ومات ابو علي بائع الكتب يوم الجمعة


امجد فاضل فريحات

يلقبه العمانيين مدبولي الأردن ، حسن أبو علي صاحب اقدم كشك لبيع الكتب في الأردن ومنذ ستون عاما وهو رابض في هذ المكان مابين بائع للصحف والجرائد إلى أن استقر به الحال إلى جانب حلويات محمود حبيبة ، ليجتمع غذاء الجسد إلى جانب غذاء العقل والروح ، وعند ابو علي تجد الكتب الفريدة والمخطوطات النادرة ، والمعلومات المهمة .

طلبة الجامعات ومن كانت ظروفهم لاتقوى على شراء الكتب كانوا يأتون إلى ابو علي من كل الجامعات في كشكه الشبيه بقلعة الثقافة ومنهل العلم كانوا ياتون ويعيرهم الكتب مقابل مبلغ رمزي تضامنا ومراعيا ظروفهم القاهرة ، مشجعا لهم على مواصلة تعليمهم حيث لا مستحيل في سبيل الحصول على الشهادة الجامعية والشهادات العليا .

ابو علي جزء من ثقافة عمان وتراثها وعبقها الثقافي واروقتها الفكرية ، وابو علي لم يكن ييأس في يوم عندما كان الطابور يمتد لنهاية الرصيف لتناول الحلوى لدى حلويات حبيبة بل كان على قناعة أن واحد أو اثنين اوثلاثة من هذا الطابور الطويل سيعرج على كشكه وسيكون لهم شأن عظيم لانه مقتنع بمقولة : أن خير جليس في الزمان كتاب .

ومما قيل في حضرة جنازته المهيبة :رحمة الله عليه، كان المسؤولون يتشرفون بأخذ الصور معه في حياته… وفي جنازته لم يظهر أحد .مسجد.. وجسد مسجى.. نفس مطمئنة.. راضية مرضية.. روح بريئة إلا من محبة الناس.. كل الناس.. لكن “ابوعلي” مات..!الحزن يليق بمن رحل.. كانت “سحاب” على اطراف عمان.. تستقبل ضيفها.. شيعناه، دفناه، ودعناه.. يرقد الآن وحيدا بكل ذكرياته.. لكن بالله عليكم.. “لا تضايقونه”.. بالله عليكم..!“مساكين عمان” و”وجهاء المدينة وتجارها.. ابوسالم العقايلة، مازن الشربجي، هاني حبيبة، وليد سليمان “الصحفي”، ابوسماحة.. وغيرهم كانوا هناك.. عمران الذهبي.. ارتدى ملابس قاتمة.. عزف الصداحون “لحن الرجوع” الأخير.. وتم غرس اشجار الزيتون..المفارقة الوحيدة ان “الدولة” و”الحكومات”.. بلا مبدأ.. بلا وفاء.. لم يشاركوا في تشييع جثمان من اعطى للأردن.. وخدمهم بشرف وأمانة.. لكن ربما لم يحضروا إلى “حفل الوداع” خوفا ان تتسخ احذيتهم “الإيطالية” بالطين!.. لكن لا نعتب ابدا.. لأن “الجحود” ديدنهم ومبدأهم.. لا تستغربوا… ما عندهم وفاء..!“بياع الكتب”.. مات.. لكنه مات شريفا، عفيفا،.. لم يكن من لصوص المال العام، ولا من سماسرة العطاءات، وزعران المناصب.. غادرنا نقيا.. خدم الوطن بأمانة وإخلاص..!هو اصلا يعرف تلك الثلة الفاسدة على حقيقتهم السوداء.. كان يقول : هؤلاء شلة زعران.. اقترفوا جميع الموبقات.. جميعها.. والله..!ابوعلي مات.. خلونا ساكتين.. حط الشام.. يا عيب الشووم.. انسى الطابق.. دولة وحكومات بلا وفاء.. عذرا حسن ابوعلي.. انت اشرف منهم جميعا..

رحم الله ابو علي فقيد الكتاب والمخطوطات والمعلومات النادرة والتي قل سعرها لأنها لم تعد غذاء للروح ولا مزهرية جميلة نزين بها مكتباتنا التي كنا نفاخر بها من يزورنا لنريه رأسمالنا الذي كنا نملكه .

 

التعليقات

  1. محمد يقول

    رحمه الله

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.