالسرطان صدر بحقه قرار ابعاد عن الأراضي الأردنية حيث قام الوزير على الفور بإلغاء قرار الإبعاد الصادر بحق الوافد لذات العلة والأسباب الإنسانية ولمتابعة علاجه في وطنه الثاني وامام ذلك لا بد ان نشيد بهذه الفتة الانسانية العظيمة التي تستحق الشكر والثناء ونتمنى ان تتكرر وان تكون نهجا تسير عليه الوزارة في مستقبل الايام داعين ان يبارك الله بمن سن سنة حسنة حتى يكون له اجرها واجر من سار بها الى يوم الدين
التصرف المسؤول والإنساني والأبوي الحاني لوزير الداخلية الفراية الذي اتخذ العديد من القرارات الإنسانية والمثالية بفترة زمنية قصيرة جداً نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر توجيهه المحافظين الى اطلاق صراح مئات الموقوفين اداريا لإعطائهم فرصة جديدة للاندماج في المجتمع وسماحه بتقديم مطاعيم كورنا للوافدين بدون النظر الى صلاحية اقاماتهم أو تصاريح عملهم وكم كان لافت ومشجع اصطحابه نجله لتلقي لقاح فيروس كورونا ليكون قدوة حية للأخرين المترددين خوفا وتشكيكا من تلقي اللقاح
وكذلك تخصيصه يوم مفتوح للاستماع لقضايا وشكاوي المستثمرين ودعم ومتابعة مشاريعهم وتوفير الحماية الأمنية لهم وهو ما ترك اطيب الاثر والتقدير في نفوسهم وعزز مسيرة استقراهم وتنمية وتوسيع اعمالهم ولا يفوتنا ايضا استذكار زيارته لطفلي حي نزال الذين تعرضا لاستنشاق الغاز المسيل للدموع بعد إطلاقه من قبل الأجهزة الأمنية على المحتجين في المنطقة لتفريقهم وكذلك تعميمه رقم الهاتف ( 0790333066 ) على تطبيق الواتس اب لتلقي شكاوى المواطنين حول أي موضوع أو قضية تتعلق بالمعاملات والخدمات التي تقدمها الوزارة ولتمكينهم من ايصال شكواهم بأسهل الطرق وأيسرها ليصار إلى النظر بها ومعالجتها واتخاذ القرار المناسب بشأنها وفقا للقوانين المتبعة وتحقيقا لمبدأ الشفافية والحاكمية الرشيدة
اختم في هذا الجانب بما رواه المواطن صالح الرواشدة وانقل على لسانه حرفيا ما صرح به خلال اتصاله مع الإعلامية فرح يغمور عبر إذاعة صوت الغد حول تفاصيل اللفتة الإنسانية التي قام بها الجنرال الفراية عندما كان يعمل مديرا لعمليات خلية أزمة كورونا في المركز الوطني للأمن
حيث قال الرواشدة في حديثه علمت من عائلتي بإربد خبر وفاة شقيقي وانا اسكن في عمان وعلى الفور حاولت الدخول الى التسجيل الإلكتروني لطلب تصريح دفن لمدة 4 ساعات واخيرا حصلت عليه إلا أنني لم اكن املك وسيلة نقل للوصول إلى إربد وفي تلك الاثناء حصلت على رقم هاتف العميد الفراية واتصلت به وشرحت له الموضوع فأخذ عنوان منزلي ولم تمض دقائق حتى وجدته أمام منزلي وقام باصطحابي لإربد بسيارته الخاصة وأوصلني لباب العزاء وقبل توديعي وتعزيتي طلب مني الاتصال به بعد انتهاء العزاء من أجل تأمين وسيلة نقل تعيدني الى عمان
كل هذا وغيره الكثير يثبت مدى اهتمام وحرص الفراية على الإحاطة بجميع فئات وشرائح المجتمع خصوصاً الفئات التي ضلت طريقها في الحياة واتعبتها الاحزان والاوجاع واعياها الفقر والمرض والغربة وهو يعطي درسا واضحا في الهواء الطلق كيف يجب ان تكون انسانية واخلاق المسؤول الذي يحمل الأمانة التي ادى القسم ان ينفذها امام الملك ليكون خير من يمثل وزارته
الكثيرون استبشروا خيرا بقدومه وقالوا علانية ان الجنرال الفراية أتى لوزارة الداخلية لمساعدة الناس وتذليل كل الصعاب عليهم وتسهيل وتبسيط التحديات امامهم ولم يأت للتعقيد أو استخدام سيف القانون سواء بحق أو من غير حق وهو المعروف بجديته وبساطته وشهامته وتعامله بالمنظور الإنساني البحت وبقلب يعمره الإيمان والإخلاص والرحمة ومثل هذا غير مستغرب منه
لقد اثبت وزير الداخلية الفراية بما لا يدعوا الى الشك اننا في مرحلة جديدة يتجلى ويتجسد فيها الشعور الانساني بابها صوره من خلال متابعة جميع المشاكل وخلق الحلول الممكنة لها والعلم انه اذا كانت مساندة ومساعدة المحتاجين عبر العالم مهنة ووظيفة للكثيرين فهي في الأردن العروبي ( رسالة نابعة من قناعة راسخة ) بأن الإيمان لا يكتمل دون أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك
نتذكر اليوم في هذه السطور بالتقدير والعرفان هذا الوزير المثالي المحبوب ونطرز بعبارات المحبة والوفاء جهوده الخيرة في إرساء دعائم الانسانية وأعاده الوزارة لوهجها المشرق ودورها الفاعل وأهدافها المنشودة فنعم الوزير الفراية الذي زرع الفرحة والابتسامة وبدد الحزن والغمامة وزرع الأمل والحياة بفخر مستحق
خاصة وانه لم تغيره او تبدله المسميات او المواقع وبقي على الدوام وفي كافة المحافل صاحب مبدأ واضح وقرار راسخ كالطود الشامخ والجبال الراسيات لا تعنيه سبل واليات الاستعراض والضجيج وتسجيل مواقف البطولة المزيفة كما لم تخدعه الشكليات والكلام المعسول والألفاظ البراقة عرفناه
المراقبين للمشهد الداخلي آنذاك اعتبروا قرار رئيس الوزراء بشر الخصاونة ضم العميد الركن الأسبق مازن الفراية الى فريقه الوزاري خيارا موفقا لما يملكه الرجل من خبرة أمنية وإدارية طويلة وناجحة تشهد له بالكفاءة والاقتدار فضلا عن انه شكل إضافة تكنوقراطية جيدة للحكومة في واحدة من أهم الوزارات السيادية الثقيلة والذي لم يدخلها بكشرة معقدة لدواعي إثبات الذات والهيبة الفارغة ولم يحمل في جيبه أجندة خاصة لتصفية الحسابات بالنقل والتهميش والإقالات
للمصداقية المجردة نقول بان هنالك صفات عديدة اجتمعت في شخصية الوزير الفراية قل أن تجد مثلها عند غيره والمتابع والمراقب لأعماله وإنجازاته يعرف أن ما ذكرته واقع حقيقي مشاهد يوميا وليس كلاما الهدف منه الاستعراض أو المجاملة
وان كل ما كتب اعلاه أملاه علي ضميري وقراءتي للمشهد الوطني على كل ما فيه وإنني لا اعرف الرجل مطلقا وهو لا يعرفني أيضا لا من قريب ولا من بعيد وليس لي اية مصلحة او منفعة او مكسب ارجوه عنده وكل حرف وكلمة قلتهما هما جزء من قناعتي وإيماني وشيء من الحق الذي ينبغي أن نحيا ونموت عليه حتى لو بقي محبوس في النفق المظلم دون ان نرى بصيصه الى يوم القيامة
حفظكم الله ورعاكم ووفقكم دائما لخدمة الوطن والمواطن في ظل سيّد البلاد الملك عبد الله بن الحسين الثاني حفظه الله ورعاه
mahdimubarak@gmail.com