يوم الشباب العالميّ


د .عريب هاني المومني

=

يُعدّ يوم الشباب العالميّ، الذي يُحتفل به سنوياً في الثاني عشر من شهر آب، فرصةً لتسليط الضوء على إسهامات الشباب في المجتمع وتعزيز دورهم في تحقيق التنمية المستدامة. تحت شعار “من النقر إلى التقدّم: مسارات الشباب الرقميّة للتنمية المستدامة”، يأتي الاحتفال هذا العام 2024م ليُؤكّد على الدور المحوريّ الذي يلعبه الشباب في عصر التكنولوجيا والابتكار.
في هذا العام، وتزامناً مع احتفالات المملكة الأردنيّة الهاشميّة باليوبيل الفضيّ لتسلّم جلالة الملك عبد الله الثاني سلطاته الدستوريّة، تبرز إنجازات الأردن في قطاع الشباب كرمزٍ للجهود المُستمرة في تمكين الشباب وتعزيز دورهم في بناء المستقبل. وقد عكس الدستور الأردنيّ لعام 1952م وتعديلاته هذا الالتزام من خلال نصوص تُوفّر ضمانات قانونيّة لجميع المواطنين، بما في ذلك الشباب، حيث نصّت الفقرة السابعة من المادة السادسة منه على أن: “تكفل الدولة تعزيز قيم المواطنة والتسامح وسيادة القانون وتكفل ضمن حدود إمكانيّاتها تمكين الشباب في المساهمة في الحياة السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة وتنمية قدراتهم ودعم إبداعاتهم وابتكاراتهم”، إلى جانب الأحكام القانونيّة التي كفلت الحق في المساواة والتعليم والعمل، هذه النصوص تعكس الأسس القانونيّة التي تدعم تطوير مهارات الشباب وقدراتهم بما يتناسب مع متطلبات العصر الرقميّ.
في ظلّ الاحتفالات باليوبيل الفضيّ، يبرز اهتمام جلالة الملك عبد الله الثاني بالشباب الأردنيّ بوضوح، فيعمد جلالته بشكلٍ مُستمرٍ على ترتيب لقاءات مع الشباب؛ ليستمع لهم ويُؤكّد على دعمهم وتحفيزهم، كما أعرب جلالته في عدّة محافل ولقاءات على دور الشباب وضرورة العمل على تمكينهم في كافّة المجالات، إذ وجّه جلالته في العام 2007م رسالة إلى شباب الأردن بمناسبة اليوم العالميّ للشباب تضمّنت هذه الرسالة التأكيد على دور الشباب في صناعة المستقبل حيث قال: “يا شباب الأردن الغالي. اعلموا أنّ مستقبل الوطن بين أيديكم وأنّكم من أبرز صُنّاعه. وأنتم نعم من يحمل هذه المسؤوليّة”، كما جرى تأسيس مراكز خاصّة بالشباب في كافّة محافظات المملكة، وهذا يعكس التزام جلالة الملك بدعم الشباب وتمكينهم لتحقيق التقدّم والنموّ في ظلّ التحوّلات العالميّة.
واستمرّ دعم جلالة الملك للشباب حتى يومنا هذا، إذ انبثق عن اللّجنة الملكيّة لتحديث المنظومة السياسيّة التي شُكّلت في العام 2021م لجنة فرعيّة خاصّة بالشباب أُطلق عليها “لجنة تمكين الشباب”، صدر عنها مجموعةٌ من التوصيات لتمكين الشباب في مختلف الحقول السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة والاجتماعيّة. وكان من مخرجات اللجنة الملكيّة إجراء تعديلات على الدستور الأردنيّ والتشريعات الناظمة للحياة السياسيّة في المملكة، وأهمّها قانون الانتخاب لمجلس النواب وقانون الأحزاب، هذه التعديلات التي جاءت بضمانات قانونيّة لمشاركة الشباب على وجه الخصوص في الحياة السياسيّة، وعزّزت حالة الديمقراطيّة في المملكة، ومن أبرز التعديلات التي تمّ إقرارها تخفيض سن الترشّح إلى مجلس النواب إلى (25) عاماً، واشتراط وجود شاب/ة أقل من (35) عاماً ضمن أوّل خمسة مُترشّحين في القائمة النسبيّة المغلقة (القائمة العامة).
إنّ إنجازات الأردن في قطاع الشباب تُجسّد مدى التقدّم الذي حقّقته المملكة، حيث تمّ تطوير العديد من المبادرات والبرامج والسياسات التي تدعم الشباب في العديد من المجالات، ومنها التعليم والتكنولوجيا والعمل. ومع التحوّل الرقميّ الذي يشهده العالم، أصبحت التكنولوجيا أداةً حيويّة في تعزيز التنمية المستدامة من قِبل الشباب، إذ يجدُ الشباب الأردنيّ اليوم فرصاً جديدة في مجالات مثل التعليم الإلكترونيّ، والتجارة الرقميّة، والعمل الحرّ عبر الإنترنت، ممّا يُتيح لهم استثمار مهاراتهم لتحقيق نموّ اقتصاديّ مُستدام، ومن خلال استغلال التكنولوجيا بشكل فعّال، يُمكن للشباب أن يسهموا في بناء اقتصاد رقميّ قويّ يدعمه الابتكار والتطوير المستمر.
أمّا على الصعيد السياسيّ، ومع اقتراب الانتخابات النيابيّة المُقرّر عقدها في العاشر من شهر أيلول المُقبل، تتعاظم أهميّة مشاركة الشباب في العمليّة الديمقراطيّة. فالانتخابات تُمثّل فرصةً حقيقيّةً للشباب ليس فقط للمشاركة بصوتهم، ولكن أيضاً لتوظيف خبراتهم الرقميّة في الحملات الانتخابيّة، ونشر الوعي حول أهمية المشاركة السياسيّة باستخدام الطرق التقليديّة والإلكترونيّة. فيُمكن للتكنولوجيا الرقميّة أن تكون أداة فعّالة في يد الشباب للتأثير في مستقبل البلاد من خلال التعبير عن آرائهم، ومساهماتهم بطريقةٍ مبتكرة.
في الختام، يتعيّن على الأردن أن يستثمر في الشباب من خلال دعم وتعزيز المبادرات الرقميّة وتطوير البنية التحتيّة اللّازمة، وعلى المسؤولين في اختلاف مواقعهم التقاط إشارات ورسائل جلالة الملك في دعم الشباب وتمكينهم، وذلك يكون من خلال تمكين الشباب للاستفادة من التكنولوجيا بشكلٍ كاملٍ؛ من أجل تحقيق التنمية المُستدامة، واستكمال مسيرة التحديث في كافّة المجالات.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.